الرملية المتحركة بالنظر إلى تسارع الأحداث والتطورات بسبب التدابير الاستثنائية التي قررها رئيس الجمهورية قيس سعيد بعد تفعيل الفصل 80 والتي تنتهي مدتها اليوم في انتظار قرار التمديد من عدمه، ورغم من أن الجميع يترقبون ما سيعلن عنه سعيد وخاصة حول رئيس الحكومة المقبل، فإن عدة أحزاب وكتل برلمانية تشهد خلافات وصراعات داخلية كبيرة نتجت عنها عدة استقالات وتعليق النشاط في إشارة خاصة إلى حركة النهضة وحزب قلب تونس وائتلاف الكرامة، فهذا الثلاثي تزعزع بفعل إجراءات تجميد عمل المجلس ورفع الحصانة عن النواب، وباتت عدة قضايا تلاحق بعضهم والسجن يترصدهم.
وجدت حركة النهضة بعد قرارات 25 جويلية نفسها تتخبط وتبحث عن مخرج للبقاء في المشهد السياسي رغم أنها تدرك جيدا أنها خسرت الكثير وفقدت الحاضنة الشعبية التي كانت تتمتع بها في الانتخابات السابقة أمام ارتفاع منسوب الثقة في رئيس الجمهورية، فالحركة التي عرفت عدة استقالات باتت اليوم تناقض نفسها، فبعد بيان مكتبها التنفيذي الصادر يوم السبت الفارط والذي طالبت فيه النيابة العمومية بفتح تحقيق بخصوص ما صرح به رئيس الجمهورية في علاقة بمخطط اغتياله مع الدعوة إلى الكشف عن كل المؤامرات والتصدي لها، أصدرت بيانا ثانيا يوم الأحد عبرت فيه عن تضامنها التام مع عائلة رئيس الجمهورية، إزاء اي محاولة للتشهير بها، او اإقحامها في التجاذبات وأعربت عن رفضها لهذا السلوك المشين، لما فيه من انتهاك للحرمات والمواثيق الأخلاقية والقوانين والقيم التي ينبني عليها المجتمع.
خلافات بسبب بيان النهضة يوم الأحد
جددت حركة النهضة في بيان يوم الأحد التأكيد على ضرورة النأي بالخطاب السياسي عن الشحن والتجييش والتحريض واحترام هيبة مؤسسات الدولة وفي مقدمتها رئاسة الجمهورية، وشددت على رفضها لمثل هذه الممارسات، وكشفت عن استعدادها لاتخاذ الإجراءات التأديبية ضدّ أي من منتسبي الحركة إذا ثبت من خلال تدويناته الإساءة لأي كان والابتعاد عن أخلاقيات الخطاب السياسي، لتشدد أيضا على أن الخروج من الأزمة الراهنة لا يكون إلا بالحوار الشامل بعيدا عن الإقصاء وفق ذات البيان الذي يبدو أنه آثار غضب بعض القيادات في الحركة، حيث دون النائب بالبرلمان المجمّد أسامة الصغير في تدوينة على صفحته الرسمية «الفايسبوك» أن ‘’البيان الأخير للحركة لا يمثلني والأولى التدقيق في من دفع الخطاب السياسي للتحريض والتجييش ضد الخصوم السياسيين’’.
مراجعات عميقة
حركة النهضة ليست الوحيدة التي بات مصيرها مهددا بل كذلك حزب قلب تونس الذي شهد في الأيام الأخيرة استقالات وتعليق النشاط كما أن رئيسها نبيل القروي غائب تماما عن النشاط ومكان وجوده مجهول حتى أن الاتصالات مع حزبه منقطعة، فالحزب يبحث بدوره عن مخرج للخروج بأخف الأضرار خاصة بعد المستجدات الأخيرة بقرار جوهر المغيربي تعليق نشاطه داخل هياكل الحزب والذي تمّ رفضه من قبل كتلته البرلمانية، ووفق تصريحات إعلامية لبعض القيادات فإن الحزب بصدد القيام بمراجعات عميقة في علاقة خاصة بالقيادة.
استقالات في ائتلاف الكرامة
ائتلاف الكرامة لا يختلف مصيره عن حركة النهضة وحزب قلب تونس، فهذا الثلاثي قد وجد نفسه أمام عدو شديد وصعب ويحظى بحاضنة شعبية كبيرة وهو رئيس الجمهورية، فائتلاف الكرامة قد زعزعته كثيرا إجراءات تجميد البرلمان ورفع الحصانة، ليجد عدة نواب مجمدين من كتلته البرلمانية في مواجهة عدة قضايا سابقة، هذا وقد أعلن النائب المجمد عبد اللطيف العلوي، في تدوينة على صفحته عن استقالته من كتلة ائتلاف الكرامة، ومن الحياة السياسية والجمعياتية مع الاحتفاظ بعضوية البرلمان حتى وان كان نائبا مجمدا. الساعات القادمة قد تحمل في طياتها العديد من التطورات والأحداث التي قد تحدث رجة كبيرة في البلاد.