Print this page

بعد المواقف الأولية للكتل النيابية من تركيبة حكومة الوحدة الوطنية: تغييرات منتظرة في المشهد البرلماني...

بعد القراءة الأولية في مواقف الأحزاب والكتل البرلمانية في مجلس نواب الشعب من تركيبة حكومة الوحدة الوطنية التي أعلن عنها رئيس الحكومة المكلف يوسف الشاهد، بات من الواضح أن هذه التركيبة لن تحصل على أغلبية مريحة خلال جلسة منح الثقة. غياب السند البرلماني لحكومة الشاهد

قد يغير المشهد البرلماني بارتفاع صفوف المعارضة مقابل تقلص الائتلاف الحكومي.
مع إعلان رئيس الحكومة المكلف يوسف الشاهد عن تركيبة حكومة الوحدة الوطنية يوم السبت الفارط، اتضحت حصص كل حزب وتمثيلية كل كتلة برلمانية في هذه الحكومة. لكن تغير المشهد الحكومي سيتزامن بطبيعة الحال مع تغير المشهد البرلماني على مستوى المعارضة والكتل المساندة للحكومة، بالرغم من عدم حسم المواقف الرسمية إلى حد الآن. هذا التغيير في مستوى الكتل البرلمانية لم يكن متوقعا لدى نواب الشعب باعتبار أنه كان من المفروض أن تعرف حكومة الوحدة الوطنية التفافا واسعا من قبل الأحزاب السياسية، إلا أن المواقف الصادرة منذ الإعلان عن تشكيلة الحكومة، تؤكد ضعف السند البرلماني لها وهو ما قد يؤثر سلبا على عمل المجلس في المصادقة على مشاريع القوانين وفي مختلف عمليات التصويت، الأمر الذي قد يجعل الشاهد يتجه نحو تعديل هذا التشكيلة بطلب من الأحزاب السياسية.

 

الوطني الحر يصطف مع المعارضة
استبعاد الاتحاد الوطني الحر من تشكيلة حكومة الشاهد، سيجعل منه الكتلة الأولى التي تصطف ضمن المعارضة في مجلس نواب الشعب في انتظار الإعلان الرسمي عن موقف الوطني الحر. صرح نائب رئيس الكتلة توفيق الجملي لـ»المغرب» أن القرار الرسمي بالتصويت لصالح الحكومة من عدمه سيؤخذ بعد اجتماع المكتب السياسي باعتبار أن الحزب له العديد من التحفظات على التركيبة، مشيرا إلى أن مشاركتهم في الحكومة ليست هي الفيصل فبتعديل التركيبة من خلال أسماء مناسبة يمكن التصويت لفائدتها حتى وان لم يكن الوطني الحر ممثلا فيها، لكن بتركيبة هشة مثل الموجودة الآن فإن الكتلة ستصطف ضمن المعارضة.

الكتلة الديمقراطية تغير نفسها
في المقابل، كثر الحديث مؤخرا عن مستقبل الكتلة الديمقراطية الاجتماعية بعد التحاق اثنين من مؤسسيها بحكومة الشاهد وهما رئيس الكتلة إياد الدهماني ونائبه المهدي بن غربية عديد هي الأسئلة المتداولة بشأن تشتت هذه الكتلة التي تضم مختلف النواب المستقلين ومن المعارضة، أو التحاقها بصف الائتلاف الحاكم الجديد الذي قد يشكل حسب تركيبة الحكومة الحالية. لكن يبدو أن نية الأغلبية في هذه الكتلة تتجه نحو إعادة ترتيب بيتها البرلماني من جديد واستبعاد من التحق بصف الحكومة لتبقى هذه الكتلة معارضة بامتياز، وذلك بعد إعلان النائب فيصل التبيني اختيار النائب عدنان الحاجي رئيسا للكتلة على أن يكون التبيني نائبه. واعتبر التبيني أن أعضاء الكتلة كانوا على دراية منذ الأول بالتحاق النائبين بالحكومة، خصوصا وأن عمليات التصويت كانت تؤكد تصويتهما لفائدة الحكومة وليس مع المعارضة.

تعسير عمل المجلس
من جهة أخرى، لا يزال مستقبل آفاق تونس مجهولا إلى حد الآن بالرغم من انعقاد مجلسه الوطني والذي تم التأكيد فيه على أنه في حالة بقاء التشكيلة الحكومية على حالها فإن آفاق تونس سينسحب منها وتصطف بذلك في صفوف المعارضة. وقد بين نائب رئيس الكتلة كريم الهلالي في تصريح لـ«المغرب» أن المعارضة ستبقى هي نفسها المعارضة الكلاسيكية والممثلة في الجبهة الشعبية لكن قد تتعدد الكتل المعارضة حسب المواقف الذي ستتخذها الأحزاب المشاركة فيها بعد مقابلة رئيس الحكومة يوسف الشاهد لتقديم رؤاها حول هذه التركيبة.

ارتفاع عدد كتل المعارضة والنواب مع اعتبار النواب غير المنتمين للكتل قد يصعب المهمة أمام الحكومة والمجلس في المصادقة على مشاريع القوانين وبالتالي يجعل حكومة الشاهد ضعيفة على مستوى السند السياسي، خصوصا وأن هناك من نواب الكتل الأكثر تمثيلا في البرلمان ككتلي حركتي نداء تونس والنهضة يرفضون هذه الحكومة حتى أن البعض هدد بالاستقالة في حالة عدم تغيير بعض الأسماء. لكن التصريحات الإعلامية في صفوف الكتلتين تشير إلى عكس ذلك وهو أن المشهد البرلماني لن يتغير كثيرا مقارنة بالدورتين الأولى والثانية، باعتبار أن هذه الحكومة حكومة وحدة وطنية تعبر عن توجهات كافة الأطياف السياسية. وفي هذا الصدد أكدت النائبة عن حركة النهضة يامينة الزغلامي أن المعارضة يجب أن تكون دائما قوية في البرلمان، حيث يجب أن تتشكل جبهة ديمقراطية وسطية معارضة من خلال هذه التجربة وهو ما قد يؤهلها للفوز في الانتخابات في المستقبل.

«المعارضة لن تتغير في البرلمان»
من الواضح اليوم وقبل بضعة أيام من عقد جلسة منح الثقة لحكومة يوسف الشاهد في مجلس نواب الشعب أنها لن تنال عددا كبيرا من الأصوات أو نفس الأصوات التي تحصلت عليها حكومة الحبيب الصيد، حسب مواقف الكتل الأولية. لكن بالرغم من ذلك فإن صف المعارضة لن يتغير كثيرا حسب ما يعتقده نائب رئيس كتلة الجبهة الشعبية الجيلاني الهمامي الذي بين أنه من المرجح أن يرتفع عدد النواب المصوتين ضد الحكومة، مقابل تسجيل ارتفاع عدد نواب المعارضة وتوسعها في البرلمان. وأضاف أن مدى تأثير ارتفاع عدد نواب المعارضة في السياسات المتعلقة بالقوانين لا يمكن الحسم فيها، باعتبار أن معارضة الأحزاب أو الكتل للحكومة ستكون كردة فعل على عدم التواجد فيها أو الخروج منها، لتبقى المعارضة الأساسية هي نفسها والتي تعارض في التوجهات والخيارات.
الأمور لم تحسم ولا تزال على طاولة النقاش بين الكتل البرلمانية ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، لكن في المقابل حتى وإن تمكن الشاهد من تعديل الأوتار وكسب توافق كافة الكتل فإن دور المعارضة في البرلمان محفوظ حسب ما أوضحته النائبة عن حركة نداء تونس عبير العبدلي التي بينت أن الحديث عن إمكانية زيادة حجم كتلة المعارضة أمر وارد لكن سيزيد من قوة البرلمان كذلك. وبهذا تتضح الرؤية بعد إصدار الكتل النيابية موقفها الرسمي على ضوء الجولة الثانية من المشاورات حسب ما اعتبرته الكتلة الحرة.

جلسة منح الثقة للحكومة يوم الجمعة المقبل
قرر مجلس نواب الشعب أمس أن يكون يوم الجمعة 26 أوت الجاري موعد جلسة منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية المقترحة وترتيباتها. وسيكون تدخل النواب بثلاث دقائق لكل نائب حسب الحضور ويكون التصويت على الحكومة حسب جدول الأعمال على الساعة الثامنة وأربعين دقيقة. ويذكر أن رئيس الحكومة المكلف يوسف الشاهد كان قد أعلن عن تركيبة حكومة الوحدة الوطنية يوم السبت 20 أوت الجاري المتكونة من 26 وزيرا و14 كاتب دولة.

المشاركة في هذا المقال