Print this page

نتيجة غياب النصاب القانوني: سقوط مشروع قانون يتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد والباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي

تم رفض مشروع قانون يتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد والباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي من قبل مجلس

نواب الشعب في سابقة من نوعها بعد عدم حصوله على النصاب القانوني، ووجود بعض الخلافات حوله. وبالرغم من اعتبار وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي ان المشروع يمثل خطوة نحو إصلاح الصناديق الاجتماعية في ظل الأزمة التي تعيشها، إلا أن مشروع القانون سقط خلال التصويت.
استأنف مجلس نواب الشعب صباح أمس أشغاله من خلال عقد جلسة عامة صادق خلالها نواب الشعب على مشاريع قوانين مستعجلة وهي مشروع القانون المتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 المتعلّق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد والباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي. مشروع القانون شهد بعض الخلافات على مستوى بعض الفصول، في ظل معارضة البعض من النواب الذين اعتبروا أن بعض الفصول لا تتماشى مع الإصلاحات المخصصة لحل أزمة الصناديق الاجتماعية، مما أجبر لجنة التوافقات على تنقيح بعض الفصول وتقديمها في شكل مقترحات تعديل من قبل جهة المبادرة.

أهداف مشروع القانون
مشروع القانون الأول المذكور يهدف بالأساس إلى ضرورة معالجة العجز المتفاقم في أنظمة التقاعد في القطاعين العام والخاص بشكل جذري يأخذ بعين الاعتبار التوازنات المالية والوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد في إطار برنامج إصلاح متكامل. الإصلاحات المقترحة بمقتضى مشروع هذا القانون تتمثل بالأساس في حلول استعجاليه تهدف إلى تحسين الوضعية المالية للصناديق الاجتماعية لفترة زمنية مع ضرورة أن تكون الإصلاحات هيكلية تلتمس عمق الإشكال وتقدم حلولا جذرية. وحسب مشروع القانون فإن تحديد سن التقاعد بـ 62 سنة، إلى جانب تحديد سن الإحالة على التقاعد بـ 57 سنة بالنسبة للعملة الذين يقومون بأعمال منهكة ومخلة بالصحة. وتتم الإحالة على التقاعد بالنسبة للأعوان الذين يمارسون وظائف مرهقة بعد قضاء 35 سنة وبلوغ سن 57 على الأقل، بالإضافة إلى الإحالة على التقاعد بسن 57 بالنسبة للأسلاك النشيطة، 52 سنة بالنسبة لرجال الجيش، 57 سنة بالنسبة لضباط الصف، 60 سنة بالنسبة للضباط الأعوان، 62 سنة بالنسبة للضباط القادة والضباط السامين.

معضلة الصناديق الاجتماعية
وخلال النقاش العام تحدث نواب الشعب عن أزمة الصناديق الاجتماعية في علاقة بالهياكل المهنية خاصة الأطباء، الأمر الذي يتطلب حلولا عاجلة. وقال النائب عن كتلة حركة نداء تونس حسن العماري أنه بالرغم من أن الجميع يتفهم الأزمة التي تمر بها الصناديق الاجتماعية، إلا أن الإشكال الحقيقي يكمن في العلاقة المتأزمة بين صندوق التأمين على المرض وشركائه من الصيدليين والأطباء، مشيرا إلى أنه بالإمكان تفادي الأزمة التي تمر بها الصناديق عبر رقمنتها، مستغربا من تعطل مشروع المعرّف الوحيد في كل مرة. وأضاف أن تقريب خدمات الصندوق الوطني للتأمين على المرض من المواطن يمكن أن يمثّل حلاّ للخروج من الأزمة.
في المقابل، انتقد نواب المعارضة الحلول المقدمة من قبل الحكومة من أجل إنقاذ الصناديق الاجتماعية، حتى أن البعض اعتبر مشروع القانون جزءا من الحل، حيث أكد النائب عن كتلة الجبهة الشعبية هيكل بلقاسم على أن الحكومة لا تزال تتعاطى مع أزمة الصناديق بشكل سطحيّ في حين أن الأزمة أزمة خيارات لا غير، موضحا أن عدم وجود آليات رقابة وتخلي الدولة عن دورها الاجتماعي زاد من حدة الأزمة الاجتماعية، خاصة وأن مشروع القانون المذكور سيساهم في غلق باب الانتدابات نهائيا.

بداية الإصلاح للصناديق
وفي رده على تساؤلات النواب، قال وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي أن الإصلاح يؤدي إلى تعزيز المكاسب، لكن الأولوية الحالية تتمثل في ترميم المنظومة، مشيرا إلى ان مشروع القانون الحالي ليس نهاية الإصلاح، حيث لا يمكن الانطلاق في عملية الإصلاح قبل وقف نزيف الصناديق الإجتماعية. كما أكد أن الحاجيات الإضافية سنويا بالنسبة لصندوق التقاعد والحيطة الإجتماعية تبلغ 1800 مليون دينار، إلى جانب أن الحكومة تسعى إلى استخلاص الديون الممكن إستخلاصها حيث تم رفعها بـما قدره 600 مليون دينار في 2018 مقارنة بسنة 2017، وأن التكلفة الجملية لأنظمة التقاعد تقدر بـ 4380 مليون دينار.
لكن قبل المصادقة على فصول مشروع القانون، تم رفع الجلسة العامة من أجل التشاور حول بعض الفصول ومناقشتها قبل المصادقة عليها. وبعد مدة استأنفت الجلسة العامة أشغالها من خلال المصادقة على الفصول الأولى في صيغتها الأصلية، على عكس الفصل 4 الذي تم تنقيحه من خلال تقديم جهة المبادرة لمقترح تعديل يتعلق بالترفيع في المساهمات المستوجبة بعنوان التقاعد بالنسبة للمشغل 2 بالمائة بداية من 1 جانفي 2019، بالنسبة للعون 0.5 بالمائة بداية من 1 أفريل 2019، 0.5 بالمائة بداية من 1 أفريل 2020. كما تم تعديل الفصل 5 المتعلق بالحالات الانتقالية للأعوان المعنيين بالتقاعد. في حين تمت المحافظة على الفصل 6 بصيغته الأصلية.

ومع نهاية فصول مشروع القانون، قدم نواب الكتلة الديمقراطية مقترح فصل إضافي تم رفضه وكان قد قدم سابقا في مناقشات مشروع قانون المالية لسنة 2019، يتعلق بأن تخضع معاملات البنوك وشركات التأمين والشركات العاملة في مجال الاتصال والنفط والمحروقات لمساهمة استثنائية بـ 1 بالمائة من رقم المعاملات لفائدة الصناديق الاجتماعية. كما تم رفض مقترح ثان عن نفس الكتلة يتعلق بإلغاء الأنظمة الخصوصية للتقاعد لأعضاء الحكومة ونواب الشعب والولاة.

غياب النواب
في المقابل، فإن مجلس نواب الشعب أراد أن يؤجل التصويت في ظل عدم وجود النصاب القانوني 96 صوتا، إلا أن المعارضة تشبثت بالتصويت على مشروع القانون، ليسقط المشروع برمته بعد حصوله على 71 نعم 08 احتفاظ و16 رفض. غياب نواب عن الجلسة العامة مع تسجيل عدم تصويت نواب كتلة حركة نداء تونس بالرفض أو بالتأييد، في حين أن أغلب النواب قد غادروا مقر المجلس على إثر اعتقاد البعض أنه سيتم تأجيل الجلسة إلى اليوم، نتيجة امتداد فترة التوافقات، الأمر الذي وضع البرلمان في إحراج أمام الرأي العام خاصة وأنه خلال المصادقة على فصول مشروع القانون كان النصاب متوفرا، لتغتنم المعارضة في البرلمان الفرصة لتوجيه الاتهامات للكتل المشاركة في الحكومة بالتقصير والاهمال. وفي هذه الحالة، فإن مشروع القانون بعد سقوطه يبقى بحاجة إلى 3 أشهر من أجل إعادة إيداعه لدى اللجنة المختصة ثم إعادته للتصويت من جديد في الجلسة العامة، مما قد يضر بخطة الحكومة في مجال إصلاح الصناديق الاجتماعية.

اجتماع مكتب المجلس
كما عقد مكتب المجلس أمس اجتماعا قرر على إثره عقد جلسات عامة للنظر في مشروع قانون أساسي يتعلق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 7 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، ثم مشروع يتعلق بالموافقة على اتفاقية الضمان المبرمة بتاريخ 5 أفريل 2018 بين الجمهورية التونسية والبنك الإسلامي للتنمية والمتعلقة باتفاقية البيع إلى أجل المبرمة في نفس التاريخ بين الشركة التونسية للكهرباء والغاز والبنك المذكور للمساهمة في تمويل مشروع دعم قطاع نقل الكهرباء (الخطة التنموية 13). وستناقش الجلسة أيضا مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية البيع إلى أجل المبرمة بتاريخ 5 أفريل 2018 بين الجمهورية التونسية والبنك الإسلامي للتنمية بشأن المساهمة في تمويل مشروع بناء وتجهيز مستشفيين جهويين بكل من معتمديتي تالة والدهماني، وفي مشروع القانون الأساسي للميزانية، ثم مناقشة وضعية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. كما وجّه المكتب مجموعة أسئلة كتابية مقدمة من نواب الشعب إلى أعضاء الحكومة.

ومن المنتظر أن تستكمل الجلسة أشغالها صباح اليوم من خلال مشروع قانون تنقيح قانون مكافحة الارهاب ومنع غسيل الأموال، بالاضافة إلى مشروع قانون يتعلق بتنقيح القانون عدد 103 لسنة 2002 المؤرخ في 23 ديسمبر 2002 المتعلق بإحداث نظام جبائي تفاضلي خاص بالسيارات السياحية التي لا تتجاوز قوّتها 4 خيول بخارية جبائية.

المشاركة في هذا المقال