Print this page

سنة 2021: سنة الأزمات السياسية والتدابير الاستثنائية

ورثت سنة 2021 عن سابقتها ازمة سياسية في تطور لصراعات الطبقة السياسية ومؤسسات الدولة انطلقت منذ انتخابات 2019،

وقد احتدت حرب المؤسسات وانتقلت لتصبح ازمة دستورية افتتحت بها السنة واستمرت الى ان قام الرئيس بخطوته وازاحة كل خصومه.
كان جليا في مستهل سنة 2021 اننا امام سنة «صعبة» انتقلت فيها المواجهة بين رئاسة الجمهورية ومجلس النواب الى الدستور وباتت الحكومة احد اطراف الصراع الذي تورطت فيه بشكل مباشر، فكانت ازمة التحوير الوزاري الذي مثل انتقالا في الفعل السياسي للرئيس الى الاستهداف الصريح والمباشر لحكومة المشيشي بعد فترة من الصراع المكتوب.
صراع انطلقت به السنة وقد عبر عن نفسه بشكل جلي في ازمة التحوير الوزاري، التي كانت نتاج دفع الاغلبية الحاكمة لحكومتها نحو إجراء تحوير رفضه الرئيس وتمسكت به اغلبية الحكم، النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة وكتلة الاصلاح وتحيا تونس، ودفعت الى تمريره في المجلس بما مثل اعلانا صريحا عن ان الحرب بين المؤسستين بلغت نقطة اللاعودة.
فكان رد الرئيس رفض اصدار الاوامر الرئاسية لتعين الوزراء الجدد ورفض دعوتهم لأداء اليمين الدستورية امامه، فانتقلت من ازمة سياسية بين مؤسسات الى ازمة دستورية اختلف فيها اللاعبون في قراءة الدستور وصلاحيات كل طرف فيه. لتستمر ايام السنة منذ الاسبوع الاخير لجانفي 2021 الى حلول شهر جويلية من ذات السنة وكل احداثها لم تكن الا تطور لهذه الازمة السياسية والدستورية ومحاولات فاشلة لتجاوزها للتقريب بين رئيس المهورية ورئيس المجلس.
ازمة دستورية وأزمة سياسية تقاطعتا مع ازمة صحية عنيفة مرت بها البلاد خلال اشهر الصيف بما هيأ الارضية لخطوة الرئيس، وهي الاعلان عن تفعيل الفصل 80 من الدستور بقراءة توسعية مكنت الرئيس من تعليق صلاحيات المجلس وإقالة الحكومة وجمع السلطات بيده، مستفيدا من حالة غليان في الشارع التونسي الذي ومنذ بداية السنة كان متحركا غاضبا من سياسات الحكومة وجل الطبقة السياسية.
غضب شعبي احتدم بسبب تفاقم الازمة الصحية وارتفاع حصيلة الوفيات جراء وباء كورونا وفشل سياسات حكومة المشيشي في تجنب كارثة صحية كان الفرصة التي استثمرها الرئيس ليعلن عن «ثورته» على الطبقة السياسية بجملة من الخطوات انطلقت في 25 جويلية واستمرت الى 13 ديسمبر الجاري من اعلان الاجراءات الاستثنائية والدخول في جدل وصراع كلامي مع الطبقة السياسية استمر منذ 25 جويلية الى غاية 22 سبتمبر تاريخ اصدار الامر الرئاسي عدد 117 المنظم للحالة الاستثنائية والذي جمع السلطة التنفيذية بيد الرئيس وجعل الحكومة ذراعه الاداري لتنزيل سياساته تحت شعار «تغيير المنظومة».
في 27 من سبتمبر عين الرئيس نجلاء بودن رئيسة حكومة ومعها أعلن حربه على المنظومة وعن نيته اسقاطها وفسج المجال للشعب ليمارس سلطته وارداته، وهو ما بحث عن تجسيده طوال الفترة الممتدة من اداء الحكومة القسم امامه الى غاية صدور قانون مالية 2022 وما بينهما اعلانه في 13 ديسمبر الجاري عن خارطة طريقه والمحطات القادمة.
محطات رحلها الرئيس الى سنة 2022 التي تنطلق بانطلاق الحوار الالكتروني عبر منصة قدم وزير التكنولوجيا معطيات اولية عنها لتمكين التونسيين من تقديم مقترحاتهم عن بالمنصة او بالذهاب الى الحوارات المباشرة التي ستستمر الى 20 مارس القادم، تاريخ اختتام الحوار وفسح المجال للجنة يعينها الرئيس تكلف بالتاليف بين المقترحات وتعديل الدستور الذي سيعرض على الاستفتاء في 25 جويلية القادم.
استفتاء سيرتبط به مصير الرئيس ومشروعه السياسي الذي يرفض كشفه بشكل صريح ويكتفى بتقديم تلميحات تشير الى انه «بناء قاعدي» وديمقراطية مباشرة توزع فيها مسؤولية الحكم.

المشاركة في هذا المقال