Print this page

مجلس شورى حركة النهضة : معارك مع «الطواحين»

امتزجت الخشية من ان تتكبد الحركة خسائر سياسية اي كانت الطريقة التي ستغادر بها «الجائحة» البلاد مع بداية السبق للتموقع في المؤتمر الـ11،

لتقدم مشهدا مركبا صلب حركة النهضة التي عقدت مجلس شورى يوم السبت الفارط خصص للرد عن بعض الدعوات المنتشرة على اشبكات الاجتماعية مع النظر في الاوضاع العامة.

انتهى اجتماع مجلس شورى حركة النهضة السبت الفارط باصدار بيان ختامي قدمه رئيس المجلس عبد الكريم الهاروني يوم امس في ندوة صحفية خصصت للحديث عن اعمال الدورة الاخيرة لشورى النهضة ، التي انعقدت في ظل تطورات سياسية لا تقتصر على جائحة كورونا /كوفيد-19 بل على المناكفات السياسية بين النهضة وحلفاء الحكم قبل خصومها .
نقاشات انتهت الى صياغة بيان تضمن مواقف النهضة من عدة قضايا وملفات مطروحة او مناسبات، عيد الشغل اليوم العالمي حرية الصحافة ، تحية العاملين في القطاع الصحي على ما بذلوه من مجهود، تثمين اجراءات الحكومة والدعوة لوحدة وطنية لتجاوز الجائحة ، وذلك في النقاط الخمس الاولى من بلاغ المجلس او من كلمات رئيسه.

إشترك في النسخة الرقمية للمغرب

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

نقاط تمهيدية لم تكن جوهر الدورة الاخيرة للشورى او بلاغه، بل كانت النقاط الثلاث ( 5 - 6 -7) التي من اجلها عقد المجلس وكانت محوره الرئيسي، اولها ما قالت عنه النهضة انه «حملات اعلامية مضللة«، تشرحها في بيانها بأنها حملات تستهدف التجربة الديمقراطية الناشئة وذلك بـ»ترذيل» مؤسسات الدولة والفاعلين السياسيين.

حمالات قالت النهضة انها تقاد من قبل اطراف لها أجندات سياسية وايديولوجية وان هذه الاطراف لها تأثير مالي محلي ودولي، تمكنت من التأثير على وسائل اعلام استقدمت ضيوفا يروجون لـ«العنف» و«الدم» وفق ما صرح به عبد الكريم الهاروني، الذي لم تفته الاشارة الى ان بعض الاطراف السياسية او غيرها تريد الاستفادة من الازمات ، وباعتبار انتشار عدوى فيروس كورونا فرضت نفسها على البلاد وأقحمتها في ازمة بحثت بعض الجهات التي لم يسمها صراحة عن لاستفادة من الوضع.

استفادة قال الهاروني انها تكمن في ترويح خطاب وأجندات تستهدف مؤسسات الدولة التونسية وتدعو الى اسقاطها ، ومن بين المؤسسات البرلمان التونسي الذي اشار الهاروني الى ان البعض يرفض النظام السياسي المنصوص عليه في الدستور التونسي خاصة ان تعلق الامر بوجود برلمان قوي.

برلمان قال انه مستهدف بشدة من قبل حملات وخطاب يدعو التونسيين الى اسقاطه، مع تجاهل ان البرلمان افرزته انتخابات بالكاد مرت عليها 6 اشهر ، وان هؤلاء الخصوم والجهات لم تنجح في الانتخابات السابقة فاتبعت نهجا جديدا قديم قائما على ارباك المشهد السياسي عبر دعوات وحملات يبدو ان اشد ما يزعج الحركة منها هو استهدافها لرئيس الحركة بصفته رئيسا للبرلمان.

وهذا ما كشفته النقطة السادسة من البلاغ او تصريحات قادة الحركة التي نددت باستهداف رئيس مجلس نواب الشعب ومؤسسة البرلمان، التي قالت انها «تمثّل الشرعية وإلإرادة الشعبية»، دون ان تغفل عن تمطيط اطار التنديد ليشمل ما تعتبره «تشويه النواب وترذيل العمل النيابي».

راشد الغنوشي او كما يقدمه الهاروني بالشخصية التوافقية القوية في البلاد، الذي يريد البعض ان يستهدفه تمهيدا لاستهداف بقية المؤسسات منها رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، اللتين قال انهما ستكونان عرضة للحملات التي لن تقف عند البرلمان، بل ستطالهما وان التغاضي عن التحريض على العنف واراقة دماء التونسيين غير مقبول. هنا ترغب الحركة في ان تبين انها تفرق بين الاحتجاجات الشعبية وبين دعوات انقلابية تروج للعنف والدم وتبحث عن الاستثمار في الازمة الصحية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد.

ازمة تدعو النهضة كل القوى الوطنية السياسية والاجتماعية الى الالتفاف حول الحكومة واستبعاد كل المناكفات السياسية بهدف تحقيق «الوحدة الوطنية» التي تراها النهضة شرط النجاح في مواجهة التحديات الاقتصادية في المرحلة القادمة. ولان الوحدة تفترض ان يكون بيت الائتلاف الحكومي موحدا دعت النهضة كل أحزاب الائتلاف الحكومي الى التضامن والعمل المشترك بينها .

دعوة تاتي في ظل توتر العلاقات البينية بين احزاب الحكم، خاصة بين حركة النهضة وباقي الاحزاب التي يشدد الهاروني على انها لم تتعلم بعد كيفية الحكم مع الحركة وانها ستتعلم ذلك مع مرور الوقت، ولكن بالأساس اذ وقع وضع ميثاق اخلاقي سياسي بين مكوناته ينهى حالة الصراعات الخطابية ينهم، خاصة بين النهضة وحركة الشعب.
ولان الدعوة الى هدنة بين مكونات الحكم تفترض هدنة تمنح للحكومة فان النهضة وعلى عكس كواليسها تقدم خطابا يشدد على ان الحكومة نجحت في تجاوز الخطر ان تعلق الامر بإدارة الازمة الصحية وان تقيمها للعمل الحكومي ايجابي وان سجلت بعض الاخطاء التي وقع تجاوزها.

هذا الخطاب الذي تعلن فيه النهضة عن رضاها على الحكومة ودعمها لها لا يخفي حقيقة خشية النهضة من ما يحمله لها المستقبل القريب فهي ستغادره محملة بخسائر سياسية ، فهي ستكون خاسرة ان مرت الازمة بسلام وهذا من وجهة نظرها يخدم المستقبل السياسي للفخفاخ والرئيس بدرجة اقل ، حيث سينسب اليهما الفضل فيما يقصى البرلمان ورئيسه وبالتالي النهضة، وهي خاسرة ان تعقدت الاوضاع لا قدر الله اد ستتحمل اوزار التعقيدات مع الرجلين.

لذلك فالحركة وجدت نفسها تحت ضغط شديد تضاعف مع خطاب اعلامي لقادتها دافعوا فيه عن الاتفاقيات مع قطر او تركيا وجند كل من في الحركة للقيام بالمثل، وهو ما ارهق الحركة التي ستخوض مؤتمرها الحادي عشر قريبا وتحتاج الى حشد صفوفها وان بافتعال معارك مع الطواحين تضمن لحمة بيتها الداخلي ضد العدو الخارجي، وتعيد ترتيب التموقعات في صفوفها.

المشاركة في هذا المقال