Print this page

بين المطالبة بالإنتداب النهائي والمقترحات البديلة: اجتماع اليوم بين اتحاد الشغل والحكومة لمواصلة مسار تسوية ملفّ عمال حضائر ما بعد 2011

يبدو انه ليس من السهل التوصل الى حلّ وتسوية ترضي كل الأطراف المتداخلة

في ملفّ عمال حضائر ما بعد 2011، في الوقت الذي يتشبّث فيه العمال بالإدماج في الوظيفة العمومية تطرح الحكومة كتسوية لوضعيّتهم مقترحات بديلة عن مطلبهم الذي تعتبره معاكسا لتوجهها في التخفيض في كتلة الاجور اما اتحاد الشغل فهو لا يستطيع الموافقة على ما يرفضه المعنيون بالأمر. هذه الإشكالية سيقع مواصلة النظر فيها خلال اجتماع اليوم بين الحكومة والإتحاد في إطار لجنة 5 زائد 5.

ينعقد اليوم الإثنين إجتماع اللجنة 5 زائد 5 بين الإتحاد العام التونسي للشغل والحكومة لمواصلة مناقشة التصورات لتسوية وضعية عمال حضائر ما بعد 2011 حيث سيردّ ممثلو إتحاد الشغل على ما إقترحته الحكومة خلال الإجتماعات السابقة من حلول لتسوية ملفّ التشغيل الهشّ الاكثر تعقيدا في ظلّ مطالبة المعنيين بتسوية كالتي شملت بقية آليات التشغيل الهشّ من الآلية 16 والآلية 20 وغيرها.

مسار تسوية عمال حضائر ما بعد 2011 إنطلق فعليّا منذ توقيع إتفاق 27 نوفمبر 2017 بين امين عام الإتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، حيث تم تشكيل لجنة فنية ثلاثية بين الإتحاد والحكومة لتحديد العدد الدقيق لعمال حضائر ما بعد الثورة بإعتبار ان عددهم كان محدّدا وفق الأجور التي تصرفها الحكومة للمسجّلين في القائمات، ويبلغ 84 الف عامل موزعين الى 54 الف عامل كعمال حضائر جهوية وحوالي 30 الف عامل في الحضائر الفلاحية.

لكن بعد الجرد الذي قامت به رئاسة الحكومة لتحديد العدد الفعلي لعمال حضائر ما بعد 2011 المباشرين وفق قائمات سنتي 2016 و2017 تم حذف حوالي 9 آلاف عامل غالبيتهم العظمى من الحضائر الجهوية من لائحة المعنيين بالتسوية، حيث اكتشفت الحكومة بعد التثبّت في قائمات المباشرين من عمال حضائر ما بعد 2011 ان حوالي 2000 منهم مفتش عنهم و2079 يتمتعون بتغطية إجتماعية نظرا لعملهم في الوظيفة العمومية ويتوزّع باقي الـ9 الاف على منتفعين بمنحة العائلات المعوزة وعمال مسجلين في قائمات عمال حضائر ما بعد 2011 ويتلقون أجورا دون مباشرة اي عمل.

كما ينضاف الى الـ9 آلاف عامل خارج التسوية، العمال الذين بلغوا 60 سنة او تجاوزوها بإعتبار انه وقع إقرار تمتيعهم بمنحة تساوي منحة العائلات المعوزة وكذلك من بلغوا الـ 55 سنة حيث سيواصلون العمل الى حين بلوغهم الـ60 سنة ليقع حينها تمتيعهم بمنحة العائلات المعوزة ولكن رغم ذلك يبقى عدد العمال المعنيين بالتسوية ضخما ويتجاوز الـ60 الف عامل مقسمين الى عمال حضائر جهوية وفلاحية وأغلبهم من العملة.

الحاجيات والمقترحات البديلة
بالتوازي مع الجرد الدقيق لقائمات المباشرين من عمال الحضائر، طلبت رئاسة الحكومة من الوزارات والإدارات تحديد حاجياتها من الإنتدابات الى حدود سنة 2022، وقد قدّمت وزارات الصحة والتربية والداخلية والفلاحة لائحات احتياجاتها وهي تبلغ في المجمل حوالي 21 الف عامل اغلبهم عملة تنظيف وحراسة في إنتظار تحديد بقية الوزارات حاجياتها، ولكن ذلك لا يعني ان الـ21 الف موقع سيقع سدّها بعمال حضائر ما بعد الثورة او بغيرهم.

فموقف الحكومة يتلخّص في تعارض الإنتداب النهائي لعمال حضائر ما بعد الثورة مع برنامجها وتوجهاتها للتخفيض في عدد الموظفين العموميين والتخفيض في كتلة الأجور، وتعتبر ان اللجوء الى الإنتداب لتسوية بقية آليات التشغيل الهشّ كان في إطار تواصل الدولة وإلتزامها بالإتفاقات التي وقعتّها الحكومات السابقة ولكنها اليوم لا تريد ان تورّط الحكومات التي ستعقبها في إنتداب ذلك العدد الضخم من العمال مقابل إلتزامها بالبحث عن تسوية لهم.

اهمّ ما طرحته الحكومة على ممثّلي الإتحاد العام التونسي للشغل بعد الإنتهاء من الجوانب الفنية لملفّ عمال الحضائر ما بعد 2011، يتمثّل في برنامج للتكوين والتدريب لمن يبلغون من العمرّ اقل من 35 سنة منهم وفق مستواهم التعليمي وخصوصية جهاتهم وآفاق الإستثمار فيها وتمكينهم فيما بعد من قروض لبعث مشاريع خاصة صغرى مع تمكينهم من أجورهم خلال فترة التكوين.

كما تم طرح تأسيس شركة او تعاونية لعمال حضائر ما بعد الثورة من العملة يمكن ان تضم هؤلاء الذين وقع تكوينهم وتمكينها من امتياز التعامل مع الهياكل العمومية والوزارات بصفة حصرية مع ضمانات لمستوى تاجير تقارب مستوى التأجير في الوظيفة العمومية، كما إقترحت الحكومة تمكين من يريد من عمال حضائر ما بعد الثورة المغادرة الطوعية مقابل منحة مالية كما هو الحال بالنسبة لبرنامج المغادرة الطوعية الموجه لأعوان الوظيفة العمومية.

الإتحاد يتحفّظ
الإتحاد العام التونسي للشغل يتحفّظ على مقترحات الطرف الحكومي البديلة عن الإنتداب النهائي في الوظيفة العمومية ويعتبر انه لا يمكن القبول بمقترحات تسوية يرفضها المعنيون بالامر من عمال حضائر ما بعد 2011، حيث أكد الأمين العام المساعد لإتحاد الشغل سامي الطاهري لـ«المغرب» أن المقترحات لا تحلّ إشكالية التشغيل الهشّ وتجاوز القانون الذي قامت به الدولة خلال تشغيل هؤلاء العمال، وحلّ الملفّ وفقه يستوجب إرادة سياسية.

العمّال يتشبّثون بالإدماج
منذ توقيع الإتفاق بين إتحاد الشغل والحكومة في 27 نوفمبر 2017 القاضي بوضع تصوّر لتسوية وضعيتهم قبل نهاية مارس الجاري، اوقف مجمع تنسيقيات عمال حضائر ما بعد 2011 التحركات الإحتجاجية المتتالية التي كان يخوضها ولكن بعد بلوغه انه من المستبعد ان تذهب الحكومة لإعتماد الإدماج في الوظيفة العمومية كحلّ عاد مجمع تنسيقيات عمال الحضائر للإحتجاج مرة أخرى منذ الأسبوع الاول في مارس عبر تنفيذ 3 إضرابات وطنية، الأول في 9 مارس الماضي والثاني في 19 من ذات الشهر وأخيرا يوم الخميس الماضي.
منسّق مجمع تنسيقيات عمال الحضائر ما بعد 2011 محمد العكرمي إعتبر في تصريح لـ«المغرب»، ان ما طرحه ممثلو الحكومة كمقترحات تسوية لا تتجاوز كونها حلولا ترقيعية وشكلا آخر من اشكال المناولة في حين ان مطلبهم هو تسوية وضعية العمال المباشرين عبر إدماجهم في الوظيفة العمومية وترسيمهم كما تم التعامل مع عدد من آليات التشغيل الهشّ.

المشاركة في هذا المقال