Print this page

تونس والسعي للتحكم في انتشار فيروس الكورونا: إلياس الفخفاخ والقرارات الشجاعة

انتظر كل التونسيين يوم أمس الكلمة التي توجه بها رئيس الحكومة الياس الفخفاخ إلى عموم التونسيين للإعلان عن

حزمة من الإجراءات الجديدة في مقاومة تفشي فيروس كورونا في ربوعنا.
في كلمة قصيرة دامت حوالي 10 دقائق أكد رئيس الحكومة أن بلادنا اختارت منذ البداية الاستباق لأن كل البلدان التي اختارت المسايرة قد فقدت السيطرة على تفشي الوباء. فالاستباق اليوم ولو كان ذلك بقرارات قد يبدو انه مبالغ فيها أفضل مئات المرات من المسايرة الحذرة التي لن تؤدي بنا إلا إلى للكارثة.
هنالك صنفان أساسيان من الإجراءات التي أعلن عنها رئيس الحكومة :
1 - حماية البلاد بغلق حدودها البحرية بالكلية وبالتقليص إلى الأقصى في الرحلات الجوية.
2 - منع كل التظاهرات الثقافية والرياضية والعلمية مع غلق المقاهي والمطاعم والملاهي الليلية انطلاقا من الساعة الرابعة مساء وغلق كل رياض الأطفال والمدارس الأجنبية والخاصة إلى حدود 28 مارس مع إمكانية التمديد وتعليق صلاة الجماعة بما في ذلك صلاة الجمعة إلى حدود يوم 4 افريل مع احتمال مراجعة هذا التاريخ وفق تطور قدرة البلاد على التحكم في انتشار هذا الوباء.
كما أن هذه الكلمة المقتضبة قد تضمنت تركيزا مكثفا على ضرورة احترام كل المواطنين والوافدين المعنيين العزل الذاتي بصفة كلية وان كل خرق لهذا سيعرض صاحبه لعقوبات صارمة.
الإعلان عن جملة هذه القرارات الجريئة كان ضروريا حتى يدرك التونسيون أننا لن نتمكن من مقاومة ناجعة لتفشي هذا الوباء دون استباق قوي للسيناريوهات السيئة .

إشترك في النسخة الرقمية للمغرب

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د


ولعل أكثر هذه القرارات جرأة نظرا لرمزيتها الكبيرة هو تعليق كل الصلوات الجماعية بالمساجد بما في ذلك صلاة الجمعة، وهذا القرار جريء وذكي في نفس الوقت لأن الأساسي لا يكمن في غلق المساجد من عدمه ولكن الأساسي هو منع التجمعات والكثافة البشرية وهذا لا يحصل إلا خلال صلاة الجماعة سواء كانت صلوات الخمس اليومية أو صلاة الجمعة مع إبقاء حرية ارتياد المسجد لأداء الصلاة الفردية.
الإجراءات التي أعلن عنها رئيس الحكومة من شأنها أن تحدث الصدمة النفسية المرجوة عند جميع التونسيين والأساسي اليوم هو أن يغير كل التونسيين جملة من العادات خاصة في المصافحة والقبلات والعناق وعدم التحوط الكافي في كل ما يتعلق بعناصر النظافة الأساسية والفعلية على المستويين الفردي والجماعي.
يبقى أن رئيس الحكومة يدرك جيّدا أن كل هذه القرارات ستؤثر سلبا على جملة من النشاطات الاقتصادية كما أن هنالك قطاعات أساسية في اقتصاد البلاد تعاني صعوبات جديدة بحكم تراجع حركة البشر والسلع ورؤوس الأموال على المستوى العالمي ولا ينبغي لبلادنا أن تضحي بكل هذه القطاعات وبمواطن الشغل المرتبطة بها .. وهذا يعني أن الدولة مطالبة بتقديم تصور وإجراءات عملية لكي تحافظ على كل هذه القطاعات كمؤسسات وكمواطن عمل كما انه عليها أن تعوض لكل المؤسسات التي ستتضرر جراء هذه القرارات الجديدة .
نعتقد أن الياس الفخفاخ مدعو في الأيام القليلة القادمة إلى الحديث المفصل عن كل هذا وعن جملة الإجراءات العاجلة الحمائية ومتوسطة المدى الإنعاشية لكي لا ينهار النشاط الاقتصادي جراء هذه الأزمة الصحية العالمية.

المشاركة في هذا المقال