Print this page

مع قرار مقاطعة أعضاء هيئة الانتخابات مناقشة ميزانيتهم: مجلس نواب الشعب يناقش ميزانيات السياحة والتجارة والمجلس الأعلى للقضاء

في سابقة من نوعها ألقت أزمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بظلالها على الجلسة العامة المخصصة لمناقشة

ميزانية الهيئة لسنة 2019، بعد مقاطعة أعضائها للنقاشات باستثناء الرئيس المقال، مما أثار جدلا بين نواب الشعب. وبالرغم من ذلك حسم مجلس نواب الشعب في أبواب الميزانية بعد مصادقته يوم أمس على ميزانيتى وزارتي التجارة والسياحة والصناعات التقليدية ومناقشة مشروع ميزانية المجلس الأعلى للقضاء.
انطلقت الجلسة العامة صباح أمس باستكمال النقاش العام بخصوص مشروع ميزانية وزارة التجارة المقدرة بـ 1951.537 م.د، مقابل 1660.762 م.د سنة 2018، أي بزيادة قدرها 290.775 م.د بنسبة 17.5% موزعة على نفقات التصرف 1926.037 م.د، نفقات التنمية 25.000 م.د، صناديق الخزينة 0.500 م.د، تمت المصادقة عليها بـ100 نعم 11 احتفاظ و24 رفض.

نواب الشعب تحدثوا خلال النقاش العام عن عديد الظواهر المتعلقة بالتجارة خاصة منها التجارة الموازية وظاهرة الاحتكار التي سببت بدورها غلاء في الأسعار، إلى جانب فقدان عديد المواد الأساسية من السوق. وقال النائب عن الكتلة الحرة لمشروع تونس صلاح البرقاوي أن الوزارة بذلت جهدا في مقاومة التجارة الموازية، وطالب بضرورة محاربة بارونات بيع الخمر خلسة. في حين طالب النائب عن كتلة حركة نداء تونس طارق الفتيتي بضرورة مراجعة ملفات إسناد رخص بيع السجائر، باعتبار أن هذا القطاع يعاني من آفة الفساد والاحتكار بالإضافة إلى مطالبته بأهمية تكثيف مراقبة أسواق الجملة.

التصدي للاحتكار والتهريب
تشابهت التدخلات في فترة النقاش العام نظرا لتشابه الملفات والإشكاليات على مر السنوات بالنسبة لوزارة التجارة، واختار أن يتساءل عن موضوع اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق، حيث تساءلت النائبة عن كتلة حركة النهضة صفية خلفي عن مدى تقدم المفاوضات بخصوص الاتفاقية، إلى جانب مطالبتها بتوضيحات بخصوص إستراتيجية الوزارة لمواجهة النقص الفادح في بعض المواد الغذائية. موضوع المواد الغذائية والأساسية بدوره اعتبر ملفا حارقا ألقى بظلاله خلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2019، إذ شدد النائب عن كتلة الجبهة الشعبة شفيق العيادي على ضرورة أن تتكفل الوزارة بتوزيع المواد المدعمة لوضع حد للاحتكار، في المقابل، اعتبر النائب عن الكتلة الديمقراطية زهير المغزاوي أن هناك فوضى في مسالك التوزيع مما تسبب في غلاء فاحش في الأسعار، منتقدا عدم تحرك الوزارة لإنقاذ المقدرة الشرائية للمواطن، الأمر الذي جعل بعض النواب يطالبون بتعزيز المراقبة الاقتصادية لمقاومة الاحتكار وغلاء الأسعار.

في المقابل، قال وزير التجارة عمر الباهي أنه لا يمكن إنجاز تقييم موضوعي في شأن وزارة التجارة إلا إذا كان في تقاطع مع سائر الوزارات لأن الوزارة تعمل بالتعاون مع كل الوزارات الأخرى، أهمها وزارتا الفلاحة والصناعة فيما يخص البرمجة وتزويد الأسواق. كما أضاف أن وزارة التجارة ستراقب الأسعار، في حين أن وزارة المالية ومصالح الديوانة ستعنى بمقاومة التهريب، على أن يكون الانتصاب الفوضوي موكولا لوزارة الشؤون المحلية والبيئة، مشيرا إلى أن التحكم في الأسعار سيكون بالتنسيق مع اللجان الجهوية والولاة. كما أكد أن الوزارة قامت بالعديد من الحملات الرقابية النوعية عن طريق 600 عون، من المنتظر أن يتم تدعيمهم بـ100 عون إضافي. وذكر الوزير بعض الأرقام التي تتعلق أساسا بانخفاض الاقبال على مستوى المواد الطازجة بين 10 و30 %، في حين أن 99 %من الخضر والغلال المستهلكة هي منتوج تونسي.

وضعية المؤسسات السياحية
وفي الجزء الثاني من أشغال الجلسة العامة نافش نواب الشعب مشروع ميزانية وزارة السياحة والصناعات التقليدية المقدرة بـ 144 م.د مقابل 151 م.د سنة 2018 اي بتراجع قدره 7 م.د بنسبة 4%.، بـ109 نعم 06 إحتفاظ و13 رفض. النقاش العام بين نواب الشعب تطرق إلى وضعية قطاع السياحة بعد ما اعتبره البعض تسجيل موسم استثنائي مقارنة بالسنوات الفارطة. وقال النائب عن كتلة الائتلاف الوطني محمد الناصر جبيرة أن وزير السياحة يجب عليه أن يقدم مردودية القطاع على الإقتصاد التونسي، خصوصا في ما يتعلق بنسبة إستهلاك السيّاح للدعم ومردوديتهم، متطرقا في ذلك إلى أهمية المنتوج التقليدي خاصة الزربية في ولاية القيوان. في حين قال النائب عن كتلة حركة النهضة البشير اللزام أن عدد الوافدين على تونس بلغ 7،5 ملايين أي بتطوّر بنسبة 17،5 %مع تسجيل حضور بارز للجزائرين الذين بلغ عدد سياحهم في تونس 2 مليون.

وقال وزير السياحة روني الطرابلي أن السوق الروسية سجلت تطورا ملحوظا وفي نفس السياق ظهرت السوق الصينية كسوق جديدة، مشيرا إلى أن إحتساب مداخيل السياحة يتم من قبل البنك المركزي التونسي. كما بين أن وزارة السياحة ستضع كتابا أبيض في علاقة بأصحاب الوحدات السياحية، إلى جانب العمل على تنويع المنتوج السياحي ووضع خطة إتصال متجددة تعتمد على وسائل الإتصال الرقمية، ثم ضبط منهجية عمل موحدة في علاقة بالتعاطي الإعلامي مع الأحداث.

مقاطعة أعضاء هيئة الانتخابات
ومع نهاية مناقشات ميزانيات الوزارات، انطلقت الجلسة العامة في مناقشة ميزانيات الهيئات الدستورية ضمن أبواب الميزانية’، وكانت البداية بميزانية المجلس الأعلى للقضاء على حساب ميزانية هيئة الانتخابات بعد الإشكال الحاصل. ميزانية هيئة الانتخابات مثلها مثل وضعية مجلس الهيئة منذ تنحية الرئيس السابق محمد التليلي المنصري، تبدو معقدة في ظل تواصل الخلافات بين أعضاء الهيئة دون تمكن مجلس نواب الشعب من الحسم في انتخاب رئيس لها، أو تجديد ثلث أعضائها. الخلافات برزت خلال الجلسة العامة، إذ قاطع كافة أعضاء الهيئة الثمانية باستثناء الرئيس السابق مناقشة مشروع الميزانية، لكن ليس من أجل عدم تمكينهم من الاعتمادات التي طالبوا بها، بل باعتبار أن الرئيس السابق تمت تنحيته ويعتبر مقالا مما يجعله غير مخول لتقديم ميزانية الهيئة. واعتبر أعضاء الهيئة أنه من غير المعقول أن يقف الأعضاء وراء الرئيس المقال من قبل مجلس الهيئة، في قاعة الجلسات العامة ويتصرف مثله مثل الرئيس، في وقت كان من الأجدر على البرلمان التسريع في انتخاب رئيس للهيئة التليلي المنصري وجد نفسه معزولا تقريبا، حتى أنه حضر جلسة التحكيم بينه وبين وزارة المالية سويعات قبل موعد الجلسة العامة، من أجل المطالبة بمزيد الاعتمادات، ورافقه بعض أعوان وموظفي الهيئة الأمر الذي أثار حفيظة نواب الشعب خلال الجلسة العامة وحتى قبلها.
اتهامات نواب الشعب لم تنحز لأي طرف لا للأعضاء المقاطعين للجلسة العامة أو للرئيس المقال، بل للهيئة بأكملها إذ اعتبر رئيس كتلة الحرة لمشروع تونس حسونة الناصفي أن قرار المقاطعة سيكون بمثابة النهاية للجميع داخل الهيئة، ونهاية مسار ساهموا في تدميره بأنفسهم، مشيرا إلى أن خلافات بقية الأعضاء مع رئيس الهيئة لن تبرّر هذا التجاوز الذي وصفه بالخطير والهروب من المواجهة و لن يكون هذا إلا تأكيدا على رغبة البعض منهم في تخريب ما تبقّى. وبالعودة إلى تفاصيل ميزانية الهيئة المقدرة بـ 84 م.د مقابل 25 م.د سنة 2018 أي بزيادة نسبتها 236 %.

مناقشة ميزانية المجلس الاعلى للقضاء
وبعد تأجيل مناقشة ميزانية هيئة الانتخابات، ناقشت الجلسة العامة في الجلسة الليلية مشروع ميزانية المجلس الاعلى للقضاء البالغة 8.800 م.د مقابل 6.800 م.د سنة 2018 موزعة على نفقات التصرف 5.800 ونفقات التنمية 3.000 م.د. وخلال النقاش العام ثمن النواب دور الهيئات الدستورية، معتبرين أن المجلس الأعلى للقضاء هو مكسب لتونس حيث تم تغليب مبدأ الإنتخاب فيه للنأي به عن أي توجيه أو تدخل. وتواصلت الجلسة العامة إلى ساعة متأخرة من ليلة أمس، في انتظار استكمال ما تبقى في جلسة اليوم.
وسيتم النظر في مشروع ميزانية المحكمة الدستورية والتصويت على الاعتمادات في انتظار تركيز الهيكل، واستكمال انتخاب بقية الأعضاء من قبل مجلس نواب الشعب.

المشاركة في هذا المقال