ان اليوم 22 أكتوبر 2025 تمر سنة على صدور المرسوم عدد 04 لسنة 2024 في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية ودخوله حيز التنفيذ، وينص المرسوم في أحكام فصوله الاثنان والخمسون على أن تطبيقه يقتضي ضرورة اصدار تسعة نصوص ترتيبية، 4 قرارات وزارية وثلاثة اتفاقيات.
يذكر أن المرسوم نظريا أتى على جوانب عديدة متعلقة بالوضعية الشغلية للعاملات الفلاحيات، بصحتهن وسلامتهن المهنية، بظروف النقل وتأمينه، بنظام التعويضات والجرايات والمنح وكذلك بالإدماج والتأهيل والتكوين والمرافقة. كما أحدث بمقتضاه صندوقا خاصا بالحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات وأدخل على نظام الضمان الاجتماعي نوعا من المرونة متجاوزا بذلك بعض الاشكاليات كالاقتصار على العمل عند مؤجر واحد أو العمل الموسمي، كذلك وسّع في دائرة المنتفعين بأنظمة الحماية الاجتماعية للعاملة الفلاحية (الابناء، القرين) وخلق تقاطعات في البرامج والآليات بهدف ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعاملة الفلاحية على قاعدة الاعتراف بعمالتها من حيث القيمة والمردودية ومن حيث مساهمتها في استدامة القطاع وصموده.
وان اعتبرنا المرسوم نقطة فاصلة في قضية العمالة الفلاحية النسائية في تونس وأول نص تشريعي يعترف بحقوق هذه الفئة في الحماية الاجتماعية جاء نتيجة لتضحيات ونضالات العاملات ومن ناصرَهن طيلة العشريات السابقة ومثل صدوره حافزا لهنّ لمواصلة نضالهن الميداني والضغط من أجل نزع الاعتراف وافتكاك الحقوق والمطالبة بتطبيقه فإن تأخّر صدور النصوص الترتيبية والقرارات الوزارية والاتفاقيات المنصوص عليها في فصوله يثير عدة تساؤلات حول مدى جدية مؤسسات الدولة المعنية بتطبيقه وحول مدى توفر الإرادة السياسية لاستكمال المسار التشريعي والمؤسساتي والتأسيس للتغيير المنشود، خاصة وأن المرسوم عدد 04 لسنة 2024 لم ينص صراحة على سريان أحكامه بمفعول رجعي على الأحداث والوقائع التي جدت قبل صدوره ودخوله حيز التنفيذ من ذلك حوادث النقل وما خلفته من تداعيات صحية واقتصادية واجتماعية للضحايا.
وفي خضم هذا ما تزال العاملات الفلاحيات في تونس يواجهن نفس الصعوبات في ظل غياب الحماية القانونية اللازم.، يعملن خارج الإطار القانوني بأجور منخفضة، دون عقود ولا تأمين ويتعرضن بشكل متواتر الى حوادث النقل والى كل اشكال العنف والاستغلال والتمييز.
نذكّر أن الأجر الأدنى الفلاحي المضمون المضبوط بموجب الأمر عدد 420 لسنة 2024 المؤرخ في 09 جويلية 2024 حدّد بـــ 20.320 دينار هو أجر هش لا يرتقي الى مستوى الأجر الحياتي الذي يحفظ الكرامة ويضمن أساسيات العيش اللائق ويعدّ أبرز محركات إعادة انتاج الهشاشة وبوابة للفقر والاقصاء وعامل من عوامل عدم التمتع بالحماية الاجتماعية لدى شريحة هامة من النساء في القطاع ( نسـبة النسـاء العامـلات فـي القطـاع الفلاحــي اللواتــي يتمتعــن بالتغطيــة الاجتماعية تبلغ 13.2% حسب آخر نشرية للمعهد الوطني للإحصاء) هذا وقد سجلنا في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية منذ سنة 2015، 91 حادثا، أسفرت هذه الحوادث عن وفاة 68 ضحية واصابة 1029 جريحة.
نذكّر أن الحق في الضمان الاجتماعي حق الجميع على قدر المساواة تضمنه الدولة وتحرص على انفاذه تكريسا لمبادئ الدستور والتزاما بالمواثيق والمعاهدات الأممية المصادق عليها على غرار العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة. كما نؤكد على أن الحماية الاجتماعية هي سياسة عامة وشرط من شروط المواطنة ومن مقوماتها الأساسية وجب أن تضبط بقوانين أساسية يخصّص لها إطار قانوني شامل وتوضع لها آليات مستد