Print this page

الاستشارة الشعبية الالكترونية: «كل الاجابات» تؤدي إلى مشروع الرئيس

حين اعلن الرئيس عن تصوره للحوار كان حريصا على القول بأنه يريد ان يمنح لـ«الشعب» فرصة التعبير عن نفسه

وعن ارادته دون توجيه سياسي. لكن حينما كشفت المنصة الالكترونية عن مضامينها المجسدة في «الأسئلة» والإجابات المقترحة. تبين اننا ازاء استشارة موجهة فمن منصة الكترونية مفتوحة تمكن التونسيات والتونسيين من التعبير عن تطلعاتهم ومطالبهم وتصوراتهم لتونس، اي حوار مجتمعي مفتوح كما سوق الرئيس للفكرة لدى لقائه في مارس 2021 بنزار يعيش، الذي كان مكلفا من قبل الرئاسة بالاشراف على مبادرة الحوار، الى منصة تختبر التونسيين.
منصة اعلن انها قسمت الانتظارات الى 6 محاور وضعت في كل منها 5 اسئلة ومساحة حرة للتعبير. وهذا بذاته كاف لاستنتاج ان الرئاسة باعتبارها الجهة المبادرة تحرص على ان لا تنفلت من بين يديها الاستشارة وتصبح حبلا يقيد حركتها وخطواتها السياسية الهادفة الى ارساء نظام ومنظومة جديدتين أي ان الرئاسة لا ترغب في ان تنتهى نتائج الاستشارة الشعبية بما يناقض اهدافها السياسية، اي انهاء المنظومة، ولهذا فهي تسعى الى ان تحتوى الاستشارة وتوجهها الى مخرجات منسجمة نسبيا مع طرحها السياسي. اذ ان التمعن في المحاور الاسئلة يقدم لنا صورة عن تمشي الرئاسة، خاصة ان تعلق الامر بمحور الشأن السياسي والانتخابي، وأسئلته الخمس. التي حمل مضمونها ادانة كلية وصريحة لكل الطبقة السياسية والمؤسسات المنبثقة عن دستور 2014 ادانة تكشفها الاسئلة التي تنطلق بمسائلة المشارك في الاستشارة حول مدى رضاه عن «المسار السياسي في تونس في العشرية منذ 2011 الى 2021 وتمنحه خيارات ليجيب، لكنها لا تطرح سؤال عن مدى رضاه عن اجراءات 25 جويلية او ما لحقها من خطوات سياسية، أي انها تستهل بمحاولة ادانة كاملة للمسار السياسي في السنوات العشر وجعله برمته اما محل رضا او محل رفض. أي اننا امام توجيه لعملية تقييم الانتقال الديمقراطي في تونس للوصول الى تقييم سلبي يدين المسار والطبقة السياسية برمتهما.
بعد ادانة المسار يطرح سؤال عن الاصلاحات وايها الاهم، ومرة اخرة تنمح خيارات للاجابة بما في ذلك انه لا يوجد داع للإصلاح، ليكون السؤال الثاني كالتالي «حسب رأيك ماهي أهم الإصلاحات الواجب القيام بها لتطوير الحياة السياسية في تونس؟» والاجابات المقترحة هي «1تعديل القانون الإنتخابي 2 تعديل قانون الأحزاب 3 تعديل الدستور 4 صياغة دستور جديد 5 لا أرى ضرورة لأي إصلاح».
السؤالان الاول والثاني وما حملاه من توجيه مخفي يهدف الى الخروج بادانة كاملة لمسار العشرية الفارطة وتسويقها على انها «شر مطلق» من الجلي انهما يمهدان الارض ويواصلان عملية شحن غضب المشاركين بجعلهما امام احتمالين اما الانتصار لسردية الرئيس ومشروعه لإسقاط المنظومة وإحلال منظومة جديدة عبر نظام سياسي ودستور وقوانين جديدة، او الانتصار للعشرية الفارطة. أي اننا امام اختيارين اما مع 25 جويلية او مع منظومة 24 جويلية أي أننا نوضع امام خيارين اما العودة للقديم او الذهاب في مشروع الرئيس، وفق ما تقدمه الاستشارة الشعبية من خيارات التي تتطور لتصبح تنزيلا لمشروع الرئيس السياسي خاصة في علاقة بتصوره لسحب الوكالة عن النواب. وهو ما يقدمه السؤال الرابع الذي يسائل عن ان كان المشارك في الاستشارة مع فكرة «سحب الثقة عن النائب في صورة عدم رضا الناخبين على أدائه» مع توفير خيارات ثلاثة للإجابة. وهو ذات عدد الخيارات التي تمنح للإجابة عن سؤال «أهم المشاكل التي يواجهها القضاء اليوم؟» وهي مشاكل تختزل في انها اما ناجمة عن ارتباط بالسياسة أو انها مرتبطة بعدم الحيادية أو بعدم الكفاءة، أي اننا امام حكم وتقييم صريحين بان القضاء اما منخرط في حسابات سياسية او انه غير نزيه وغير محايد او ان العاملين في السلك غير اكفاء وايا كانت الاجابة فانها ادانة صريحة.
ادانات هدفها الاول توفير سلطة اضافية للرئاسة التي تعتبر انها تعبر عن خيار الشعب بعد ان استفتته حول رأيه واي مشروع سياسي يريده، وهنا منحت الرئاسة الشعب خيارين، اما ان يعود لما احتج عليه في 25 جويلية 2021 او ان ينخرط في مشروع الرئيس حتى وان لم يكن راغبا فيه، ولكن ونظرا الى انه خير بين امرين فانه سيختار اقلهما سوءا ولا الافضل.
توجيه الاستشارة الى مخرجات بعينها بات معلوما من نوع الاسئلة المطروحة والمغيبة ومن الخيارات التي تتوفر للاجابة. ولكن هل هذا يعنى اننا امام قدر محتوم بالذهاب الى مشروع الرئيس السياسي بحذافيره وانه لا فرصة لنا بتعديل او تغيير، هذا لا يمكن الاجابة عنه بكشل قطعي وحاسم قبل الوصول الى مرحلة التأليف وإحالة المقترحات الى لجان لمناقشتها وتعديلها، لجان تسوق الرئاسة ومحيطها الى انها ستكون منفتحة على كل اطياف المنظمات التونسية وستدير حوار فعليا للانتهاء الى مخرجات سياسية توافقية.

المشاركة في هذا المقال