Print this page

نحن ونيس وتركيا

عاش العالم نهاية أسبوع مريعة: هجوم إرهابي وحشي في مدينة نيس الفرنسية ذهب ضحيته 84 إنسانا من جنسيات وديانات مختلفة ومحاولة انقلاب في تركيا قتل فيها زهاء الثلاثمائة نفر...


ولم يكن بإمكاننا في تونس أن نكون بمنأى عن هذين الحدثين بداية لأننا بشر ولأن كل اعتداء على البشر يعنينا وثانيا لأن جنسية مقترف الجرم الآثم في نيس تونسية وبعض ضحايا هذه الفعلة الشنيعة هم أيضا من أبناء وطننا وهذا يحمّلنا مسؤولية مضاعفة أخلاقيا وسياسيا...

أما الحدث الثاني فيتعلق بدولة إسلامية تربطنا بها وبقيادتها علاقة معقدة فكان لما حدث وقع كبير بين ظهرانينا وانقسمنا، تماما كما ننقسم في كرة القدم، إلى فريق مع وفريق ضد دون تمييز أو حتى سعي لفهم ما حصل وما هي انعكاساته المباشرة على تركيا وعلى محيطها القريب...

• ما حدث في نيس يمكن أن يكون منعرجا خطيرا في العمليات الإرهابية للسلفية الجهادية خاصة إذا ما تأكد بأن علاقة مقترف الهجوم الإرهابي ضعيفة بالتنظيمات الجهادية الإرهابية وأنه قد يكون تبنى شكل هذه الجريمة النكراء لا استجابة لتعليمات مباشرة من رؤوس إرهابية معلومة بل مزيج من انخرام نفسي داخلي ورغبة في الإخراج المشهدي المروع فيه انبهار واضح بالرعب الداعشي.. والخطير في هذا المنعرج هو صعوبة استباق مثل هذه الجرائم وضعف مردودية العمل الاستخباراتي فيها إذ لا تنطلق من تخطيط مسبق لمجموعة منظمة...

لا ينبغي أن نشعر بحرج نحن التونسيين من جنسية مرتكب هذا الهجوم الوحشي.. فقد كان يمكن أن يكون من جنسية أخرى ولكن لا يعني هذا أن نغمض أعيننا على واقع صلب وهو السهولة النسبية في فرنسا لإغواء بعض الشباب من أصول مغاربية للانخراط في الإرهاب السلفي الجهادي المعولم.. وأن هذا الأمر لم يبدأ الآن أو منذ السنة الفارطة بل يعود إلى ثمانينات القرن الماضي وإن استفحل الأمر وبلغ مستوى غير مسبوق مع ظهور تنظيم داعش الإرهابي...

بعضنا كان يعتقد (ونأمل أن يزول هذا الاعتقاد) بأن هؤلاء الشباب المخدوعين بالوهم الإرهابي إنما انجروا إلى ذلك نتيجة سياسات الدول الغربية تجاه الأقليات المغاربية أولا وتجاه القضايا العربية العادلة ثانيا...

هذا الاعتقاد خطر على تونس وعلى العالم اليوم لأنه يوفر نوعا من التبرير لهذا الإرهاب الوحشي ولأن واقع هذه الحركات الإرهابية ودوافعها الحقيقية يكشفان لكل عقل سليم خور هذه النظرية..

فالمحرك الأساسي بل الوحيد لجماعات الدم هذه هي إقامة ما يعتبرونه حكم الخلافة وهم يعتبرون كل الأنظمة – ولا سيما الديمقراطية منها – أنظمة كفرية لا بد من محاربتها ويرون في كل مسيحي أو يهودي أو بوذي أو شيعي حتى وإن كان في المهد هدفا شرعيا لعملياتهم الدموية...

الإرهاب السلفي الجهادي المعولم لن يهزم في بلد واحد... فلهزمه لا بد من تنسيق كل الجهود وتجميع كل الإرادات مع....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال