Print this page

اجتماع مجلس الأمن القومي.. رئيس الجمهورية في كلمة شديدة اللهجة: «التحوير لـم يحترم مقتضيات الدستور..ومن تعلقت به قضية لا يمكن أن يؤدي اليمين»

ألقت الخلافات بظلالها أمس في اجتماع مجلس الأمن القومي الذي قرر رئيس الجمهورية قيس سعيد رفعه بعد المشاحنات التي حصلت بين وزير العدل محمد بوستة والوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة

بالعلاقة مع الهيئات الدستورية ثريا الجريبي مع رئيس الحكومة هشام المشيشي بخصوص التحوير الوزاري الذي شابته عدة إخلالات إجرائية ولم يحترم الإجراءات المنصوص عليها في الدستور وبالتحديد الفصل 92 ، الأمر الذي أغضب المشيشي وجعله يدخل في مناوشات مع الوزيرين اللذين شملهما التحوير وأمام هذه الوضعية وبعد توجيه خطاب شديد اللهجة أعلن قيس سعيد عن نهاية الاجتماع، خطاب حمل عدة انتقادات خاصة لرئيس الحكومة.

وفق بلاغ لرئاسة الجمهورية، أشرف رئيس الجمهورية أمس على اجتماع مجلس الأمن القومي والذي خصّص لتدارس جملة من المسائل المتعلقة أساسا بالأوضاع الصحية والسياسية التي تمرّ بها بلادنا، اجتماع حضره كل من رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي ورئيس الحكومة هشام المشيشي ووزير الدفاع الوطني إبراهيم البرتاجي ووزير العدل محمد بوستة ووزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار علي الكعلي ووزير الصحة فوزي المهدي إلى جانب الوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقة مع الهيئات الدستورية ثريا الجريبي، وأمير لواء طبيب مصطفى الفرجاني والهاشمي الوزير عضوا اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا، وسامية عبو عضو مجلس نواب الشعب، المكلفة بالعلاقة مع رئاسة الجمهورية بمكتب المجلس، ونجيب الكتاري الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات، ومحمد المهدي قريصيعة الرئيس الأول للمحكمة الإدارية .

ضرورة تداول التحوير في مجلس الوزراء
أشار رئيس الدولة في مستهل الجلسة إلى تواتر الأحداث في المدة الأخيرة وانتشار جائحة كورونا وكثرة الاحتجاجات نتيجة خيبة الأمل في السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تم اتباعها منذ عقود فضلا عن تأزم الوضع السياسي. كما استمع خلال هذا الاجتماع إلى معطيات حول تطورات الوضع الوبائي في تونس، وأعرب عن انشغاله بالوضع الصحي الراهن مشددا على ضرورة تكثيف الجهود من أجل توفير اللقاح للشعب التونسي في أقرب وقت. هذا وبين رئيس الدولة أن التحوير الحكومي لم يحترم الإجراءات التي نص عليها الدستور، وتحديدا ما نص عليه الفصل 92 أي ضرورة التداول في مجلس الوزراء إذا تعلق الأمر بإدخال تعديل على هيكلة الحكومة، هذا إلى جانب إخلالات إجرائية أخرى. وشدد في ذات الإطار على أنّ بعض المقترحين في التحوير الوزاري تتعلق بهم قضايا أو لهم ملفات تضارب مصالح، مضيفا أن من تعلقت به قضية لا يمكن أن يؤدي اليمين، مشيرا إلى أن أداء اليمين ليس إجراء شكليا بل هو إجراء جوهري. هذا وأعرب رئيس الجمهورية عن استيائه من غياب المرأة عن قائمة الوزراء المقترحين، مبينا أن المرأة قادرة على تحمل المسؤوليات كاملة وقادرة على العطاء وعلى الإصداع بكلمة الحق.

«تجويع الشعب والمتاجرة ببؤسه»
وفق فيديو نشرته رئاسة الجمهورية على صفحتها الرسمية، أكد سعيد أن الاجتماع يأتي لتدارس جملة من القضايا التي تتعلق أساسا بالوضع الصحي وبالأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد والتي تشكو بدورها من مرض عضال ، مشيرا إلى أن «الأحداث تواترت في المدة الأخيرة وتسارعت وانتشرت الجائحة وامتلأت الأسرة وعادت نقائص المرفق الصحي العمومي للظهور وانتشرت الاحتجاجات في كل مكان تقريبا نتيجة لمرارة خيبة الأمل في السياسات الاقتصادية والاجتماعية...تمّ تجويع شعبنا وتمت المتاجرة ببؤسه وفقره حتى ازداد فقره وتفاقم وضعه وتحول جزء منه إلى حطب يشعل بعض النيران ويتاجر اثر ذلك بحطامه أو رماده..لم يعد الوضع مقبولا على أي مقياس من المقاييس وزاد تعقيدا في ظلّ وضع سياسي متأزم..تتشكل حكومة وتبدأ على اثر تشكيلها مشاورات لتشكيل حكومة جديدة لأن التحالفات تغيرت والمواقع تحركت والمصالح الكبرى تضررت أو استشعرت الخطر».

إجهاض مبادرات الرئيس
وشدد رئيس الجمهورية على أنه ليس من اليسير إدارة هذه الأوضاع لان الدستور الحالي وضع الأقفال تقريبا في كل فصل وفي كل باب وترك باب التأويلات التي غذتها الممارسات المتعارضة معه مفتوحا على كل الاحتمالات، قائلا «في كل يوما تقريبا فتوى ممن فتحوا دور الإفتاء وفي كل يوم قراءة وتأويل..الدستور صار كاللباس أو الحذاء الهدف منه هو إضفاء شرعية لا علاقة لها بالواقع بل في قطيعة تامة معه ومع المشروعية الشعبية..تصدر تقريبا كل يوم تعليقات مسعورة وأخرى غير مسؤولة لا تعكس إلا حالة نفسية غير طبيعية..لن نترك الدولة تتهاوى من موقع المسؤولية..من الضروري في هذا الوقت أن اعلم الشعب بأن كلما ما بادرت به لم يكن إلا استجابة لنداء الواجب..لكن في المقابل المنظومة القائمة سعت بكل الطرق إلى إجهاض أية مبادرة قمت بها ولو لا واجب التحفظ لذكرت ما حصل حتى مع عواصم أجنبية ومع دوائر مشبوهة في الخارج..أذكر فقط لا سبيل المثال لا الحصر محاولات إفشال مشروع قرار مجلس الأمن الذي تقدمت به ..كان هناك من يعمل على إفشاله من تونس..أذكر أيضا السباق ضد الساعة لاسترجاع المنهوبة من الخارج..لا تفويض ولا إمضاء ولا أي تحرك على الإطلاق لان من مصلحة البعض أن يتقاسموا مع الناهبين ما نهبوه».

المراسلة يتم توجيهها من قبل رئيس الجمهورية
وتابع الرئيس قوله « الدولة وحدها التي تحتكر القوة الشرعية أو ما يسمى بالضغط المسلح..سنمسك بزمام الأمور في إطار الشرعية والقانون..أود التذكير بالإجراءات التي يجب اتباعها في التحوير الوزاري لا يوجد في الدستور ما ينص على ضرورة عرض التحوير على البرلمان ..كان يجب احترام الإجراءات التي نص عليها الدستور فالأمر لا يتعلق بمجرد تحوير ولكن بإعادة هيكلة وهذه القضية طرحت في البلاد منذ القرن الماضي.. لم يقع التداول في مشروع التحوير وهو إجراء جوهري ولم يكن بناء على مداولة مجلس الوزراء وقال: «أتتني -فقط- مراسلة منكم تتعلق بإدخال تحوير ثم من رئيس مجلس نواب الشعب وكان من المفترض أن توجه إلى رئيس الجمهورية حتى يحيلها بنفسه إلى البرلمان بعد النظر في الإجراءات فلا تم التداول ولا تمّ إعلام رئيس الجمهورية بنية التحوير ثمّ تم إدخال تحوير على الحكومة بإعفاء وزير الداخلية بأمر حكومي ورئيس الحكومة كلف نفسه بأمر حكومي بإدارة شؤون وزارة الداخلية وهذا لم يحصل أبدا في السابق ويمكن أن يكلف شخصا آخر وفي الأوامر الترتيبية يجب أن يكون هناك إمضاء للوزير المعني..فكيف يمكن أن يكون إمضاء من رئيس الحكومة وفي نفس الوقت هو الذي يتولى التأشير..»

«رئاسة الجمهورية ليست صندوق بريد..»
«رئاسة الجمهورية ليست صندوق بريد تتقبل الأوراق وتمضي الأوامر أو تنظم مواكب أداء اليمين وننتقل من مرحلة إلى أخرى، فهي التي تحمي الدولة واستمرارها..ومن تم الاختيار عليهم دون ذكر الأسماء على رؤوس الملأ ..هناك شخص تمّ اقتراحه في التحوير تتعلق به قضية فساد والملف موجود وهناك 3 آخرون لهم قضايا في تضارب المصالح..كيف تتم محاولة الإطاحة قبل أن يتم بتقديم استقالته بالحكومة السابقة بتهمة تضارب المصالح ويتم اقتراح ممن تعلقت به قضية ومن له ملفات في تضارب المصالح..أنا لا أريد تعطيل سير مؤسسات الدولة ولكن يجب أن تعمل وفق الدستور ولا يطالب رئيس الدولة بأن يحترم الدستور وهو يرى بأم عينيه كيف يتم انتهاكه..فاليمين لا يمكن أن يؤدى من قبل أشخاص تعلقت بهم قضية أو يمكن أن تتعلق بهم قضايا في قادم الأيام..يكفي يكفي يكفي ما عشناه منذ 10 سنوات ولن تنردد في تحمل المسؤولية كاملة ..ولدي من الوسائل القانونية لحماية الدولة والشعب..»، وفق قول رئيس الجمهورية.

المشاركة في هذا المقال