Print this page

عقب قمة بوتين ترامب: انتقادات تجبر ترامب على التراجع وموسكو تطالب بأدلة على تدخلها في الانتخابات

أظهر استطلاع للرأي أن ما يربو على نصف الأمريكيين لا يوافقون على الطريقة التي يتعاطى بها الرئيس، دونالد ترامب، مع العلاقات مع روسيا.وجاء الاستطلاع، الذي

أجرته «رويترز/إبسوس»، بعد قمة ومؤتمر صحفي مثيرين للجدل بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.بيد أن أداء ترامب في قمة هلسنكي، حيث رفض تحميل بوتين المسؤولية عن التدخل في الانتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2016، وشكك في نتائج أجهزة المخابرات الأمريكية، لم يكن له تأثير فيما يبدو على شعبيته بشكل عام.

فقد قال 42 بالمئة ممن جرى استطلاع آرائهم إنهم يؤيدون أداء ترامب في المنصب مقارنة مع متوسط يومي بين 40 و44 بالمائة منذ بداية جويلية.ووجد الاستطلاع أن 55 بالمائة يرفضون طريقة تعاطي ترامب مع العلاقات الروسية، في حين أقرها 37 بالمائة.وفي أوساط الجمهوريين أيد 71 بالمائة طريقة تعامل الرئيس مع الملف الروسي مقابل 14 بالمائة بين الديمقراطيين.وأظهرت نتائج الاستطلاع أن ترامب لا يزال يحظى بدعم واسع بين الناخبين الجمهوريين على الرغم من الانتقادات، التي وجهها له زعماء الحزب بسبب كلماته وأفعاله خلال رده على الأسئلة في المؤتمر الصحفي مع بوتين.

وفاجأ ترامب حتى مؤيديه عندما أشاد بالزعيم الروسي خلال المؤتمر الصحفي على نفيه «القوي» للتدخل.وحاول الرئيس الأمريكي امس الاول، تهدئة العاصفة السياسية التي أعقبت تصريحاته، قائلا إنه أخطأ التعبير في المؤتمر الصحفي وإنه يضع ثقته الكاملة في أجهزة المخابرات الأمريكية.

روسيا تطالب بادلة
من جهته طالب السفير الروسي لدى الولايات المتحدة اناتولي انتونوف، واشنطن بتقديم الأدلة على صحة اتهامها لموسكو بالتدخل في الانتخابات الأمريكية.
ونقلت وكالة أنباء «تاس» الروسية، عن انتونوف قوله امس الأربعاء «إن ادعاءات واشنطن بشأن تدخل موسكو المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مجرد هراء، وبغض النظر عن عدد الاتهامات، فإن المطلب الرئيسي هو تقديم الدليل».
وأضاف «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفى ذلك بوضوح في المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في هلسنكي».من ناحية أخرى قال رئيس لجنة الأسواق المالية في مجلس الدوما الروسي أناتولى أكساكوف، إن قرار تخفيض الاستثمار الروسي في الديون الحكومية الأمريكية قد يكون بسبب الرغبة في تقليل المخاطر المرتبطة بالاستثمار في الأوراق المالية الأمريكية، مشيرا إلى أن سلوك المؤسسة الأمريكية يثير التساؤلات.وحول الخطوات الإضافية التى سيتخذها بنك روسيا المركزي بعد تخفيض استثماراته فى الأصول الأمريكية قال أكساكوف: «أعتقد أن الاستثمارات في اليوان (الصيني) سوف تتوسع، والفرنك السويسرى قد يزيد فى حصة الاستثمارات كأقوى عملة، وسينشط شراء الذهب بصورة كبيرة».

ترامب يتراجع
كما تراجع الرئيس الأمريكي عن تصريحات أثارت جدلا بشأن عدم تورط روسيا في التدخل بالانتخابات الأمريكية، قائلا إنه أخطأ التعبير وكان يقصد العكس تماما عندما قال في هلسنكي إنه لا يرى مبررا للتدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016.
وبعد ليلة من الانتقادات التي أطلقها حتى مسؤولون من الحزب الجمهوري، قال ترامب في البيت الأبيض للصحفيين إنه كان يعني أنه لا يرى مبررا لأن لا تكون روسيا «مسؤولة».وأكد الرئيس الأمريكي أنه يقبل باستنتاج الاستخبارات الأمريكية بأن روسيا تدخلت في الانتخابات، لكنه نفى أن تكون حملته قد تواطأت في هذا العمل.
وتحدث ترامب بعد يوم من عودته إلى الولايات المتحدة والإدانة العالمية الكاملة تقريبا لأدائه بجانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي.

وقال بوتين إنه كان يريد أن يفوز ترامب بالسباق ضد الديمقراطية هيلاري كلينتون.وفي هلسنكي، لم يصدر ترامب أي إدانة لتدخل روسيا ورفض القول إنه يصدق أجهزة الاستخبارات الأمريكية بشأن التدخل الروسي.وفي هذه الأثناء، وصف زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل حلف شمال الأطلسي بأنه «التحالف العسكري الأكثر أهمية في التاريخ».
وفي تصريحات للصحفيين ، قال ماكونيل «إن الدول الأوروبية أصدقاؤنا والروس ليسوا كذلك».وأكد ماكونيل أن هناك «أدلة لا جدال فيها» على أن روسيا حاولت التأثير على الانتخابات الرئاسية لعام 2016.وقال إن مجلس الشيوخ يدرك «التهديد الروسي» وهذا هو «الرأي السائد هنا في مجلس الشيوخ الأمريكي بين أعضاء الحزبين».
بين حلفائه المربكين وخصومه الذين اشاد بهم والطبقة السياسية الاميركية القلقة، سرعَّت الجولة الاوروبية لدونالد ترامب ومحاولة تقربه من فلاديمير بوتين الفوضى الدبلوماسية الكبيرة التي ارادها رئيس الولايات المتحدة الخارج عن المألوف، لكنها اثارت على ما يبدو مقاومة جديدة في واشنطن.

العلاقات الامريكية الروسية
فعندما توجه الى هلسنكي لعقد القمة مع نظيره الروسي الاثنين، قال ترامب انه يريد تحسين العلاقات مع روسيا، التي وصفها بانها اسوأ من أي وقت مضى.
كنت لديه فرصة للضغط على بوتين في عدد من القضايا بما فيها مسألة ضم شبه جزيرة القرم الى روسيا واسقاط الطائرة الماليزية في شرق اوكرانيا والاتهامات بالتدخل في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2016 في الولايات المتحدة لمساعدة ترامب على الفوز على هيلاري كلينتون.
وبعد اجتماع استمر ساعتين، وافق رئيسا الدولتين على احياء التعاون الثنائي وتحسين العلاقات، بدون ان يذكرا اي قضايا محددة.

ويعتبر بعض المراقبين ذلك مصدر ارتياح. فقد كانوا يخشون ان يوافق ترامب على تنازل ما بشأن القرم او اتفاق ضمني حول سوريا.كان ترامب قد وعد خلال حملته الانتخابية بتحسين العلاقات مع روسيا، لكن قمة هلسنكي لم تقدم الكثير للحد من الشبهات بالتواطؤ بين اعضاء في فريق حملته والكرملين.
وهذه العلاقات التي تثير الشبهات ونفاها ترامب باستمرار، تخضع لتحقيق يسمم ولاية الملياردير في البيت الابيض.
وفي المؤتمر الصحفي مع فلاديمير بوتين، بدا ترامب وكأنه يعطي اهمية اكبر لانكار الرئيس الروسي، من تقارير اجهزة استخبارات بلده التي تؤكد ان روسيا تدخلت فعلا في الانتخابات الرئاسية بينما اعترف بوتين انه كان يأمل في فوز نظيره.
وقال ايروان لاغاديك الاستاذ في جامعة جورج واشنطن لوكالة فرانس برس ان اداء ترامب في هلسنكي لم يسمح سوى بتعميق الشكوك، ونتيجة لذلك يمكن ان تتعطل محاولة ترامب تحسين العلاقات الاميركية الروسية.وحاول ترامب الحد من الاستياء في بلده موضحا انه اساء التعبير عندما اعتبر ان لا سبب لديه لعدم تصديق نفي بوتين تدخل موسكو في الانتخابات.
وقال ترامب «اوافق على استخلاصات اجهزة استخباراتنا التي تفيد ان روسيا تدخلت في انتخابات 2016»، مشددا على «احترامه» لهذه الوكالات الفدرالية.

صداقة وعداء
جاءت القمة في ختام جولة اوروبية انتقد خلالها ترامب شركاءه في حلف شمال الاطلسي وكذلك معالجة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لبريكست وحمل بعنف على المانيا، وكل هذا وسط حرب تجارية مع حلفائه منذ امد بعيد.
وبدا سعيه الى اقامة علاقة وثيقة مع بوتين الذي يفترض انه عدو، بدا متعارضا بالكامل مع ذلك.وقال توماس رايت مدير مركز الولايات المتحدة واوروبا في معهد بروكينغز ان رحلة ترامب في اوروبا «كشفت ان الرئيس لا يلتزم اي حدود ويعمل وفق ايمانه بدور امريكا في العالم».
وأضاف ان جهود كبار مستشاريه لاحتوائه فشلت و«ترامب بات مكشوفا».وقال لاغاديك من جهته، ان ترامب مصمم على تنفيذ وعوده ايا تكن حدودها. وتابع ان ترامب «يريد ان يكون نقيضا لاوباما» ويشطب كل القرارات التي اتخذها سلفه حتى اذا كانت تندرج في اطار عقود من التقاليد الدبلوماسية.

مقاومة جمهورية؟
لا تلقى معالجة ترامب للعلاقات مع بوتين تأييدا كبيرا حتى بين الجمهوريين اذ ان كثيرين منهم ذكروا الرئيس بان روسيا خصم للولايات المتحدة منذ فترة طويلة.
وكتب السناتور الجمهوري بوب كوركر في تغريدة على تويتر «قضي الامر». وأضاف كوركر الذي سيتقاعد هذه السنة «بينما يفرض الرئيس رسوما على الامريكيين يقوم بإبعاد حلفائنا وتعزيز موقع بوتين».
من جهته، رأى آرون ديفيد ميلر الدبلوماسي السابق الذي يعمل حاليا في مركز «وودرو ويسلون» ان المؤتمر الصحافي لترامب في هلسنكي كان «انعكاسا في السياسة الخارجية» للتعليقات التي اثارت انتقادات كبيرة العام الماضي وساوى فيها بين المحتجين المؤمنين بتفوق البيض وآخرين نظموا تظاهرات مضادة لهم بعد اعمال عنف عنصرية في شارلوتسفيل.
وقال ميلر «يومان من العار تحدث خلالهما الرئيس الأمريكي عن مساواة اخلاقية (بين البلدين واجهزتهما) وأخفق في ادانة خصم للأمريكيين ومجموعات كراهية، وخان القيم والمصالح الامريكية».وحذر اروان لاغاديك من ان «روسيا خط احمر لدى الطبقة السياسية الجمهورية، انها النقطة التي ستوقظ المقاومة».وتحدث لاغاديك عن فصل يمكن ان يغير «التوازن الداخلي للسياسات الاميركية ويجبر الكونغرس على استعادة السيطرة على جزء من السياسة الخارجية الامريكية».
وقال السناتور كوركر «حان الوقت لينتقل الكونغرس الى السرعة القصوى ويستعيد صلاحياته».لكن بما ان مصير العديد من السياسيين الجمهوريين مرتبط بشعبية ترامب لدى قاعدته الانتخابية، فان اي محاولة لكبح الرئيس يمكن ان تبوء بالفشل.

المشاركة في هذا المقال