Print this page

الاتحاد الأوروبي والسلطات التونسية: مسك عصا مسار 25 جويلية من المنتصف

منذ يومين التقى رئيس الجمهورية قيس سعيد مع المفوض الاوروبي للعدل «ديدييه رايندرز» Didier Reynders، حدث اعلنت عنه السلطات التونسية والمفوضية الاوروبية

كل بطريقته التي تتناغم مع الهدف التسويقي للقاء وذلك عبر بلاغين منفصلين نشرا على مواقعها الرسمية.
هنا لم يعد اللافت للانتباه اختلاف مضمون البلاغين ولا ما يريد كل طرف من الملتقيين ان يسوق له، فقد بات الامر عرفا تنتهجه السلطة التونسية لتسويق مضمون لقاءاتها مع وفود اجنبية وفق الصيغة التي تتناسب مع سرديتها السياسية.
اللافت هنا هو ما يكشفه البلاغ الاوروبي عن اللقاء وعن مضامينه السياسية التي تخفت خلف صياغة دبلوماسية لتقديم موقف اساسي وهو ان الاتحاد الاوروبي الذي ينتهج سياسة تتناغم مع الموقف الفرنسي في علاقة بالملف التونسي، يفضل ان يمسك العصا من منتصفها إذا تعلق الامر بموقفه من السلطة ومن مسارها السياسي.

فقد أكد المفوض الأوروبي للعدل أنه أوضح لرئيس الجمهورية قيس سعيد أن الإتحاد الأوروبي سيواصل خيار دعم « الشعب التونسي» وإرادته التي تهدف الى «ترسيخ تونس كدولة ديمقراطية» والديمقراطية من وجهة نظر الاوروبية ذات طابع شامل.
تفصيل هذه الطبيعية الشاملة للديمقراطية وفق المنظور الاوروبي تجلى في تأكيد المفوض السامي للعدل على ضرورة قيام حوار وطني شامل بين جميع الاطراف الفاعلة في تونس بعد الانتخابات التشريعية القادمة. فالسياسة الاوروبية في علاقة بالملف التونسي تقوم بالأساس على ان «الحوار شرط أساسي للإصلاحات السياسية والاقتصادية». 

وهنا يتضح تماهي الموقف الاوروبي مع الموقف الفرنسي، القائم على توازنات صريحة مفادها «مرافقة» المسار عوضا عن الاعتراض او الضغط من اجل ايقافه او تجميده على غرار الموقف الامريكي الواضح في علاقة بمسار 25 جويلية.
فما يصرح به المفوض الاوروبي للعدل ان الاتحاد الاوروبي وان كان يطالب بحوار شامل وفعلي بين مختلف الفاعلين في المشهد السياسي والاجتماعي في تونس فانه يدمج في هذا الحوار مخرجات المسار السياسي ومنها الانتخابات التشريعية القادمة التي يطالب الاتحاد بان يعقبها حوار وطني.
هذا الحوار الذي يدعو اليه الجانب الاوروبي لم تتغير عناصره ولا شروطه منذ انطلاق مسار 25 جويلية ، اذ يقوم على ان يوسع الرئيس قاعدة المشاركة والحوار لخصومه قبل حلفائه السياسيين اضافة الى مشاركة المنظمات الاجتماعية الكبرى والهدف من هذا ضمان ارضية سياسية توفر هامشا كبيرا من الاستقرار السياسي الذي يعد حجر الأساس لضمان تنزيل الاصلاحات الاقتصادية الكبرى دون ان تحدث صدمة اجتماعية حادة تنتهي بتوتير المناخات العامة في البلاد.

لكن وعلى عكس الموقف الامريكي لا يشترط الاتحاد الاوروبي هنا تجميد المسار او الغاء كل نتائجه والعودة الى نقطة البداية بل يطالب بان تتوسع قاعدة المشمولين بهذا المسار وهو ما يمنح الرئاسة باعتبارها الجهة المبادرة هامشا للتحرك كما يسلط عليها الضغط من خلال الاشارة ولو بشكل خافت الى ان «روايتها» للأحداث والتطورات السياسية وتقديم المسار السياسي على انه شامل ويعبر عن الادارة الشعبية لم يعد يقنع الاتحاد بعد تعثرات عدة شهدها المسار، الاستفتاء ونسبة المشاركة فيه وما يعانيه المسار التشريعي اليوم من عثرات.
ما قاله الجانب الاوروبي محاولة لدفع الرئاسة الى ان تعيد النظر في حساباتها دون اعلان قطيعة او صدام معها، بل يرغب منها ان تستمع اليه كجهة «ناصحة» تمسك العصا من منتصفها.

المشاركة في هذا المقال