Print this page

الحملة الانتخابية الرئاسية تطوي يومها الثالث: بين الوعود والشعارات العامة و«التزليطات»

ثلاثة أيام انقضت من الحملة الانتخابية الرسمية ونحن أمام وابل من التحركات والنشاطات والتصريحات والحوارات في مختلف وسائل الإعلام..


لقد سمحت بداية هذه الحملة بالتعرف أكثر على شخصيات المترشحين حتى أولئك الذين يحظون بشهرة واسعة اذ هنالك فرق كبير بين مسؤول حزبي أو حكومي وبين مترشح لأعلى منصب في الدولة .
هذه الأيام الثلاثة ،ورغم زخم الأحداث الحافة بالحملة ـ سمحت لنا بالوقوف على مسائل هامة من بينها عدم استعداد غالبية المترشحين لتقمص دور «المترشح» فما بالك بدور «الرئيس» .
ويظهر غياب الاستعداد الجدي هذا في «برامج» جل المترشحين الذين غابت عنهم الأفكار الجديدة والقادحة ..
قليلون هم المترشحون الذين استعدوا فعلا لهذا الموعد الهام وحرصوا على تقديم رؤية وهوية وأفكار والتزامات مضبوطة الى حد ما .. ولكن حتى عند هؤلاء، فنحن لا نكاد نميز بالوضوح الكافي الفروق بين مختلف المقترحات والبرامج التي أعدها هؤلاء ..
ولكن لعل الميزة الأكبر لهذه الأيام الأولى من الحملة الانتخابية الرسمية وما رافقها من تصريحات وحوارات ونشاطات هو اكتشافنا لشخصيات المترشحين ولمدى قدرتهم على تحمل الضغوط المسلطة عليهم وعلى مدى تحكمهم في أعصابهم وحتى تعاملهم مع مختلف الوضعيات التي وجدوا فيها أمام محاوريهم ..
الحدث الأبرز لهذه الأيام الثلاثة هو تصريحات المترشح عبد الكريم الزبيدي في قناة حنبعل حيث لم يكتف فقط بتأكيد وجود «انقلاب» أو نية «انقلاب» في ما سمي بالخميس الأسود بل أضاف إلى ذلك معطى خطيرا وغريبا وهو أمرة لقوات عسكرية بالتأهب لحماية أو تطويق بعض المنشآت ومنها احتمال منع النواب من ولوج قصر باردو وذلك بإرسال مدرعتين للغرض ..
لا نريد التأويل على التأويل أو اتهام وزير الدفاع والمترشح للانتخابات الرئاسية بأي شيء، ولكن لا يمكن أن نخفف أيضا من خطورة هذه التصريحات فمجرد التفكير في إرسال مدرعتين إلى موطن السيادة الديمقراطية لحماية شرعية لم تكلفه بها المؤسسات الشرعية المنتخبة هو أمر خطير للغاية ويتطلب توضيحا واعتذارا لما قد يكون قد فهم على سبيل الخطإ أو لاستعمال عبارات ليست في موقعها أما تشبت بعض أنصاره بهذه التصريحات واعتبارها بطولة سياسية فذلك يؤشر على مدى تدهور الوعي الديمقراطي في البلاد ..
انه لا يمكن القبول في ديمقراطية بأن تتحرك القوات العسكرية إلا لحماية امن البلاد واستقرارها وانه لا دخل لها في عمل المؤسسات الدستورية بما في ذلك لو قرر مجلس النواب سحب الثقة من رئيسه او من رئيس الجمهورية أو إعلان شغور جزئي أو كلي ..
ولذا لابد أن يعترف المترشح بأنه قد اقترف خطا سياسيا فادحا وأن يعتذر بوضوح وان يفسر لنا حقيقة ما قصده حتى يطمئن عموم التونسيين أننا في منافسة بين ديمقراطيين فعليين لا يوجد فيهم من قد يتربص بالانتقال الديمقراطي وفق هواه ووفق تقديره لـ«معلومات» غير جدية وبتأويل مشط وخطير ..
يبدو أننا لن نكون أمام المفاجأة الأخيرة فيوم أمس هنالك ايضا الاتهامات التي وجهها مرشح اخر وهو سليم الرياحي الى المترشح يوسف الشاهد ..
اتهامات رشح بعضها في «تسريبات» منظمة تدل على نية القاء «قنبلة» جديدة في السباق الانتخابي ..
نحن نكتب هذه الأسطر دون مشاهدة هذا الحوار المسجل ولكن تخصيص حلقة خاصة لمرشح بذاته لالقاء اتهامات خطيرة هو أمر يدعو للاستغراب ويتناقض مع نص القوانين وروحها المنظمة للحملة الرسمية للانتخابات الرئاسية .. فالمفروض أن لا يخص أي مرشح بأي صنف من الامتياز في التعبير بما في ذلك إيجاد حصة خاصة له فقط أو لعدد محدود جدا من المترشحين ..
هذه البدايات تنبئ باحتمال تحول الحملة إلى قصف متبادل بين مختلف المترشحين بما يجوز وبما قد لا يجوز أيضا .
ما نأمله هو ان يثوب الجميع لرشدهم وان يتنافس الجميع لخدمة البلاد لا لتحطيم البيت على من فيه ..

المشاركة في هذا المقال