Print this page

وثيقة الإصلاحات..اتحاد الشغل يرفض وصندوق النقد الدولي يشترط التوافق: ماذا بقي للحكومة؟

أكدت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية أن وثيقة الإصلاحات الاقتصادية التي أعدتها الحكومة تستجيب للإصلاحات التي يطالب

بها صندوق النقد الدولي، مشيرة إلى أنه ستتم مناقشة الوثيقة مع جميع الأطراف المعنية قبل التفاوض بشأنها مع الصندوق، وبينت أن الحكومة أعدت مشروع وثيقة يتعلق ببرنامج الإصلاحات، إصلاحات تقترحها الحكومة بصفة عامة وهي تستجيب في ذات الوقت لمتطلبات الإصلاحات التي يطالب بها صندوق النقد الدولي، وستكون هذه الوثيقة محل تفاوض ونقاش في محاولة للوصول إلى وثيقة تحظى بالتوافق وتكون ورقة تستعملها الحكومة للتفاوض مع الصندوق في الأيام القليلة القادمة.
أثارت وثيقة الإصلاحات -منذ أن قدمتها الحكومة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل منذ أكثر من أسبوعين ثم نشرتها منظمة «أنا يقظ»- جدلا واسعا وانتقادات كبيرة خاصة من ناحية الإجراءات التي تضمنتها والمتمثلة في تجميد الزيادة في الأجور في القطاع العام بين سنتي 2022 و2024 إلى جانب تجميد الانتداب في الوظيفة العموميّة والقطاع العام إضافة إلى الرفع التدريجي لدعم المحروقات إلى أن تبلغ سعرها الحقيقي (2022 - 2026) كذلك، الترفيع في معاليم استغلال الكهرباء والغاز ووضع منظومة إلكترونية تسمح بالتسجيل والتصرف في التحويلات المالية للفئات المعنية بتلقي التعويض عن رفع دعم المواد الأساسية ابتداء من سنة 2023. كما يقترح البرنامج التخلي عن الديون العموميّة المتخلّدة بذمة المؤسسات العموميّة ومراجعة سياسة الدولة في علاقة بمساهماتها في رؤوس أموال المؤسسات العمومية «غير الاستراتيجية» وصولا إلى التفويت فيها (بداية من 2022).
مفاوضات صعبة مع الأطراف الداخلية
تشير كل المعطيات والمواقف الأولية خاصة للاتحاد العام التونسي للشغل إلى أن المفاوضات مع الأطراف الداخلية قبل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ستكون عسيرة جدا خاصة وأن الإجراءات التي تطرحها الحكومة ويطلبها الصندوق من الصعب جدا أن يقبلها اتحاد الشغل الذي سبق وأن عبر عن استنكاره لما يكتنف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي من غموض وسرية وتعتيم وغياب لأيّ صيغة تشاركية داخلية، ودعا إلى الشفافية وحقّ النفاذ إلى المعلومة وإشراك المنظّمات الوطنية وسائر مكوّنات المجتمع المدني في تسطير مسار هذه المفاوضات بما يضمن وضوحها ونديتها وحفاظها على مصلحة الشعب والوطن والإسراع بتدقيق تجربة المفاوضات السابقة قبل الخوض في جولة جديدة معلنا رفضه لأيّ مفاوضات لم يسهم في إعداد أهدافها وبرامجها ووسائلها ومآلاتها.
برنامج إصلاحي متفق عليه
يشترط صندوق النقد الدولي التوصل إلى اتفاق مع كل الأطراف للتفاوض على الاقتراض عبر برنامج إصلاحي متفق عليه والأهم أن يطبق على أرض الواقع دون أن يحدث أية توترات اجتماعية أو أن يلقى رفضا، شرط بمثابة الضمان الوحيد للصندوق كي يجد البرنامج الإصلاحي طريقا للتجسيد وعدم تكرار أخطاء الحكومات المتعاقبة، اتحاد الشغل حاليا بصدد دراسة وثيقة الإصلاحات ومن المنتظر أن يقدم ملاحظاته وإجابته حول الأهداف الكمية والمسائل الخصوصية في علاقة بالدعم والمؤسسات العمومية في الأيام القادمة، وقد تتالت تصريحات الاتحاد ومنذ اطلاعه على وثيقة الحكومة الرافضة لهذه الإجراءات تتلخص في كونه لن يساهم في تجويع وتفقير الشعب، لتجد الحكومة نفسها أمام هذه الانتقادات ورفض الاتحاد أمام تحد كبير والمتمثل في مدى قدرتها التفاوضية مع صندوق النقد الدولي باعتبار أن التفاوض حسب ما هو معلوم عند الجميع فيه موازين قوى ولم يعد الاستثناء التونسي في الانتقال الديمقراطي عنصر قوة في المفاوضات وهو ما جعل الصندوق يرضخ لبعض التنازلات مما قد يضعف قدرة الحكومة على التفاوض مع فقدان الاستثناء التونسي بريقه خاصة أمام تنامي المخاوف بعد إجراءات 25 جويلية وغياب المسار التشاركي في اتخاذ القرارات .

المشاركة في هذا المقال