فبعد استفتاء 25 جويلية، تجد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نفسها اليوم أمام امتحان وتحد جديدين: إنجاح الانتخابات التشريعية وضمان مشاركة أوسع من الناخبين، وتأمل الهيئة في مشاركة أكثر من 2.8 مليون ناخب من مجموع أكثر من 9 ملايين ناخب، قد وضعت نفسها في واجهة الصراع لتكون محلّ انتقادات وضغوطات من الجميع تصاعدت وتيرتها مع اقتراب يوم الاقتراع لا في الداخل فقط بل في الخارج كذلك تصاعد وتيرة الانتقادات والخلافات من شأنه أن يؤثر على الانتخابات التي ستجرى بالتزامن مع إضراب العاملين بمؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسية المقرر اليوم وغدا ما لم تحصل أي تطورات جديدة، إضافة إلى قرار البرلمان الأوروبي بعدم إرسال ملاحظين للانتخابات.
تأتي الانتخابات التشريعية هذه السنة في أجواء توصف بالمشحونة والمتوترة جدا، فإلى جانب تواصل الخلافات بين هيئة الانتخابات وهيئة الاتصال السمعي والبصري «الهايكا»، ينفذ العاملون بمؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسية إضرابا بيومين، اليوم وغدا، بدعوة من الجامعة العامة للإعلام على خلفية عدم الالتزام بإصدار الأمر الخاص بتنقيح النظام الأساسي للمؤسستين وفق اتفاق 28 جوان 2021 الممضى بمقر وزارة الشؤون الاجتماعية والذي تم بموجبه في تلك الفترة إلغاء الإضراب يومي 29 و30 جوان في 2021 في المؤسستين، ومازال الإضراب إلى حدّ كتابة هذه الأسطر قائما ما لم تحصل أي مستجدات في هذا الشأن وحصول اتفاق في الساعات الأخيرة، وقد قد دعت الجامعة العامة للإعلام كافة منظوريها جهويا ومركزيا إلى الالتزام بتراتيبه بمقاطعة كل التنقلات الخارجية ومقاطعة كل البرامج المباشرة وتامين نشرات إخبارية موجزة، والتذكير بالإضراب وقراءة بيانات النقابات التابعة للقطاع حول الإضراب .
جامعة الإعلام تحذر
حذرت الجامعة العامة للإعلام، الحكومة من إجبار العاملين بمؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسية ، على العمل عبر التسخير، يومي الإضراب المتزامن مع الانتخابات التشريعية. وأكدت الجامعة أن إصدار أي تسخير يعتبر غير قانوني، باعتبار عدم صدور أي أوامر في الغرض في الآجال القانونية حسب ما ينص على ذلك الفصل 389 من مجلة الشغل. ودعت الجامعة العاملين في المؤسستين مركزيا وجهويا إلى الاستعداد الجيد لإنجاح الإضراب «دفاعا عن حقوقهم المشروعة وعدم الرضوخ للتهديدات من اجل إجبار الحكومة على التفاوض وتنفيذ تعهداتها»، هذا وجددت الجامعة دعوتها للحكومة إلى فتح باب الحوار الجدي والمسؤول من اجل من اجل تطبيق اتفاق ممضى من جميع الأطراف.
رفض التسخير الصادر عن والي تونس
كما عبرت عن استنكارها ورفضها لتأويلات تفقدية الشغل حول آجال صدور برقية التنبيه بالإضراب، وشددت على مشروعية وقانونية إضرابها والذي يكفله الدستور لسنة 2022 والذي ينصّ في فصله 41 على الحق النقابي، بما فيه حق الإضراب ، وأوضحت أن الإضراب حول تنقيح القانون الأساسي للمؤسستين انطلق منذ مارس 2021 ووقع تأجيله 4 مرات برعاية وزارة الشؤون الاجتماعية التي لم تلتزم بتعهداتها لمدة سنة ونصف. هذا وعبّرت النقابة الأساسية للإذاعة التونسيّة، عن رفضها التام للتسخير الصادر عن والي تونس في علاقة بالإضراب المزمع تنفيذه اليوم وغدا، معتبرة إياه «غير قانوني ويتجاوز التراتيب والأوامر والإجراءات المعمول بها». وأكّدت النقابة في بيان لها أمس، أنّ هذا الإضراب قانوني وحق دستوري، داعية كافة أبناء المؤسسة، إلى رصّ الصفوف من أجل الدفاع عن حقوقهم المشروعة وإنجاح الإضراب.
البرلمان الأوروبي يقرر عدم إرسال ملاحظين
ولن تتوقف التوترات عند إضراب مؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسية بل ستشمل تحركات الأطراف المعارضة للرئيس ودعواتهم المتواصلة إلى مقاطعة الانتخابات إلى جانب قرار البرلمان الأوروبي بعدم إرسال ملاحظين لتونس، بمناسبة الانتخابات التشريعية التي ستُجرى اليوم السبت 17 ديسمبر، كما أنّه لن يعلّق على مسار هذه الانتخابات ولا على نتائجها. ووفق بلاغ أصدره البرلمان فإنه لم يكلّف أيّا من أعضائه بملاحظة هذه الانتخابات أو التعليق عليها، واعتبر أنّ أيّ عضو منه يقرّر ملاحظة هذه الانتخابات سيكون ذلك بمبادرة خاصة منه، وأنّ كلّ الأقوال والأفعال التي تصدر عنه لا تلزم البرلمان الأوروبي في شيء. ولاحظ أنّ مجموعة دعم الديمقراطية وتنسيق الانتخابات (التابعة له)، تابعت التطورات الاقتصادية والاجتماعية في تونس، بما في ذلك قرار المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، الذي عارض مراسيم الرئيس قيس سعيّد بحلّ البرلمان والمجلس الأعلى للقضاء. كما أشار البرلمان الأوروبي إلى رأي لجنة البندقية (اعتبرت أنّ الخطوات القانونية التي اتخذها سعيّد غير مطابقة للمعايير الدستورية) حول الإطار الدستوري والتشريعي الذّي جرى بموجبه الاستفتاء على الدستور في جويلية الماضي والانتخابات التشريعية .