Print this page

رئيس البرلمان والحوار الوطني: تحويل وجهة الحوار من قرطاج الى باردو مرورا بالقصبة

رغم الخطاب الرسمي المثمن لدور الرئيس قيس سعيد وشرعيته وغيره من العبارات التي تقدمها النهضة ورئيسها رئيس البرلمان الحالي راشد الغنوشي

إلا ان الممارسة السياسية تكشف منذ ديسمبر 2019 عن ان النهضة تعتبر ان سعيد منافسها المباشر وعليه وجب تحقيق نصر عليه بمكاسب صغيرة تتراكم.

حرصت حركة النهضة على ان يميل النظام السياسي التونسي الى النظام البرلماني أي ان يصبح البرلمان اللاعب الاول في مشهد الحكم وكان جليا منذ بداية العهدة البرلمانية الحالية. سواء بخيارات سياسية او تصريحات او محاولات توسيع صلاحيات البرلمان.
رغبة جعلت النهضة في مواجهة احيانا تكون أحيانا صريحة وفي أحيان اخرى متخفية مع رئيس الجمهورية قيس سعيد وقد تجسد هذا بوضوح في مسار تشكيل حكومة المشيشي التي كانت اول انتصارات حركة النهضة على الرئيس سعيد بأن افتكت منه زمام المبادرة والفعل السياسي.
لكن تطورات الاوضاع العامة جعلت من النهضة تترنح تحت وزر نصرها وجعلت الكفة تميل من جديد لرئيس الجمهورية الذي نادته بعض الاحزاب واتحاد الشغل إلى إطلاق حوار وطني ويشرف عليه لانقاذ البلاد من ازمتها التي باتت تهدد تماسك الدولة وبقاءها. دعوة كانت منذ اسابيع عقبتها تحركات للاتحاد وزيارات لقصر قرطاج تمهيدا لإطلاق مبادرة كان من المفترض ان يعلن عنها قبل نهاية هذا الأسبوع لكن ذلك لم يحدث.

فراغ استغله رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي على امل ان يحكم قبضته على زمام المبادرة قبل ان تسحب منه من قبل الرئيس، لهذا فقد توجه بدعوة في كلمته امس بالبرلمان لدى افتتاح نقاش مشروع قانون المالية 2021 بالدعوة الى حوار وطني اقتصادي واجتماعي.
حوار قال الغنوشي ان البلاد تحتاجه، وهي في حاجة لحوار وطني اقتصادي واجتماعي معمّق ومسؤول يجمع الحكومة ومجلس نواب الشعب والمنظمات الاجتماعية والمهنية والأحزاب السياسية يحلّل الإشكاليات ويقدّم المعالجات العلمية والمستعجلة، وفق كلمته التي غاب عنها ذكر رئاسة الجمهورية كشريك في الحوار.
حوار قال الغنوشي ان وجب الانطلاق فيه، وان يكون شاملا وعاجلا عنوانه الأساسي الأولويات الاقتصادية والاجتماعية بهدف ضمان الأمن للبلاد ونجاح مسارها الديمقراطي بتحسين ظروف عيش التونسيين الذين قال عنهم «ان العقل التونسي» يختزن قدرات كبيرة لإبداع حلول ناجعة لكلّ المشاكل الاقتصادية والتنموية.
هذه الدعوة إلى الحوار لم تكن محدثة فالنهضة ومنذ ان توجه التيار الديمقراطي بدعوة لعقد حوار وطني اقتصادي واجتماعي تحت جبة الرئيس قيس سعيد. باتت تكرر في خطابات قادتها وبيانتها الدعوة لحوار تحت قبة البرلمان لكنها تراجعت قليلا واكتفت بالدعوة إلى الحوار ومراقبة تطورات المبادرة المنافسة.
مبادرة اتضح منها القليل وهي الجهة التي ستشرف، رئاسة الجمهورية التي ابدت قبولا لادارة الحوار والاشراف عليه ولكنها المحت الى انه سيستثنى الفاسدين، والقصد هنا لا يحتاج إلى شرح، قلب تونس الذي وجد نفسه برفقة ائتلاف الكرامة مستثنيان من المشاركة في الحوار المرتقب.

استثناء تلقفته النهضة لبناء خطتها التي انطلقت بالدعوة لان يكون الحوار جامعا لا يقصي احدا، قبل ان تدفع بحكومة المشيشي هي الاخرى للاعلان انها شرعت فعليا في الحوار مع المنظمات والاحزاب ومضمونه مشروع قانون مالية 2021، وهي خطوة لكسب ود الاتحاد الذي وجد نفسه شريكا مباشرا للحكومة في ادارة الحوار والشان العام.
عند هذه النقطة يبدو ان البرلمان ورئيسه اختارا ان يتقاطعا مع الحكومة وحوارها وجعله حوارا اقتصاديا واجتماعيا تحت قبة البرلمان بمشاركتها دونا عن الرئاسة التي يبدو ان البرلمان والحكومة اتفقا على سحب الحوار منها وتوجيهه الى بادرو.

خطوة يبدو انها لن تمر دون رد من رئاسة الجمهورية التي اختارت منذ المصادقة على حكومة المشيشي ان تلاعب الجميع بطريقتها التي لم تفك رموزها بعد.

المشاركة في هذا المقال