Print this page

للتطرف الفكري وجهان .. أحدهما مكشوف والآخر مقنّع

برز التطرف الفكري في وقت مبكر من تاريخ المجتمع البشري، حتى قبل أن تتعقّد التركيبة الإجتماعية سواء في منظومتها الفكرية أو في وسائلها الحياتية، لأن في أسباب التطرف الفكري ما ليس رهناً بالتركيبة الإجتماعية المعقدة، وإنما يتجسد في البيئة الساذجة على وجه التحديد . ولطالما وُجد التطرف الفكري لا كحالة في الفرد والمجتمع، و إنما كظاهرة

إجتماعية تتسع وتضيق حسب عوامل نشوئها، و حجم تفاعل هذه العوامل و تأثيرها . و لم يقتصر ذلك على صعيد معيَّن من أصعدة الحياة، و إنما يكاد يشمل أو يشمل بالفعل جميع الأصعدة، لأن التطرف الفكري يتحقق أينما تحقق سببه وعلى أي صعيد .
والتطرف الفكري هو الميل لافكار معينة واعتناقها والايمان بها رغم انها تخالف ما اتفق عليه من قوانين وما اشتهر من اعراف كأسس العدل والحرية والمساواة.

مظاهر الانحراف الفكري: القدرة على التضليل والخداع: ان الزعماء و بعض الرموز الفكرية المنحرفة تضلل وتخدع صغار السن و الجهلاء من العامة وتغرر بهم باستعمال اللغة الانفعالية في التأثير عليهم و تغييرهم و يحرصون على ان يتربوا ويتعلموا من صغرهم على خلق الاقتناع في نفوسهم بأن ما يقوله هذا الشيخ أو هذا الزعيم من المسلمات وغير قابل للنقاش.

تشويه الحقائق: الفكر المنحرف يتسم دائماً بقدرته على قلب المفاهيم وتشــــويه الحقائق وطمسها، وتقديم أدلة وبراهين غير كافية أو مناقضة للواقع، واستعمال الكلمات بمعان مُبهمة غير محددة أو بمعان متقلبة ومختلفة

تبرير الغايات: يتحقق التصور الشرعي من التكليف بامتثال أوامر الشارع واجتناب نواهيه، و لكنهم في خلاف ذلك فتراهم يقدمون النصح لقادتهم أو أتباعهم باستخدام أي وسيلة متاحة في الصراع على السلطة ويبررون لهم سفك الدماء على انه جهاد في سبيل الله أو يكفرون الناس ليستحلوا دماءهم وأعراضهم.
التبسيط المختل: المنحرف يعالج الأمور والأشياء بنظرة غير متوازنة، فينظر إلى توافه الأمور نظرة جدية وصرامة ويرى عظائم الأحداث بسطحية وتسفيه.

التناقض الفكري – السلوكي: السنتهم وفكرهم الذي ينشرونه يقول شيئاً وأفعالهم تقول شيئاً آخر مختلفا ومناقضا تماماً . إن للتطرف الفكري وجهين، أحدهما مكشوف والآخر مقنَّع، فكما يوجد التطرف الفكري المكشوف و الذي يمكن تشخيصه دون تعقيد، كذلك هناك التطرف الفكري المقنَّع الذي تضيع معه البوصلة، لا سيما إذا اتخذ صيغة علمية، وظهر بوجه حضاري، فيترك تأثيرا كبيرا و خطيرا في الشعوب والمجتمعات، و ربما يصل إضلاله حد تصور أنه النهج الصحيح، وما عداه هو الشذوذ والخطأ.

المشاركة في هذا المقال