أرقام مفزعة...
من جهة أخرى، قدم فيصل دربال الرئيس الشرفي لهيئة الخبراء المحاسبين تقريرا حول المالية العمومية يحمل عنوانا «بين مخاطر الانزلاق وحتمية الإصلاح» في إطار المحور الأول من أشغال الأيام البرلمانية، حيث أكد دربال أن عجز الميزانية إلى موفى جوان 2016 قدّر بـ -2،191 م د، وهو عجز لم تشهده المالية العمومية من قبل. وأكد أن المؤشرات السلبية لنفقات التصرف في ما يتعلق بالأجور والرواتب قد ارتفعت في سنة 2016 بـ53% بعدما كانت في سنة 2015 بـ50%، وفي سنة 2014 بـ43%. واعتمد دربال على عدد من الأرقام التي أعتبرها نواب الشعب مفزعة خصوصا في ما يتعلق بالمداخيل الجبائية التي سجلت نقصا بــ 20،6 م.د، مع تسجيل الأجور زيادة قدرت بـ 520 م.د، وتسجيل ربح في دعم المحروقات بـ 174 م.د.
في المقابل، انتقد نواب الشعب التقرير المقدم من قبل الرئيس الشرفي لهيئة الخبراء المحاسبين كالنائب عن التيار الديمقراطي غازي الشواشي والنائبة عن حركة نداء تونس ليلى الحمروني الذين أكدوا أنه لم يتم ذكر أسباب تدهور المالية العمومية، بالرغم من وجود بعض الحلول التي كانت بمثابة توجيهات ومتناقضة.
لكن بالرغم من بعض الانتقادات، إلا أن البعض من النواب قدموا بعض الحلول لحل الأزمة الاقتصادية في علاقة بتمشي السلطتين التشريعية والتنفيذية، من خلال المطالبة باستعجال المصادقة على مشاريع القوانين ذات الطابع الاقتصادي كمجلة الاستثمار وغيرها. وفي هذا الإطار اقترح النائبان عن حركة النهضة العجمي الوريمي وسليم بسباس مزيد العناية بملف الفسفاط والدبلوماسية البرلمانية كحلول لإنقاذ الوضع الاقتصادي، مع التعويل كذلك على قطاع السياحة ودعم التصدير والقطاع الخاص لدفع الاقتصاد. وأوضح سليم بسباس أن الأرقام التي قدمها فيصل دربال أثناء التقرير مفزعة، حيث يجب أولا العمل على تعزيز عنصر الثقة في الدولة والمؤسسات، وبعث الأمل من أجل العودة للعمل والاستثمار، ومصارحة الشعب بحقيقة الثروات الطبيعية الموجودة في تونس.
«سياسة التقشف لا مفرّ منها»
من جهة أخرى تطرقت الندوة إلى خطاب رئيس الحكومة يوسف الشاهد بخصوص إمكانية اعتماد سياسة التقشف في حالة المواصلة على نفس المنوال، واعتبر الخبير الاقتصادي عفيف شلبي أن سياسة التقشف لا مفرّ منها ولابد من دفع المشاريع في الجهات وإنجاز بنك الجهات الذي من شأنه أن يحرّر آلاف المشاريع، مشيرا إلى أن الوضع الاجتماعي والنقابي لا يسمح اليوم بأخذ قرارات موجعة كتسريح العملة، لذلك يجب التركيز على حلول غير تقليدية لإعطاء الأمل للشعب بالإضافة إلى المساندة الدولية القوية.
في أسباب ارتفاع نسبة المديونية
ومن المسائل المثيرة للجدل في مختلف الجلسات العامة بمجلس نواب الشعب المديونية العمومية والتداين الخارجي، التي خصصت لها الأيام البرلمانية جزءا من أعمالها لمناقشة هذه المسألة من خلال تقرير مقدم من قبل توفيق الراجحي مستشار رئيس الحكومة السابق مكلف بالشؤون الاقتصادية. وقد أكد الراجحي أن مسؤولية المديونية هي مسؤولية مجلس نواب الشعب إذ أنه لا يمكن الحصول على قروض دون موافقته، مضيفا أنه لابد من تنسيب الدين العمومي بالمقارنة بالثروة ويجب التفريق بين المديونية العمومية ومديونية تونس، فالمديونية متأتية من انخفاض نسبة الادخار مقارنة بنسبة الاستثمار. وبالنسبة لصندوق النقد الدولي فلا تزال تونس في المرحلة الخضراء وهو يحثّ تونس على التحكم في الأجور، معتبرا أن من أهم أسباب ارتفاع المديونية تزايد عجز الميزانية وانهيار قيمة الدينار وتدهور نسبة النمو.
أرقام ومؤشرات حول عجز الصناديق الاجتماعية
وفي الأخير، ناقشت الأيام البرلمانية العجز الذي تعاني منه الصناديق الاجتماعية، حيث بين الخبير في الضمان الاجتماعي السيد بلال أن نسبة عجز الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية بلغت سنة 2016 484 م.د، في حين بلغت نسبة عجز صندوق التأمين على المرض سنة 2016 100 م.د، أما نسبة عجز الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فقد بلغت سنة 2016 588م.د.
أهمية الدورة الاستثنائية
وبالرغم من أهمية الندوة التي اعتبر رئيس المجلس محمد الناصر في ختامها أنه يجب أخذها بعين الاعتبار خلال العمل النيابي، إلا أن عددا من النواب الشعب كالنائب عن الكتلة الحرة وعضو لجنة المالية عبد الرؤوف الماي عابوا عليها غياب المقترحات والحلول لمجابهة هذه الأزمة، حيث اقتصرت المداخلات على تشخيص الوضع العام. لكن في نفس الوقت أثبتت الندوة أهمية التسريع في عقد الدورة الاستثنائية للمصادقة على مجلة الاستثمار.