Print this page

جمعية «برسبكتيف» للذاكرة والمستقبل: تأبين جلبار النقاش

في هذا اليوم 29 ديسمبر 2020 نودعك آخر وداع يا رفيقنا وصديقنا وحبيبنا جيلبار – اليوم نواريك الثرى في وطنك العزيز

الذي ضحيت بأجمل سنوات عمرك من اجل ان ينعم شعبه بالحرية والكرامة والازدهار .
كنت دائما عاشقا للحرية متمردا ضد كل أشكال الاستلاب والاستبداد ودفعت في سبيل ذلك ثمنا باهضا ..فما ترددت وما ساومت حتى الرمق الأخير..عنيدا..مشاكسا ..تنازل الزمن وتنشد الخلود .. كنت مع صديقك ورفيق دربك نورالدين بن خذر تصطفان الى جانب محمد علي الحامي والطاهر الحداد وفرحات حشاد وأبي القاسم الشابي ..شموعا مضيئة في سماء هذا البلد المعطاء.
تقول في كتابك «كريستال»: « إني ألاحق حريتي لكني أصيبها ولن أصيبها ابدا..انها تمر أمامي وتحيط بي وأنا أحاول أن اقترب منها .. وفي بعض الأحيان أراها قريبة مني وانا على أهبة المسك بها لكني لا استطيع .. وتتسع المسافة بيني وبينها « وحتى اقترب منها اشعر إني حر .. لكن بعد ذلك أرى أنها تبتعد من جديد..فأشك في نفسي وفي طريقي .. فأراجع ما قمت به وأحاسب نفسي .. فتقترب مني مرة اخرى .. وهكذا هي تخاتلني دائما».
ويرى جلبار أن السجين المناضل هو رمز الإنسان الحر وان العبودية والخنوع والهوان هي في الجانب الآخر ..جانب سلطة الاستبداد وجلاديها وحراس قلعتها..بمن فيهم مثقفو البلاد والحاشية المتزلفة ..أما الإنسان الحر .. فسيحافظ على حريته سواء أكان داخل أسوار السجن أو خارجه.
وكما كان جلبار عاشقا للحرية فقد كان أيضا عاشقا للعلم والمعرفة والفن ..كان يلتهم الكتب بكل نهم وشهية .. وفي تعطش لا يعرف الارتواء .. منذ نعومة أظفاره إلى اخر ايام حياته ..يتعلم .. ويتعلم .. من كل الناس .. صغارا وكبارا ..ويجادل .. ويعارض ويحاول أن يقنع وأن يقتنع .. ويمكنك ان تخالفه الرأي وتجادل فرضياته وآراءه .. لكن لا يمكنك ان تنكر عليه الحصافة وإرادة النفاذ الى الحقيقة .. لان الحقيقة وحدها ثورية ..وهو كان ثوريا حتى النخاع .. من مهده إلى لحده ..
وفي الختام على روحك ألف سلام
وستبقى لنا ولكل عشاق الحرية شمعة
مضيئة تنير دربنا وتمزق حجب الظلام عن قلوبنا وعن عقولنا .
محمد الحبيب مرسط

المشاركة في هذا المقال