Print this page

وسط جدل وتراشق بالتهم وفوضى داخل الجلسة العامة: مجلس نواب الشعب يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2019 113 مع - 36 ضد - 11 احتفاظ

قبل نهاية الآجال الدستورية بساعتين، صادق مجلس نواب الشعب على مشروع قانون المالية لسنة 2019.

وقد شهدت الجلسة العامة سقوط أغلب الفصول الإضافية المقدمة من قبل الكتل البرلمانية خاصة من قبل كتلة حركة نداء تونس ونواب المعارضة. وبهذا ينهي البرلمان سلسلة الجلسات العامة وينهي بذلك قانون المالية للسنة القادمة الذي حمل عديد الإجراءات الهامة كانت محل انتقاد بالنسبة للبعض وجدل واتهامات بالفساد والخضوع إلى اللوبيات خاصة في ما يتعلق بتأجيل تطبيق نسبة 35 % لبعض الشركات.

بعدما أنهت الجلسة العامة مناقشة فصول مشروع قانون المالية لسنة 2019، والمصادقة عليها، انطلق نواب الشعب في مناقشة الفصول الإضافية المقدمة من قبل الكتل البرلمانية وجهة المبادرة الممثلة في وزارة المالية. ومع تواصل سقوط الفصول الواحد تلو الآخر، عقدت لجنة التوافقات خلال الفترة الصباحية جلسة عمل من أجل التوافق حول ما تبقى من هذه الفصول، إلا أن الوضعية لم تتغير كثيرا مقارنة بالجلسات الفارطة.

خلافات تتجدد
لجنة التوافقات شهدت جدلا ما جعلها تتواصل إلى ساعتين إضافيتين قبل موعد الجلسة العامة، وذلك على خلفية تقديم الحكومة لمقترح فصل إضافي يلغي فصلا كانت قد صادقت عليه الجلسة العامة سابقا. حيث صادقت الجلسة العامة سابقا على مقترح تعديل وفصل إضافي يتعلق بتوظيف ضريبة بنسبة1%على معاملات البنوك وشركات التامين والشركات العاملة في مجال النفط والمحروقات بمساهمة استثنائية بـ1%من المعاملات المصرح بها لصالح الصناديق الاجتماعية ابتداء من غرة جانفي 2019 والسنوات الموالية مقدم من قبل الكتلة الديمقراطية. لكن قدم وزير المالية رضا شلغوم قدم يوم أمس مقترح فصل إضافي لإلغاء هذا الفصل وعرضه خلال الجلسة العامة.
كما شكل مقترح الحكومة المتعلق بالتخفيض من المعاليم الديوانية من 30 إلى 15 %، جدلا صلب لجنة التوافقات، حيث رفضه نواب المعارضة ونداء تونس الذين اعتبروا أن هذا الإجراء يخدم مصلحة المورد ويضر بالمؤسسات، خاصة وأن هذا الفصل تم إسقاطه في مناقشات لجنة المالية. في المقابل، تمسكت كتلة الائتلاف الوطني بهذا المقترح من خلال تصريح رئيس الكتلة مصطفى بن أحمد الذي قال أن هناك عدة ضرائب مُسلطة على الاقتصاد المنظم، وإن الهدف من أي إثقال لكاهله بالضرائب سيكون لصالح الاقتصاد الموازي والسوق السوداء. وشدد على أن الكتلة لم تطلب التخفيض في الضرائب من 35 إلى 25 %، بل أن الموضوع يتعلق بالتمديد سنة أخرى لمقترح فرض ضريبة بـ25 % وذلك في إطار التشجيع على الاستثمار والتحكم في التضخم.

سقوط مقترحات حركة نداء تونس
وفي فترة ما بعد الظهر، استأنفت الجلسة العامة أشغالها التي شهدت بعض الاحتجاجات من قبل نواب المعارضة بعد رفعهم لافتات كتب عليها «نساند الأساتذة في نضالاتهم ضد حكومة الاملاءات». وقد شهدت بداية الجلسة العامة سقوط مقترحات تعديل كتلة حركة نداء تونس، اغلبها تتعلق بتركيز صناديق تمويل في مختلف المجالات. وعلى إثر ذلك تمت مناقشة فصل إضافي مقدم من قبل نواب كتلة حركة نداء تونس ينص على إحداث صندوق الإبداع باعتمادات قدرت 150.000.000 د من أجل تمويل المشاريع العمومية الثقافية. كما تم رفض مقترح ثاني من نفس الكتلة يتعلق بإحداث صندوق تجديد البنية الأساسية باعتمادات قدرت بـ 4.275.000.000 د. كما تم رفض فصل إضافي ثاني من نفس الكتلة يتعلق بالتقليص من النفقات في كل من كتلة الأجور والدعم ووسائل المصالح والتفويت في السيارات الإدارية وخفض كافة انجاز المشاريع العمومية وفي الطاقة والهاتف والعمل على إدماج الاقتصاد الموازي، ومساهمة الدولة في بنك الجهات وإحالة 50 % من الاستثمار العمومي للشراكة بين القطاعين العام والخاص.وفي نفس الإطار، تلقى المقترح الموالي لحركة نداء تونس رفضا يتعلق بتعبئة موارد إضافية، ثم مقترح آخر يتعلق بالتكاليف المالية الإضافية للصناديق المقترحة في الفصول الإضافية التي تم إسقاطها سابقا.

مقترح حول النظام التوقيتي للسيارات
كتلة حركة نداء تونس يبدو أنها خسرت كافة المعارك السياسية في مناقشات مشروع قانون المالية لسنة 2019، في ظل وجود تحالف أغلبي يضم نواب كتل حركة النهضة والحرة لمشروع تونس والائتلاف الوطني. ففي المقابل، تمت المصادقة على مقترح فصل إضافي مقدم من قبل الحكومة. في حين تم رفض مقترحي تعديل مقدم من قبل مجموعة من النواب عن مختلف الكتل يتعلق بمالكي العربات السيارة والدراجات النارية المنتفعة بنظام الإعفاء الجزئي من المعاليم والاداءات المستوجبة بعنوان العودة النهائية للتونسيين بالخارج بما يعرف بالنظام التوقيتي بإجراءات استثنائية. لكن مقترح كتلة حركة النهضة الذي يحمل نفس أهداف المقترح الأول تمت المصادقة عليه، حيث يمكن لمصالح الديوانة الترخيص إلى والدي المنتفع أو قرينه أو أبنائه أو إخوته استعمال العربة. في حين تم رفض مقترح آخر من قبل مجموعة من النواب يتعلق بلجنة إعادة النظر في قرارات التوظيف الإجباري.

رفض مقترحات الجبهة الشعبية
وعلى إثر ذلك تم رفع الجلسة العامة لجلسة مسائية كانت المحطة الأخيرة نحو إنهاء المصادقة على مشروع القانون برمته، حيث تم رفض مقترح تعديل مقدم من قبل الكتلة الجبهة الشعبية يتعلق بإحداث الصندوق الوطني للمساعدة للبحث عن العمل. كما تم رفض ثلاثة مقترحات عن نفس الكتلة يتعلق بالمساهمة التضامنية الاجتماعية بنسبة 5% و 0.3% و0.2% من الصفقات العمومية واللزمات. كما تم رفض مقترح تعديل مقدم من قبل الكتلة الديمقراطية يتعلق بصندوق تعويض الأضرار الفلاحية الناجمة عن الجوائح الطبيعية. ومع تواصل سقوط مقترحات التعديل المقدمة من قبل الكتل البرلمانية، تم قبول مقترحات التعديل الحكومة كلها.

جدل وفوضى
لكن سرعان ما توقفت الجلسة العامة بطلب من رئيس كتلة الجبهة الشعبية احمد الصديق من اجل إعادة النظر في المقترحات الحكومية وطباعتها على الأوراق مما تطلب قرابة ساعتين. ومع استئناف الجلسة العامة أشغالها تمت المصادقة على مقترح حكومي يتعلق بالإجراءات التعريفية للترفيع في المعاليم الديوانية بالنسبة للدراجات النارية المجهزة بعجلتين، ثم فصل إضافي يتعلق بالتخفيض في المعاليم الديوانية والأداء على القيمة المضافة بعنوان اللاقطات الشمسية، ثم مقترح ثاني يتعلق بتأجيل تطبيق نسبة 35 % لبعض الشركات. لكن هذا الفصل، شهد جدلا بين مختلف النواب خاصة من قبل المعارضة وبعض من نواب كتلة حركة النهضة الذين عبروا عن رفضهم له، ولكافة مشروع قانون المالية. وقال النائب عن كتلة الجبهة الشعبية الجيلاني الهمامي بوجود نواب في الأيام الأخيرة يجرون اتصالات ولقاءات مع أصحاب مؤسسات وشركات في مقر البرلمان ومساعي من وزراء في أروقة المجلس لإقناع النواب بالموافقة على الفصلين المتعلق بالمساحات التجارية الكبرى ووكلاء كراء السيارات والفصل المتعلق بتوريد اللاقطات الشمسية.
المعارضة بدورها فشلت في التصدي لكافة المقترحات التي تراها غير مناسبة، مثلها مثل كتلة حركة نداء تونس، لتدخل الجلسة العامة في حالة من الفوضى قبل المصادقة على مشروع القانون، من خلال التبادل بالتهم والشتائم بين مختلف النواب، لتتم في الأخير المصادقة على مشروع قانون المالية برمته وذلك بـ113 مع و36 ضد و 11 احتفاظ.

المشاركة في هذا المقال