Print this page

للحديث بقية: الرياض ورياح الاصلاحات

لا يزال قرار العاهل السعودي الملك سلمان بالسماح للنساء بقيادة السيارات يثير ردود افعال واسعة داخليا وخارجيا، وبغض النظر عن الأسباب التي دفعت السلطة الحاكمة في الرياض الى اتخاذ هذه القرارات « الثورية»، فالأكيد ان المرأة السعودية تبقى الرابح الاكبر وهي التي عانت لعقود طويلة من التهميش السياسي وحرمت من ابسط الحقوق والحريات على غرار قيادة السيارة او الخروج دون محرم ..

وحقيقة الحال فان هذا القرار الذي وصف بالتاريخي ، كان متوقعا بالنظر الى حزمة التحديثات التي بدأها الملك سلمان منذ ولايته وانتهاجه لخط مغاير للسائد فيما يتعلق بالحريات والحقوق الاجتماعية..وكانت الرياض طوال عقود طويلة، امام مرمى انتقادات منظمات حقوق الانسان الدولية فيما يتعلق بمكانة المرأة ووضعها . ورحبت «هيومن رايتس ووتش» اول امس بالقرار ودعت السلطات السعودية الى ازالة كل القيود المفروضة على المرأة معتبرة ان القرار يمثل انتصارا كبيرا للسعوديات.

تعرضن عديد الناشطات السعوديات الى الايقاف طوال السنوات الماضية ، بسبب محاولتهن كسر القيود و قيادة السيارة في حركات احتجاجية فردية عبر فترات زمنية متقطعة ..وواقع الحال فانه لا يمكن قراءة القرار بمعزل عن التحولات التي تشهدها المنطقة والضغوط والأعباء المسلطة على المملكة اكثر من اي وقت مضى ...فالرياض تعتبر نفسها امام خطر حقيقي يتهددها على حدودها مع اليمن والمتمثل بدعم ايران للحوثيين ..ولا يخفى ان انخراطها في حرب اليمن اثقل كاهلها بضغوط واعباء سياسية وامنية واقتصادية متزايدة ..علاوة على ملف انتقال الحكم والسلطة داخل العائلة الحاكمة ، فكان لا بد من ايجاد متنفس لكل هذا الاحتقان السياسي من نافدة الاصلاحات الاجتماعية وكسر بعض القيود امام المرأة ..ولا يخفى ان زيارة ترامب الاخيرة الى السعودية صاحبتها تغيرات سياسية واقتصادية ، تتنزل،في اطار خلق الظروف المؤاتية لعودة العلاقات بين البلدين بعد ازمة التصريحات التي اعقبت الشهر الاول من تولي ترامب الحكم ..

ويحيل عديد المراقبين هذه التحولات والقرارات السعودية الجريئة الى دوافع خارجية وضغوطات داخلية تسلط على المملكة من اجل الخروج بها من مناخ التشدد الذي يساعد على نمو الفكر المتطرف ، الى بيئة اكثر تسامحا وعدالة ..

 

المشاركة في هذا المقال