Print this page

في انتظار مشروع قانون المالية لسنة 2018: مجلس نواب الشعب يصادق على مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2017 وعلى اتفاقية قرض

صادقت الجلسة العامة المنعقدة يوم أمس بمجلس نواب الشعب على كل من مشروع المالية التكميلي السنة 2017، بالإضافة إلى مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 6 جويلية 2017 بين وزارة المالية ومجموعة من البنوك المحلّية لتمويل ميزانية الدولة. هذه المصادقة سبقتها انتقادات لاذعة من قبل نواب المعارضة وبعض

الاحترازات من قبل نواب الكتل الممثلة في الحكومة.

بداية الجلسة العامة انطلقت من خلال مناقشة اتفاقية القرض المصادق عليه بـ 124 نعم واحتفاظ 7 واعتراض 11، يندرج في إطار تنويع مصادر ميزانية الدولة لسنة 2017، وقصد الاستفادة من الإيداعات بالعملة لغير المقيمين الموجودة لدى البنوك المحلية. وسيسدد القرض على ثلاثة أقساط سنوية تبدأ من تاريخ السحب، أو دفعة واحدة بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ السحب مع نسبة فائدة تتراوح بين 2 بالمائة و2.25 بالمائة. النقاش العام تطرق بالأساس إلى وضعية المالية للبنوك العمومية التي اعتبر النواب أنها ليست على يرام مقارنة بالبنوك الخاصة، وهو ما يستوجب الحصول على التقارير اللازمة للبنوك قبل المصادقة على القرض.

في المقابل، تطرق نواب المعارضة إلى أسباب الاقتراض بالعملة الصعبة من قبل بنوك داخلية، حيث تساءل النائب عن الجبهة الشعبية عن سياسة الحكومة والبنك المركزي لمجابهة انزلاق الدينار الذي سينعكس على كلفة القروض الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى تساؤله عن أسباب عدم الاقتراض من البنك المركزي عوض البنوك التجارية لتخفيض الكلفة، خصوصا وأن البنوك الخاصة وإن كانت تونسية إلا أنها على ملك أجانب. في حين دافع النائب عن كتلة حركة نداء تونس محمد الفاضل بن عمران عن مشروع القانون، حيث اعتبر أنه لأول مرة نمرّر قرضا بهذه الصيغة أي أنه متأتّ من البنوك المحلية، فرغم نقص السيولة إلا أن الدولة توجهت للاقتراض من البنوك المحلية.

من جهته، قال وزير المالية رضا شلغوم أن القرض سيساهم في الحد من التضخم، وهي أموال موجودة في السوق المالية العالمية سيتم توظيفها في تونس. وبين أن البنوك العمومية في تطور مقارنة بالسنوات الفارطة، معتبرا أن هناك مشروع قانون بصدد الانجاز سيعفي جرائم الصرف والعمل على تسوية الوضعيات إلى جانب العمل على إدماج العملية الصعبة في السوق الموازية ضمن الاقتصاد الوطني. كما أوضح الوزير أن انزلاق الدينار متأت من المؤشرات الاقتصادية خاصة العجز التجاري الذي بلغ 9 % من الناتج الداخلي الخام، مشددا في ذلك على أهمية الاجراءات التي اتخذت من قبل الحكومة للحد من التوريد وترشيده والتي تهدف إلى تخفيض نسبة العجز التجاري.

انتقادات لمشروع قانون المالية التكميلي
بعد المصادقة على مشروع القانون الأول، كان من المفروض أن تتم مناقشة مشروع قانون المالية التكميلي إلا أن رئيس المجلس محمد الناصر وبطلب من وزير المالية وبعض الكتل تم تأجيلها لخمس ساعات على الأقل من أجل التشاور حول بعض النقاط. النقاش العام بين نواب الشعب اعتبر أن قانون المالية التكميلي لهذا السنة جاء لتعديل التقديرات المرتبطة بقانون المالية الاصلي لسنة 2017، مطالبين بضرورة معالجة الانزلاقات والضغوطات المالية وتعديلها. في حين اعتبرت المعارضة أن البلاد تعاني كل سنة من مشروع قانون مالية تكميلي جراء الفرضيات والتقديرات المالية الخاطئة، حيث لابّد من اخذ الاحتياطات اللازمة لبرمجة القروض ضمن ميزانية الدولة. وقال النائب رضا الدلاعي أن الحكومات المتعاقبة تصوغ مشاريع الميزانية في ظلّ غياب إستراتيجية مالية واضحة وتقديرات مالية صحيحة، داعيا في ذلك إلى ضرورة الشروع في إصلاح منظومة الدعم خاصة فيما يتعلق بدعم المحروقات.

لكن في المقابل، ثمن نواب حركة نداء تونس مشروع القانون الذي اعتبرو انه يساهم في تبسيط الإجراءات لباعثي المشاريع، بالإضافة إلى أن وزارة المالية قامت بمجهود لتنمية مواردها المتأتية من الجباية. وبين النائب عن كتلة حركة نداء تونس شاكر العيادي أن مشروع قانون المالية التكميلي يأتي في إطار التقديرات الخاطئة لقانون المالية الأصلي، في حين اعتبر النائب عن حركة النهضة الهادي صولة أن مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2017 تحكمه عدّة اكراهات، حيث أن كتلة الأجور مرتفعة جدّا تتزامن مع تعطيل حركة الإنتاج في عدد من القطاعات المنتجة. كما انتقدت كتلة الحرة لمشروع تونس بدورها مشروع القانون، حيث قال النائب مروان فلفال أن فرضية نمو 2,5 % لم تكن فرضية واقعية أدت إلى تفاقم عجز الميزان التجاري، بالإضافة إلى أنه من الصعب تحليل وتقييم مردودية الإجراءات الجبائية. وفي رده عن تساؤلات النواب، قال وزير المالية رضا شلغوم أن تقلّص الإنتاج الوطني يعّد من أسباب ارتفاع الدعم، مقابل ارتفاع في كلفة توريد الغاز الطبيعي، وهو ما يستوجب إجراء حوار على المستوى الوطني حول خيار مواصلة الدعم. كما طالب بضرورة إجراء إصلاحات في الوظيفة العمومية، ومنظومة الصناديق الاجتماعية للتقليص من المديونية. وفي الأخير تمت المصادقة على مشروع قانون المالية بـ 109 نعم 05 إحتفاظ و12 رفض

النقاش العام بين نواب الشعب في الجلسة العامة، أبرز عمق الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس، الأمر الذي يجعل لجنة المالية والتخطيط والتنمية أمام مهمة صعبة من أجل ملاءمة الإجراءات المنصوص عليها في مشروع قانون المالية لسنة 2018 مع حاجيات ومتطلبات المرحلة القادمة.

المشاركة في هذا المقال