Print this page

«إرهابي تائب» يحدث ضجة في فرنسا: «توبة» الإرهابيين محلّ أنظار الرأي العام الفرنسي

أحدث فريد بن يتو الإسلامي الراديكالي «التائب» ضجة في فرنسا بمشاركته في برنامج تلفزيوني حمل خلاله شارة صغيرة كتب عليها «أنا شارلي» بمناسبة ذكرى الهجمات الإرهابية ليوم 7 جانفي بباريس عام 2015 التي ذهب ضحيتها 10 صحفيين من جريدة شارلي هيبدو الساخرة.

وكان فريد بن يتو يعتبر قدوة للأخوين كواشي اللذين قاما بالهجمات على شارلي هيبدو والمتجر اليهودي «هيبر كاشار». وكما هو الشأن في تونس حيث يقوم جدل حول «توبة» الإرهابيين القادمين من سوريا وإمكانية رجوعهم إلى أرض الوطن، دخل الرأي العام الفرنسي في جدل واسع حول الإستراتيجية المثلى التي لزم اتخاذها تجاه الإرهابيين العائدين من سوريا بعد استرجاع مدينة حلب من قبل النظام السوري.

شارك فريد بن يتو في ما يعرف ب»شبكة لي بوت شومون» الإرهابية التي تم تفكيكها عام 2005 وحكم عليه إثر ذلك بأربعة سنين سجنا. بعد خروجه من السجن أعلن انسلاخه عن الحركة المتطرفة و»توبته». لكن هجمات شارلي هبدو أعادته الى الصورة بسبب الأخوين كواشي اللذين قاما بالعملية . وهما من أنصار فريد بن يتو الذي كان حاضنهما ومدربهما في خلية باريس قبل أن يعدل عن التوجه الجهادي. الشيء الذي فجر غضب الفرنسيين من ظهور فريد بن يتو على شاشة التلفزيون الفرنسي ورفعه لشارة «أنا شارلي» الشيء الذي لم تقبله عائلات الضحايا والجمعيات والمنظمات المعادية للإرهاب.

تجارب إزالة الراديكالية
منذ أن أسست الباحثة في العلوم الأنثروبولوجية دنيا بوزار مركزا لتجنب الانحرافات المتعلقة بالإسلام عام 2014 أقدمت على تشريك فريد بن يتو في عمليات الوقاية من التطرف لإعانة الشباب الفرنسي المطالب بالالتحاق بساحات القتال من قبل شبكات التهريب وإعانتهم على الخروج من العقلية الارهابية. وأكدت دنيا بوزار في عديد البرامج التلفزيونية وفي تقارير موثقة أن المركز ساعد أكثر من 3000 شاب فرنسي كانوا على حافة الانحراف الارهابي.

وعملت الحكومة الفرنسية على توفير المساعدات والتمويلات لخوض معركة الوقاية من التطرف الديني بتخصيص ميزانية قدرها 40 مليون يورو خصصت لدعم الجمعيات والمؤسسات التي تتعامل مباشرة مع الشباب والجامعات ومراكز الأبحاث لاستقطاب الباحثين المختصين في الشأن الإسلامي. من ذلك أن الجامعات الفرنسية قررت فتح 10 وظائف جديدة عام 2016 لأساتذة جامعيين باحثين في الشأن الإسلامي. الهدف الحكومي هو دفع البحوث نحو استنباط حلول عملية و ميدانية تساعد على إزالة التطرف الديني المتعلق بالإسلام. لكن العلاقة بين الباحثة دنيا بوزار ، التي أصبحت رمزا لهذا المشروع، والحكومة الفرنسية تبخرت إثر النقاش الدائر حول إزالة الجنسية الفرنسية من الفرنسيين حاملي جنسيتين لان الباحثة اعتبرت ذلك ضربا من اتهام كل المسلمين بالأعمال الإرهابية دون غيرهم.

أزمة رجوع الإرهابيين
وإن عدلت دنيا بوزار عن مواصلة تجربة «فرق التدخل المتحركة» الرسمية التي تسهر على إعانة العائلات المتضررة من تفشي الفكر السلفي الجهادي، فإنها أعادت إحياء مكتبها كخبيرة في الشأن الإسلامي الذي فتحته عام 2008 ووضفت فريد بن يتو لإعتانتها على مد يد المساعدة لمن ساهم في الدخول في شبكات راديكالية . وقالت الباحثة إن تجربة فريد بن يتو الشخصية ومعرفته بشبكات الإرهاب وبطرق عملها ساعد عديد العائلات الفرنسية وعديد الشبان لحمايتهم من التطرف وإعادة دمجهم في المجتمع. لكن هذه التجربة لا تزال محل تشكيك من قبل الجهات المتضررة من الإرهاب التي لا تقبل أن يصبح أحد أعمدة تفشي الإرهاب في البلاد شخصية وطنية ترمز للخروج من تلك العاهة.

وساهم كتاب «جهادي أنا، مشوار تائب» الذي نشرته مؤخرا دنيا بوزار بمعية فريد بن يتو في تأجيج الأزمة. و اعتبرت بعض وسائل الإعلام الفرنسي أن ما جاء في الكتاب هو عبارة عن معلومات غير جديدة تعرفها جيدا المخابرات الفرنسية. وأن الكتاب هو بمثابة تبييض للإرهاب بتقديمه في صورة اعترافات مغلفة بالتوبة. لكنه لا يرتقي إلى مستوى الحل الناجع لظاهرة التطرف الديني بقدر ما هو تلوين لصورة فريد بن يتو.

وبالرغم من الجدل القائم لا تزال السلطات تبحث عن الطريقة المثلى للتصدي لظاهرة التطرف الديني التي تولد اللجوء للعنف والانخراط في المجموعات الجهادية. و لا تزال الحكومة الفرنسية تواجه رجوع الارهابيين العشوائي من سوريا والذي وصل عددهم إلى 1500. مع العلم أن عدد الأشخاص في فرنسا تحت الحراسة المشبوه في انتمائهم للفكر التكفيري فاق 15 ألف نسمة.

المشاركة في هذا المقال