Print this page

بعد تعليق كتلتي حركة نداء تونس والحرة مشاركتهما في أشغال البرلمان بسبب ملف هيئة الحقيقة والكرامة: مجلس نواب الشعب يعجز عن المصادقة على قرض تمويل مشروع محطة الترابط بساحة برشلونة

تسبب تعليق كتلتي حركة نداء تونس والحرة لمشروع تونس مشاركتهما في أشغال مجلس نواب الشعب

على خلفية مطالبتهما بتطبيق قرار الجلسة العامة بعدم مواصلة هيئة الحقيقة والكرامة لمهامها، بتأجيل المصادقة على مشروع قانون يتعلق بتمويل مشروع تهيئة الجذع المركزي للمترو ومحطة الترابط بساحة برشلونة، بقيمة 75 مليون أورو. كما تسبب موضوع الهيئة في خلاف حاد مع كتلة حركة النهضة داخل الجلسة العامة.
انطلقت الجلسة العامة وسط جدل واسع بين نواب الشعب في علاقة بالتمديد في مهام هيئة الحقيقة والكرامة من عدمه، وذلك من خلال مداخلات في شكل نقاط نظام امتدت قرابة الساعة، تسببت في مناوشات وخلافات خصوصا بين كتلتي الحرة لمشروع تونس ونداء تونس من جهة وكتلة حركة النهضة من جهة أخرى. كتلة حركة النهضة بدت الوحيدة التي استماتت في الدفاع عن هيئة الحقيقة والكرامة، حتى أنها اعتبرت تصويت البرلمان على عدم التمديد في الجلسة العامة سابقا أمرا غير قانوني وباطلا، وهو ما اتضح من خلال تصريح النائبين سمير ديلو والحبيب خذر اللذين اعتبرا أن التصويت على عدم التمديد غير قانوني وغير واضح باعتبار أنه من الضروري استكمال مسار العدالة الانتقالية في تونس.

انسحاب الحرة ونداء تونس
وسرعان ما اشتعل فتيل الصدام بين نواب نداء تونس ونواب حركة النهضة، بعد رد فاضل بن عمران على تصريح النائب عن حركة النهضة حسين الجزيري، اتهمه بمحاباته لرئيس الحكومة يوسف الشاهد،أثناء مطالبته بضرورة دعوة رئيس الحكومة للبرلمان من أجل توضيح موقفه من مسألة مواصلة هيئة الحقيقة والكرامة أشغالها رغم رفض المجلس التمديد لها. لكن في المقابل، يبدو أن مواقف الكتل البرلمانية قد تم التنسيق في ما بينها قبل انعقاد الجلسة العامة، حيث سرعان ما أعلن الفاضل بن عمران انسحاب نواب كتلة نداء تونس من الجلسة العامة ومن بقية الجلسات العامة التي تم برمجتها احتجاجا على اعادة محاكمات من بينها محاكمة وزير الداخلية الأسبق احمد فريعة وعلى مواصلة هيئة الحقيقة والكرامة لعملها على الرغم من تصويت البرلمان بانهاء مهامها. هذا وسرعان ما نسج النائب عن كتلة الحرة لمشروع تونس حسونة الناصفي على نفس المنوال، إذ أعلن مباشرة ايضا تعليق كتلته لأعمالها في مجلس نواب الشعب إلى أن تقوم الحكومة بتفعيل قرار مجلس نواب الشعب بإنهاء أعمال هيئة الحقيقة والكرامة منذ تاريخ 31 ماي 2018.

الدفاع عن بن سدرين
الخلاف تواصل حتى بعد قرار الانسحاب من الجلسة العامة، حيث واصل نواب كتلة حركة النهضة الدفاع عن الهيئة وضرورة استكمالها لمسارها، ناقدين في ذلك تصرفات بقية الكتل الرافضة على حد تعبيرهم لمسار العدالة الانتقالية وتشخيص الهيئة في شكل سهام بن سدرين. وبشكل استفزازي قالت النائبة عن كتلة حركة النهضة يامنة الزغلامي أن النائب عن كتلة حركة نداء تونس لديه الحق الكامل في مقاطعة الجلسات العامة وحتى الاستقالة إذا كان يحتفظ بموقفه ضد التمديد في مهام الهيئة. في حين اعتبر رئيس كتلة الائتلاف الوطني مصطفى بن احمد أن رئيسة الهيئة سهام بن سدرين دائما ما تتسبب في الفوضى وتنشر الكراهية في البلاد، الأمر الذي يستوجب ضرورة التوقف عن إخفاء إخفاقاتها تحت مظلة العدالة الانتقالية.

حول وفاة الشاب بطلق ناري
من جهة أخرى، شكلت وفاة الشاب أيمن العثماني بطلق ناري على اثر مواجهات مع دورية ديوانية في منطقة سيدي حسين بالعاصمة، محور حديث بين نواب الشعب في الجلسة، وذلك بعد تلاوة الفاتحة على روحه بطلب من النائب عن حركة النهضة الهادي ابراهم. هذا وقد انتقد كافة النواب خصوصا من قبل كتلة الجبهة الشعبية مثل هذه الحادثة معتبرين أنه كان من الأجدر القضاء على المهربين الكبار ومحاربة الفساد عوضا عن استهداف الشباب التونسي.

الإعلان عن تركيبة اللجان
ومع انتهاء نقاط النظام، أعلن رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر عن تركيبة اللجان البرلمانية القارة والخاصة والتي نشرت «المغرب» جزءا منها في العدد الصادر يوم 19 أكتوبر 2018. حصلت كتلة حركة النهضة على رئاسة 3 لجان قارة و3 لجان خاصة، مقابل حصول كتلة الائتلاف الوطني على رئاستين في كل لجنة، ثم حركة نداء تونس بلجنتين اثنتين بين الخاصة والقارة، تليها الجبهة الشعبية بلجنتين قارتين، ولجنة خاصةّ، على عكس بقية الكتل التي لم تتحصل على رئاسات اللجان ليكون نصيبها على مستوى العضوية فقط. وتحصلت الكتلة الحرة لمشروع تونس على عضوين اثنين في 3 لجان قارة وعضو وحيد في 5 لجان خاصة، في المقابل، تحصلت كل من حركة النهضة على 6 أو7 أعضاء في كل لجنة، ثم كتلة الائتلاف الوطني، بين 5 و6 أعضاء، تليها كتلة حركة نداء تونس ستتحصل بين 4 أو 5 أعضاء في كل لجنة قارة وخاصة. أما بقية الكتل فسيكون نصيبها منحصرا بين عضو أو عضوين على الأقل.

مناقشة مشروع قانون قرض
وفي الجزء الثاني من أشغال الجلسة العامة، ناقش نواب الشعب مشروع قانون يتعلّق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة في 07 أفريل 2017 بين حكومة الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية لتمويل مشروع تهيئة الجذع المركزي للمترو ومحطة الترابط بساحة برشلونة، بقيمة 75 مليون أورو، على فترة سداد قدرت بـ 20 سنة منها 7 سنوات إمهال. مشروع القانون يندرج في إطار تهيئة الجذع المركزي للمترو ومحطة الترابط بساحة برشلونة في إطار الديناميكية التي تجريها شركة النقل بتونس ووزارة النقل لتحسين جودة خدمات النقل العمومي والمساهمة في تنمية الأنشطة الاقتصادية والتجارية وتحسين جودة الحياة بتونس الكبرى، خصوصا في ظل الاختناق التي تشهده المحطة، حيث من المنتظر أن يرتفع عدد المسافرين إلى حدود 50000 مسافر خلال ساعات الذروة.

انتقادات لقطاع النقل
النقاش العام بين نواب الشعب اقتصر على نواب كتل حركة النهضة، الديمقراطية، الجبهة الشعبية، الائتلاف الوطني بعد انسحاب كتلتي مشروع تونس وحركة نداء تونس. وفي هذا الإطار، انتقد العديد قطاع نقل في تونس بالرغم من أهميته، حيث قال النائب عن كتلة حركة النهضة زهير الرجبي أنه لم يتم القيام بتدقيق بخصوص الموارد المالية التي تمّ ضخّها في شركة نقل تونس، مشيرا إلى أن أغلب الطرقات لا تحتاج إلى رأي فنّي حتى يبيّن أنها لا تستجيب إلى المعايير الدولية. في حين قالت النائبة عن كتلة الائتلاف الوطني ليلى أولاد علي أن قطاع النقل يعتبر قطاعا حيويّا يساهم في الدورة الإقتصادية بصفة مباشرة، بالرغم من أن النقل لم يحظ بالدعم المطلوب في ظلّ غياب إرادة سياسية خاصة أن النقل العمومي ينعكس على حياة المواطن اليومية. في المقابل، طالب النائب عن الكتلة الديمقراطية عماد الدايمي بتأجيل الجلسة إلى حين قدوم وزير النقل من أجل التأكّد من ان الأموال المرصودة في مشروع القانون ستصرف في مكانها، خصوصا وأن الخسائر المتراكمة في شركة نقل تونس بلغت 800 م.د وذلك بسبب سوء الحوكمة والتصرف. ودعا الدائمي إلى التصويت على إرجاء مشروع القانون إلى اللجنة حتى يتم تناوله بصفة جديّة ودقيقة.

وفي رده على تساؤلات النواب، قال الوزير المكلف بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب إياد الدهماني أن الدراسات المتعلقة بإعادة تهيئة محطة برشلونة جاهزة منذ سنين، حيث كان من الاجدر أن ينجز هذا المشروع منذ فترة. وأكد على وجود فساد في كل القطاعات ولا يستثني من ذلك قطاع النقل حيث تعمل الحكومة على إعادة هيكلة وإصلاح المؤسسات لأنه من غير الممكن أن يتواصل العمل بالمنوال القديم، موضحا أن القرض يصرف على أقساط والمموّل يطالب بالوثائق والمؤيدات المتعلقة بالإنجاز بالإضافة إلى عروض الصفقات المنشورة للعموم.  وأشار في مداخلته إلى أن المصادقة على مشروع القانون لا تعدّ مساندة لا لوزير النقل ولا للحكومة ولكنها مساندة للدولة بما أن الإتفاقية تهمّ الدولة.

إرجاء التصويت
لكن في الأخير فإن مجلس نواب الشعب لم يتمكن من المرور حتى إلى التصويت على المرور من النقاش العام إلى المصادقة على الفصول وذلك لتخوف رئاسة المجلس من عدم حصول المشروع على الأصوات الكافية وسقوطه من جهة، وأن يزيد من حدة الخلاف مع كتلتي حركة نداء تونس والحرة اللذين انسحبا، ليتم إرجاء التصويت على فصول مشروع القانون إلى وقت لاحق بعد العمل على إيجاد حل لقرار الكتلتين المذكورتين.

المشاركة في هذا المقال