Print this page

في عيد المرأة: من أين نبدأ؟

نبدأ بالتذكير أنّ هذا التاريخ هو تاريخ صدور مجلة الأحوال الشخصية «بمقتضى الأمر العليّ المؤرخ في 13 أوت 1956 المنشور بالرائد الرسمي عدد 66 بتاريخ 17 أوت 1956 والتي دخلت حيز التطبيق بداية من غرة جانفي 1957 .» ولهذه المقدّمة دلالة في عصرنا الحاضر، عصر تعالت فيه أصوات من

الإسلام السياسي تطالب بمراجعة هذه المجلّة، وبرفع الظلم عن « الذكر» الذي ظلّ يعاني منه 60 سنة. أصوات تعمل جاهدة على إرجاعنا إلى موقع الدفاع عن مكتسبات ارتضاها لنا رجال الاستقلال، فإذا بها ، في نظرهم ، مجلّة تنطق بالكفر والعدول عن إرادة الله الذي أراد لهم، هُم «الذكور» في قيامهم على «الإناث» وامتلاك مصيرهنّ، وإمساكهنّ من رقابهنّ، حتى كأنّ العبيد أفضل إنسانية منهنّ.. ولا يفوتنا التنبيه إلى أنّ الموقف من المرأة مواقف: فالظلم يلحقها أيضا من رجال يعتقدون أنّهم أنصارها.. لكن، يرون أنّ لمطالبها خطّا أحمر، وأنّ ما حققته لها المجلّة يكفيها لأنّ تعيش كريمة.. بل إنّ الظلم يلحقها من بنت جنسها ، فصارت سكينا موجّها ضدّها يسعى إلى قطع لسانها لأنّها نطقت .

من أين ابدأ، و « الميلوسي» بدأ يغمرنا، إن لم أقل غمر أعيننا وأنوفنا وآذاننا؟.. من أين أبدأ وأنا أرى كلّ شيء يتهافت من حولي؟ وعندما أتساءل أُجابُ بأنّه علينا أن ننتظر.. فهل بقي وقت كاف للانتظار؟ وهل مازلنا نمتلك قليلا من الصبر أملا في الانتظار؟ فأنا المرأة ، ورغم جميع الأوصاف الجميلة التي نعتوني بها: من حرّة إلى كاملة ، ومن يقِظَةٍ ومستقبل البلاد بين يديّ ، لا أزال في عيون الساسة آلة توظّف لأغراضهم السياسية، وكم بيّنت التجربة أنّني آلة نافعة وثمينة، يتقنون إخفاءها والاحتفاظ بها إلى أيّام المشاهد والاحتفالات.. فكم تغنّى النداء بالمليونية النسائية التي أجلسته على عرش الحكم، لكن ما إن تصدّر الحكم والسيادة حتى هرول الذكور وأخفوا « نساءهم» عن الأعين، وكأنّ لسان حالهم يقول: كُتِب الحكم والجدال علينا .... وعلى الغانيات جرّ الذيول...وكم جمّلت النهضة صورتها بنساء ، يتقنّ الجلوس وفنّ الابتسام، ومازتهنّ بوردة مستعارة من العلمانيين، تخرج الصورة عن رتابتها وفي نفس الوقت تكرّس خطاب الحداثة والاعتدال.. وفي جميع ذلك إنّما يقدّمون المرأة كبشَ فداء .. وكم هي عظيمة نشوتهم إذا اصطدمن بحداثية، فإذا بهنّ مثل القنا يقرع القنا.. أمّا بقية الأحزاب فلا يغرّنك اتجاهها الحداثي ولا تنفرّنك ميولاتها الرجعية فهي جميعها ترزح تحت عبء المسلّمات، وجميع من ينتمين إليها من النساء هنّ في نظر هذه الأحزاب «إناث» أو بعبارة أصدق «ماهم إلاّ نساوين»...
لكن من هو الخاسر؟ في الأخير أنا وأنتِ وأنتما وأنتنّ وهنّ.. وقت كثير ضائع.. ولكن ألم نضيّع على أنفسنا الحياة كاملة؟ وماهي مسؤوليتنا تجاه بناتنا وحفيداتنا؟ ماذا تركنا لهنّ سوى حمل ثقيل و مشاكل متراكمة ومعقّدة؟
هل أبدأ بالمجتمع الذي تحرّكه الغريزة الذكورية كلّما قامت فينا امرأة تصرخ منادية بحقّها في الإنسانية وفي الحياة؟ سرعان ما....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال