Print this page

%7،5 نسبة التضخم في أفريل 2022: التضخم في أعلى مستوياته منذ أربع سنوات

سيعطينا شهر ماي الجاري مؤشرات أساسية حول الوضع الاقتصادي العام للبلاد بدءا بنسبة التضخم وصولا الى نسبتي النمو والبطالة

(تصدر هاتان النشريتان عن المعهد الوطني للاحصاء في اواسط هذا الشهر)، مرورا بأرقام المبادلات التجارية للبلاد.

في نشرية «مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي لشهر أفريل 2022» والصادرة يوم أمس عن المعهد الوطني للاحصاء نلاحظ تواصل النسق التصاعدي للتضخم الذي بلغ 7٫5 % بعد أن كان في الشهر الماضي في حدود 7٫2 % في شهر مارس الماضي ودون 5 % (4،8 % بالضبط) منذ أفريل 2021.
لقد بدأ هذا المنحى التصاعدي منذ سنة تقريبا وما فتئ في ازدياد من شهر لاخر رغم محاولات الحكومة المحتشمة في التحكم في الأسعار تحت شعار «محاربة الاحتكار والمضاربة غير المشروعة» ولكن عناصر التضخم موضوعية في البلاد اذ يتعلق بعضها بما يسمى بالتضخم المستورد وبعضها الاخر بتراجع الانتاجية وبالارتفاع المنتظر لمجموعة التغذية وخاصة في البيض والزيوت النباتية والغلال الطازجة وبدرجة أقل الخضر الطازجة.

كل المؤشرات تفيد بأن هذا المنحى التصاعدي للتضخم سيزداد خاصة مع الزيادات المرتقبة في أسعار المحروقات واحتمال لجوء الحكومة في الأشهر القادمة إلى «تعديل» أسعار بعض المواد المدعمة، أي أن المرجح أن يتجاوز التضخم 8 % وأن يقترب كثيرا من عتبة 10 % في الأشهر القليلة القادمة وهنا سيجد البنك المركزي نفسه مضطرا من جديد الى الترفيع في سعر الفائدة المديرية مع ما يعنيه ذلك من تكلفة اضافية في مديونية المؤسسات الاقتصادية والعائلات وفي تعسير الاقتراض الجديد أي في تباطئ تعافي الاقتصاد نتيجة ارتفاع كلفة التمويل.

وكل هذا دون أن نحتسب التأثيرات الهامة جدا على موازنات الدولة نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا والتي تعيش الآن شهرها الثالث ونعيش معها ارتفاعا كبيرا لأسعار المحروقات والحبوب والزيوت فسعر برميل النفط (البرنت) تجاوز 100 دولار منذ أواسط شهر فيفري الماضي (111 دولار ليوم أمس) وميزانيتنا بنيت على فرضية 75 دولار للبرميل الواحد وكل دولار إضافي سيكلف خزينة الدولة حوالي 140 مليون دينار، أي أن كلفة هذه الحرب قد تكلفنا خسارة اضافية تتجاوز 5 مليار دينار في ميزانية لم نجد بعد كيف نمولها في صيغتها الأصلية، والأكيد أن المستهلك التونسي سيدفع جزءا من هذه الفاتورة وهذا - لو حصل - قد يجعل التضخم يتجاوز الرقمين دون كبير عناء مما سيضطر البنك المركزي - لو حصل هذا - الى ترفيع كبير لنسبة الفائدة المديرية وهكذا نكون في حلقة مفرغة لافكاك منها..

الاكيد أننا لا نتحكم في كل عناصر التضخم خاصة وأن بلادنا مضطرة إلى استيراد نسب هامة من حاجياتها الأساسية من المحروقات والحبوب والأدوية والمواد الأولية والمواد نصف المصنعة اضافة لاستيرادنا شبه الكلي للمكننة ولللآلات الصناعية، ولكن الإشكال أننا لا نعمل البتة على تحسين العناصر التي هي تحت سيطرتنا كانتاجية العمل ورأس المال والتجديد والابتكار، فلو نتمكن فعليا من انعاش جدي للاقتصاد ومن تطوير عوامل انتاجية آلتنا الصناعية والفلاحية والخدماتية ،فان كل هذا سيحد بصفة جدية من استفحال التضخم وسيعيد لمنوجاتنا تنافسيتها وقدرتها على مزيد اختراق الاسواق الخارجية..
لا وجود لطلاسم في الاقتصاد والحلول للتضخم ولصعوبات التزود ومحاربة الفقر والبطالة لا تكون بالشعارات الشعبوية الفاقدة لكل مضمون فعلي بل بالمزيد من الاستثمار وبتحسين مناخ الأعمال وبالعمل على الترفيع المستمر في القيمة المضافة لكل منتوجاتنا الصناعية والفلاحية والخدماتية وتحسين الانتاج والانتاجية..

الإشكال في بلادنا لا يكمن في ارتفاع التضخم بل في سوء الحوكمة وغياب الرؤية والقدرة على الاصلاح.
قديما قالت الأنفرنج إن جهنم معبدة بالنوايا الطيبة.

المشاركة في هذا المقال