Print this page

إلى بعض وزراء حكومة تصريف الأعمال وبعض القيادات الحزبية هنالك حياة قبل الوزارة... وبعدها أيضا...

كلما مرّ يوم على مفاوضات تشكيل حكومة يوسف الشاهد ازداد قلق وخوف صنف خاص من السياسيين... هل أكون أو لا أكون... في الحكومة القادمة؟ ويبدو أننا أمام سؤال ميتافيزيقي بالنسبة للبعض... أي سؤال يُحدّد معنى بقية الحياة وأن الخروج من الوزارة، لمن كان وزيرا

أو عدم الحصول عليها لمن لا يحلم إلا وصالا بها وكأنه رديف بالخروج من الفردوس أو أنها خطيئة أصلية لا تُصلح أبد الدهر...

بعض الوزراء الحاليين يبدون لك وكأنهم يعيشون امتحان العمر.. امتحان لا يضاهيه لا «سيزيام» ولا «نوفيام» ولا حتى باكالوريا أو دكتوراه إنه امتحان البقاء في الوزارة وكأن هذا البقاء هو إكسير السعادة الأبدية الذي تحدث عنه القدامى. الوزارة عند هؤلاء ليست مهمة نبيلة محدودة، بطبعها، في الزمان بل منّة خارقة وهِبَة لدنية يتعهدها صاحبها بالدعاء حتى لا تُرفع عنه فيرجع نسيا منسيا..
أما من لم يذق بعد مذاقها العذب فلا حلم له ولا جهد له سوى الوصول إلى «الشجرة المحرّمة» طمعا في خلد وملك لا يبلى....
لا نريد أن نقول بالطبع بأن المسؤولية الحكومية مرادفة فقط لنوع من الانتشاء النرجسي وأنه من تمام كمال الشخص التعفف عنها..

المسؤولية الحكومية ضرورية في كل بلد ولا بد من القيام بها خدمة للصالح العام وأن التوزير ليس عيبا أو خطأ أخلاقيا حتى يُتعفف عنه... ولكن هذه المسؤولية الجسيمة في كل بلد ديمقراطي ليست غاية الغايات عند السياسيين...
بداية لأن هنالك وسائل شتى لخدمة البلاد خارج التوزير وثانيا لان التوزير لا يمكن أن يتحول إلى مسار مهني يُضحى في سبيله بالغالي والنفيس...

لا شك أن مطمح ممارسة الحكم مطمح مشروع وأن الأحزاب السياسية في الديمقراطيات العصرية تقوم على هذا المبدإ وأن من يختار طريق العمل السياسي فهو يُعد نفسه لتحمل المسؤوليات التمثيلية (رئيس بلدية .. نائب في البرلمان... رئيس جمهورية) وكذلك الإدارية.. ولكن الإشكال عند بعض السياسيين، وغيرهم أيضا، أنهم يريدون الوزارة بكل ما أوتوا من قوة دون أن يتهيؤوا لها.... أي دون أن يشتغلوا على ذوات أنفسهم في تجاربهم .....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال