وإعادة تشكيله، قرارات أثارت استياء وغضب الأغلبية داخل الحركة واعتبرته خطوة إلى الوراء ومفرغة من المضمون ومعيبة شكلا، خاصة وأنها جاءت بعد نزيف الاستقالات والعرائض الداخلية الواردة على مكتب الغنوشي الذي وجد نفسه محاصرا من كل الجهات، صراعات على أشدها داخل الحركة وتعليق أعمال البرلمان من قبل رئيس الجمهورية إلى أجل غير محدد، كل هذا الحصار أجبره على البحث عن طوق النجاة مهما كانت التكاليف لتحصين موقعه حتى ولو كان داخل الحركة.
أكدت حركة النهضة في بلاغ صادر عنها في ساعات متأخرة أنه تفاعلا مع ما استقر من توجه عام لإعادة هيكلة المكتب التنفيذي، قرر رئيس الحركة لإعفاء كل أعضاء المكتب التنفيذي وإعادة تشكيله بما يستجيب لمقتضيات المرحلة ويحقق النجاعة المطلوبة. وتقدم رئيس الحركة ان يتقدم بجزيل الشكر لكل أعضاء المكتب على ما بذلوه من جهد فيما كلّفُوا به ودعوتهم لمواصلة مهامهم إلى حين تشكيل المكتب الجديد. كما أكد الغنوشي على على مواصلة تكليف لجنة ادارة الأزمة السياسية برئاسة محمد القوماني من اجل المساهمة في اخراج البلاد من الوضع الاستثنائي الذي تعيشه.
استمرار في المكابرة ورفض النصيحة
اعتبر القيادي في حركة النهضة والنائب المجمد في البرلمان سمير ديلو في تصريح له لـ«المغرب» قرار رئيس الغنوشي بإعفاء جميع أعضاء المكتب التنفيذي للحركة، «متأخّر جدّا ومفرغ من المضمون ومعيب شكلا ، فقد كان المقترح منذ يوم 26 جويلية الماضي حلّ المكتب التنفيذي والهيئات المتفرّعة عنه وتكوين خليّة أزمة لها صلاحيّات القرار والإلزام والالتزام ، وبعد ضياع أسابيع ثمينة من المماطلة والتردّد تمّ تكوين خليّة أزمة بقيت تراوح مكانها ثمّ تمّ حلّ المكتب التّنفيذي بشكل استباقي بعد بدأ توارد الاستقالات على رئيس الحركة وبعد أن خطّ ثلث أعضاء المكتب التّنفيذي رسالة استعفاء وطلبوا مقابلة رئيس الحركة لتقديمها ( لا يزالون ينتظرون تحديد موعد له لحدّ الآن ..! )، وتابع قوله إن «هذا القرار لا يعتبر تصحيح مسار أو انقلاب ، بل هو استمرار في نهج الإنفراد بالرّأي والمكابرة ورفض النّصيحة ..».
وضع قيادي غريب
كما شدد سمير ديلو على أن حلّ المكتب التّنفيذي خلّف وضعا قياديّا غريبا يتمثل في حركة يقودها الرّئيس ومستشاروه وخليّة غامضة ، ورئيس مجلس الشّورى و الجزء المتبقّي من مكتبه. وفي ما يتعلق بالخطوات القادمة الممكن اتخاذها للدفاع عن موقف الأغلبية الرافضة لهذه القرارات، قال ديلو «كلّ ما لا تضيق به الأنفس من سبل الإقناع والمحاججة والضّغط .. فإن ضاقت فالمجال فسيح لكلّ ذي نيّة صادقة ووطنيّة أصيلة ليستنشق هواء نقيّا ..». وفيما يتعلق باستقالة الغنوشي من مهامه والتي تعتبرها الأغلبية الحلّ الوحيد لتجاوز الأزمة، أفاد ديلو أن هذه المسألة من شأن الغنوشي وأنه لا وجود في اللّغة العربيّة للفظ «استُقيل ..!»، فهو منتخب من المؤتمر ولكن على كلّ ذي سلطة أن ينتبه جيّدا للمسافة بين الشّرعيّة والمشروعيّة.
أعمال مجلس الشّورى في حكم المعلّقة
وعن ما يتم تداوله بخصوص توجه الغنوشي إلى تعليق أعمال مجلس الشورى، قال ديلو «علّمتني الحياة أن أتوقّع كلّ شيء .. ولا أتفاجأ من شيء ..لم يبلغني أنّه يفكّر في ذلك ولكنّ أعمال مجلس الشّورى في حكم المعلّقة واقعيّا فرئيس المجلس لا يدعو لدورة إلاّ إذا أذن له رئيس الحركة بذلك.. وفي ظلّ كلّ ما تشهده البلاد - ورغم أن الاجتماع يتمّ عن بعد ولا يكلّف عقده مجهودا يُذكر - لم يقدّر أيّ منهما ضرورة التّشاور مع أعضاء الشّورى الـ 150.. «. وفي موضوع آخر وبخصوص التمديد في التدابير الاستثنائية وتعلق عمل مجلس نواب الشعب إلى حين إشعار آخر مع رفع الحصانة عن نوابه، قال ديلو إن « هذا القرار غير معلّل وغير محدّد بسقف زمني ويضع البلاد بشكل أكبر خارج الشّرعيّة الدّستوريّة ..».
محاصرة الغنوشي
وجد الغنوشي نفسه في صراع متواصل مع معارضيه صلب الحركة بسبب قراراته «المنفردة» وسوء الخيارات لاسيما بعد تآكل القاعدة الانتخابية للحركة وخسارة ثقة ناخبيها، فالغنوشي يدرك جيدا أن خسارته ستكون كبيرة ولذلك يحرص على البحث عن مخرج للخروج من «المحاصرة» التي وضع فيها و»تحصين» نفسه وبمعنى أصح تأجيل نهاية الحركة التي على ما يبدو باتت وشيكة، خاصة وأن موقعه في البرلمان بات معلقا إلى حين إشعار آخر بقرار من رئيس الجمهورية بالاستناد إلى الفصل 80 من الدستور.