Print this page

وأخيرا ..

بعد تأخير بسنة كاملة عن موعد التجديد الثلثي وبعد أكثر من نصف سنة من الأزمة المفتوحة داخل هيئة الانتخابات والتي أدت إلى

استقالة رئيسها محمد التليلي المنصري ها أن مجلس نواب الشعب يتمكن أخيرا من اختيار ثلاثة أعضاء جدد للهيئة وانتخاب نبيل بافون كرئيس جديد لها بعد مفاوضات عسيرة أدت إلى توافقات كل المعطيات تشير إلى أن الغالبية العظمى من الكتل والنواب قد التزموا بها ..
هل يعني هذا أن أزمة الهيئة المستقلة للانتخابات وراءنا ؟ هذا ما نرجوه وهذا ما ندعو إليه بكل قوة الأعضاء التسعة إلى ترك منا كفاتهم وخلافاتهم التي أدت إلى استقالات متعاقبة وليس من أدناها رئيسها الأول ، شفيق صرصار، في ربيع 2017 ورئيسها الثاني ، محمد التليلي المنصري في صائفة 2018..
اليوم لم يعد بالإمكان السقوط مجددا في الذاتيات والنرجسيات والحسابات الضيقة ..

لكي تطوى الأزمة لابدّ من أن تنكب الهيئة بتركيبتها المعدلة وبرئيسها الجديد على الإعداد الجيد منذ هذا اليوم للمواعيد الانتخابية الهامة في نهاية هذه السنة وأن يتصرف أعضاء مجلسها التسعة باعتبارهم فريقا متكاملا ومتضامنا أناط له الدستور مهمة مركزية ألا وهي تنظيم كل الانتخابات الوطنية في البلاد..
ما نريده هو تجاوز كلي ونهائي لهذه الأزمة التي عصفت بالهيئة من داخلها وسمحت لأطراف سياسية وغيرها بإضعافها وحتى العبث بها خلال هذه الأشهر الماضية ، نريد هيئة موحدة وقوية قادرة على انجاز هذه المواعيد الانتخابية المفصلية بكل نزاهة وشفافية حتى لا يتم الطعن في المسار الانتخابي والسياسي في البلاد..
الهيئة مدعوة في الأيام القليلة القادمة إلى اعتماد روزنامة مفصلة للمسار الانتخابي ونشرها بالرائد الرسمي والمطلوب من كل الأطراف المعنية بالانتخابات مباشرة أو بصفة غير مباشرة الامتثال الطوعي لمواعيد الانتخابات التشريعية والرئاسية وعدم القدح في قرارات الهيئة واختياراتها التي يحددها مجلسها وفق القانون المؤسس لها ..

نحن نحتاج إلى إعادة بناء الثقة في مؤسسة كانت من أبرز منارات تونس الثورة وفي اعتقادنا أن هذا الأمر ممكن ولكن ذلك يتطلب تظافر الجهود داخل الهيئة وخارجها والانصراف منذ إعلان الرزنامة الى بداية تطبيقها و إعطاء كل الأهمية من قبل الجميع لمرحلة التسجيل بصفة خاصة وما يتطلبه ذلك من تحسيس ومن التوجه إلى كل الفئات والجهات والمناطق قصد بلوغ نسبة تسجيل تفوق %75 من مجموع المواطنين الذين يحق لهم الاقتراع وهذا وإن كان من مشمولات الهيئة الا انه يعني كل التونسيين أحزابا ومنظمات وجمعيات ووسائل إعلام ومواطنين .. كلنا معنيون بتحسيس التونسيات والتونسيين بضرورة التسجيل بداية وبضرورة التصويت ثانية ..
ثمة مهمة أخرى أساسية لابد من الشروع فيها منذ اليوم وهي تحيين وتحصين السجل الانتخابي من كل الأخطاء التي قد تعتريه..

تفصلنا عن الانتخابات التشريعية حوالي 9 أشهر (الآجال الدستورية هي ما بين 8 و10 أشهر ) وما بين 10 و11 شهرا للدور الأول من الانتخابات الرئاسية (الآجال الدستورية هي ما بين 9 و11 شهرا )
هذه الأشهر ستكون حاسمة في تاريخ تونس فإما أن نقطع مع العزوف الذي لمسناه في الانتخابات البلدية الفارطة ونعيد ثقة التونسيات والتونسيين في الصندوق وفي جذوة الديمقراطية وفاعليتها وقدرتها على تغيير الأوضاع أو أن ندخل بصفة مبكرة جدا في أزمة الاختيار الديمقراطي ذاته ..

اليوم النجاح في هذا الرهان ممكن جدا شريطة أن ندعم جميعا هذه الهيئة وأن نقلع عن حملات التشكيك والارتياب ، فدعمها حتى بنقدها هو الذي سيمكنها من تحصين نفسها عن كل محاولة اختراق حزبي أو غيره ..
رجاؤنا للجميع : لا تنغصوا علينا الانتخابات القادمة ..

المشاركة في هذا المقال