Print this page

بعد أن تجاوز عدد المسجلين 770.000 ألف تونسي: هيئة الانتخابات بصدد ربح معركة التسجيل

في غمار غيوم التشكيك المتلبدة في سماء بلادنا هنالك نقاط مضيئة وأعمال جليلة لابد من التنويه بها والبلاد

مقبلة على انتخابات قد تغير عناصر هامة في المشهد السياسي الحالي ..

التخوف الأكبر على مسار الانتقال الديمقراطي يكمن في فقدان الثقة في نجاعة الديمقراطية وقدرتها على التغيير الايجابي لواقع الناس ، وتتجلى أزمة الثقة هذه في عزوف المواطنين عن صندوق الاقتراع .. عزوف بلغ ذروته بمناسبة الانتخابات البلدية في ماي 2018 حيث كانت نسبة المشاركة دون %36 من المسجلين ..

قبيل انطلاق مرحلة التسجيل في الانتخابات التشريعية لأكتوبر الماضي كنا نعدّ حوالي 3.5 مليون تونسي خارج السجلات الانتخابية وكان الخوف من تواصل العزوف وتعمقه في الخريف القادم ولكن النتائج المحققة إلى حد الآن مشجعة للغاية إذ تجاوز عدد المسجلين إلى عشية يوم أمس 770.000 مسجل جديد منذ انطلاق العملية يوم 10 افريل الماضي أي بمعدل يفوق 25.000 مسجل يوميا ، ولو تواصلت وتيرة التسجيل على هذا النسق إلى حدود يوم 22 ماي فقد نتجاوز مليون مسجل جديد أي أن نسبة المسجلين من عموم الناخبين المحتملين ستكون قد تجاوزت عتبة %75 وهي نسبة محترمة جدا خاصة عندما نعلم مدى اتساع مناخات الارتياب والتشكيك في البلاد..

ولتحقيق هذه النتائج عمدت هيئة الانتخابات إلى إستراتيجية مستجدة وهي التوجه رأسا إلى الفئات الأقل إقبالا على التسجيل في مواقع الدراسة (للتلاميذ خاصة والطلبة) وفي مواقع العمل (من الإدارات إلى المصانع والضيعات الفلاحية )بل وذهبت الهيئة في سابقة جميلة ومعبرة إلى احد السجون لتسجيل النزلاء الراغبين في ذلك حتى لا تنقطع صلة المواطنة بمن زلت بهم القدم ولعل اكتساب صفة الناخب يكون خير بداية لإعادة التأهيل في المجتمع من جديد..

هنالك نقاش في كل بلاد العالم الديمقراطي حول أفضل طريقة لتسجيل الناخبين بين التسجيل الآلي لكل حامل بطاقة تعريف وطنية والتسجيل الاختياري ثم يتواصل النقاش حول ممارسة التصويت هل هي حرية متروكة للناخبين ام واجب وطني يعاقب من لم يؤده ؟

في تونس بعد نظام مختلط في 2011 اخترنا نظام التسجيل الاختياري والتصويت كحرية فقط لا كواجب يعاقب من تركه ورغم إيماننا بأنه لا وجود لحل مثالي في هذه المسائل ولكن يبدو لنا أن الاختيار هو الأمثل إذ فيه تعبير من المواطن (ة) على هذا الربط المعنوي بينه وبين الوطن وان ذهابه إلى مكتب الاقتراع يوم التصويت هو بمثابة العقد المواطني الذي يقبل عليه الناخب عن طواعية ..

لاشك أن هذه الطريقة ستترك جزءا هاما من مواطنينا خارج العملية السياسية بدءا بغير المسجلين ، والذين سيتجاوز عددهم المليونين في كل حال ، ثم العازفين عن التصويت من المسجلين ولكن من واجب الجميع إقناع كل التونسيين بأنه لا حل خارج صندوق الاقتراع وبأن أفضل نظام لمعالجة أخطاء ونواقص الديمقراطية هو النظام الديمقراطي ذاته والذي لا يمر إلا عبر الصندوق والصندوق وحده ..

الأكيد أن الانتخابات ليست هي كل النظام الديمقراطي وان للديمقراطية قيما ومبادئ ونظما لا تقوم إلا بها ولكن لا معنى للديمقراطية إن لم تكن الانتخابات الحرة والنزيهة هي الوسيلة الوحيدة لحكم البلاد..

ولهذا يكون كل المطالبين بتأجيل الانتخابات لهذا السبب أو ذاك إنما هم يغرّدون خارج سرب الديمقراطية ومقتضياتها الدنيا ..

لقد نجحت هيئة الانتخابات في مهمتها الأولى ولكن يبقى الأهم وهو السهر على أن تكون الحملة الانتخابية نظيفة إلى حد ما وألا تتلاعب بها لوبيات المال والاعلام والمصالح ..

المشاركة في هذا المقال