Print this page

أزمة التحوير الوزاري تدخل أسبوعها الرابع: ويتواصل اللعب بالدولة وبمؤسساتها!

ما يحدث اليوم في بلادنا يتجاوز كل الحدود - لا حدود العقل بالمعنى المتعارف عليه- ولكن الحدود الدنيا لكل منطق سليم ..

ما نعيشه اليوم تجاوز أيضا حدود العبث،فأصبحنا نرى صراعات إرادات ونرجسيات في أعلى هرم السلطة وفي كل أجنحتها وفي قطيعة تامة ونهائية مع أوضاع البلاد وانتظارات العباد ..
في تونس لدينا رئيس دولة يعيش في زمان غير زماننا وفي كوكب غير كوكبنا ،يعتبر نفسه مسؤولا عن الدارين العاجلة والآجلة، الدنيا والآخرة، يعيش في المناخات الذهنية لابن القارح والصراط والجنة والنار ولكن دون السخرية الفلسفية للمعري ودون العمق الروحي لرسالة الغفران ..
في المقابل لدينا حزام برلماني همه الوحيد التموقع والحماية المتبادلة والصراع الطفولي ضد رئيس الدولة، حزام هو الآخر فاقد لمشروع وطني للبلاد..السلطة عنده كعكة تُتقاسم فقط لا غير ..
دخلت البلاد في الأسبوع الرابع لأزمة جديدة غريبة لم تخطر على بال بشر: التنازع حول أداء القسم أمام رئيس الجمهورية وحول شكل القسم ومضمونه وما ينجرّ عنه في الدنيا وفي الآخرة.. نعم هكذا نجد في «كتاب» رئيس الجمهورية وهكذا نجد أيضا على صفحة الرئاسة..ثم تصطف الجماهير المتنافسة كل يشيد بزعمائه وبحكمتهم التي فاقت الحدود،والبلاد تغرق..تغرق ..

في سنة 2020 سجلت تونس انكماشا غير مسبوق في اقتصادها بـ%8.8 - وفقدت أكثر من مائة وثلاثين ألف موطن رزق وازداد عدد العاطلين عن العمل بمائة ألف.. كل هذا دون احتساب أرقام شهري نوفمبر وديسمبر الماضيين ولدينا طبقة سياسية حاكمة في القصور الثلاثة هي دون مستوى الذهني للاهوتيي الكنيسة البيزنطية في القسطنطينية وهم يتجادلون حول جنس الملائكة ومدينتهم محاصرة من جيوش الأتراك المسلمين ..
هل من فائدة في التذكير بأزماتنا المعقدة والمتفاقمة ؟ أزمة صحية وأزمة مالية وأزمة اجتماعية وأزمة ثقة أخلاقية فقررنا أن نضيف إلى كل ذلك أزمة تنازع صلاحيات دستورية وحرب معلنة بين جناحي السلطة التنفيذية !!
هنالك حوالي 90 بلدا في العالم بدأت حملات التلقيح ضد كوفيد 19 من بينها أكثر من نصف البلاد العربية ..وتونس مازالت تنتظر الجرعات الأولى ..ثم لو كنّا في أحسن حالاتنا ولو اشتغلت آلتنا الاقتصادية بكل إمكانياتها دون تعطيل فلن نصل إلى مستوى الثروة المنتجة في 2019 إلا في سنة 2023 في أفضل الحالات مع مديونية فقدت كل قدراتنا الذاتية تحملها وإصلاحات معطلة حتى تلك الإصلاحات الجزئية البسيطة لوقف النزيف ..
والطامة الكبرى اليوم أننا لا نرى أي أفق قريب لبداية الخروج من هذه الأزمة السياسية العبثية، بل نرى تمترسا من كل الجهات، تمترسا نتيجته الآلية الوحيدة هي تأبيد هذا العبث على راسي الدولة و»مجابهة» كل هذه الأزمات المعقدة بسلطة تنفيذية مشلولة، الهم الوحيد لكل أطرافها هو الدوام وتسجيل النقاط ضد القصر الآخر.. وبين كل موقعتين «كتاب» يحمله «صاحب البريد» على ألا يعود إلى قصر الانطلاق إلا بما يفيد التسليم والتسلم !!
نصيحة مجانية ألقى بها إلى مسامعي احد القراء الأوفياء: لنقم بترجمة فورية لصراعات السلطة عندنا إلى اللغة الانقليزية حتى لا يقتصر الضحك على سكان افريقية المنكوبة ويعمّ جلّ أرجاء كوكب الأرض .. في انتظار استعمال أول قمر صناعي تونسي لكي نستمع إلى قهقهات كل الكائنات العاقلة – وحتى غير العاقلة – في كل كواكب درب التبانة ..

المشاركة في هذا المقال