Print this page

الحكومة المنتظرة: وضوح قاتم... و ثقة مهزوزة (!!)

تأكد القول بأن معترك المشاورات حول الحكومة المسمّاة «حكومة الوضوح والثقة»، ،لا يدور حول برامج ، وإنّما حول الحقائب الوزارية الحسّاسة ،

و بالخصوص تلك تُصنفُ كوزارا ت حسّاسة و حول الأطراف الممثلة فيها .
و لو أن تبريرات حركة النهضة المصرّح بها تُعيد الإختلاف مع الفخفاخ إلى رفضها إقصاء الأطراف الممثلة في مجلس نواب الشعب و خاصة حزب قلب تونس ، وإلى حرصها على ضمان حزام سياسي و برلماني «متين» لاستقرار البلاد، فإنه لا يخفى على أحد، أن حركة النهضة لا يغريها نصيبها العددي أو الكمي في الحكومة ، بقدر ما يهمها النصيب الكيْفي ، إذ أن المهم بالنسبة إليها ليس في السبع أو الثماني حقائب وزارية الّتي أسندت إليها، وإنّما الأهم بالنسبة إليها تمكينها من حقائب وزارية حسّاسة ، لذلك رفض مجلس الشورى بنسبة 85 % (68 رافض و 12 مؤيد) دعم التركيبة المقترحة وقرر سحب أسماء الأعضاء المقترحين معلنا عن قرار عدم منح حكومة الفخفاخ الثقة .
هذا الموقف الرافض يتبناه أيضا إئتلاف الكرامة وقياديون من حزب قلب تونس ولو لأسباب مختلفة ، الأمر الّذي سيفضي إلى الدخول في مأزق جديد .
هذا المأزق جعل الفخفاخ يعلن عن تركيبة الحكومة التي تمّ تشكيلها بالتشاور مع الاحزاب ، متأخرا عن الموعد الّذي سبق أن حدّده بعد ظهر أمس و أردف ذلك بالتصريح بما يفيد أن هذه التركيبة غير نهائية بسبب رفض النهضة لها ،لذلك أعلن أنه بعد التشاور مع رئيس الجمهورية تقرّر مزيد التريث بخصوص تركيبة الحكومة المعلن عنها و هو ما يعني تأجيل الحسم في هذه التشكيلة في انتظار اتخاذ موقف نهائي قبل انتهاء الآجال الّتي حُدّدت بـ19 فيفري الجاري ، الأمر الّذي يسمح باستنفاد كل المحاولات والوقت أيضا.
الخيارات الأخيرة للفخفاخ إزدادت ضيقا ولم يبق أمامه إلا الإستقالة و رد «الأمانة» لرئيس الدولة ليتخذ ما يراه صالحا في إطار صلاحياته الدستورية ، من ذلك حل البرلمان، أو مراجعة تركيبة التشكيلة الحكومية بما يُرضي النهضة وقلب تونس و إئتلاف الكرامة، أو «التعنّت» والمغامرة بتشكيل تركيبة جديدة من غير الأحزاب ، أو بدون النهضة ، و الذهاب بهذه أو تلك ، إلى البرلمان في محاولة لكسب ثقة النواب أو الرحيل .
لقد كان من ضمن الاحتمالات عدم التوصل إلى تشكيل حكومة في صورة رفض إملاءات و شروط حركة النهضة ، خاصة بعد تعيين رئيس الجمهورية للفخفاخ بوصفه الشخصية الأقدر ، إذ حصل تبرم من هذا الاختيار لكونه كان مخالفا لما أفرزته المشاورات ،نظرا لأنه لم يقع تكليف إحدى الشخصيتين الّتي توارد اقتراحهما من الأحزاب والكتل النيابية، وتمّ تكليف من كانت نسبة اقتراحه في أسفل الترتيب .
كما كان محتملا، أن تتخذ حركة النهضة موقفا سلبيا تجاه الفخفاخ أو غيره ممن لا تختاره، و ذلك كرد فعل على إسقاط حكومة الجملي . إذ لم يكن يُتصوّر أن تتجاهل النهضة «الصفعة» الّتي تلقتها من أغلب الأحزاب، و لكنها تعمّدت المناورة وبقيت تساير المشاورات دون إستبعاد إنخراطها في المسار إذا تم قبول شروطها و املاءاتها، بالكيفية الّتي تحوّل فيها هزيمتها إلى انتصار.
نعود إذن مرّة أخرى إلى وضعية انتظار مستجدات الغد و متابعة التطورات يوما بيوم لأزمة لا يستطيع أحد أن يجزم بمخرجاتها ، لتقلب المواقف والأدوار فيها على دائر الساعات والأيام ، خالت فيها العديد من الشخصيات أنها قاب قوسين أو أدنى من ترؤس الحكومة المنبثقة عن انتخابات2019 أو من حمل حقيبة وزارية فيها.

المشاركة في هذا المقال