Print this page

موكب التسليم والتسلم بين الفخفاخ والمشيشي: الحكومة الجديدة في مواجهة أثقل «تركة»

انتظم صباح أمس في قصر الضيافة بقرطاج موكب تسلّم وتسليم المهام بين رئيس الحكومة المتخلّي الياس الفخفاخ ورئيس الحكومة الجديد هشام المشيشي،

موكب تسلم فيه المشيشي رسميا التركة الثقيلة للحكومة السابقة التي دامت مهامها 6 أشهر فقط، من نسبة مديونية مرتفعة و ضعف نسبة النمو وارتفاع نسبة البطالة وارتفاع العجز التجاري إلى جانب عودة انتشار فيروس كورونا بوتيرة لم تشهدها البلاد في الموجة الأولى فضلا عن التجاذبات السياسية وتوتر المناخ الاجتماعي وتفشي الفساد، موكب وجه خلال رئيس الحكومة السابق الياس الفخفاخ عدة انتقادات ورسائل للأطراف التي عملت على إسقاط حكومته ونجحت في ذلك في وقت كانت فيه الحكومة منكبة على وضع خطة إنقاذ البلاد لكن انطلاق الإنقاذ فشل.
تسلّم رئيس الحكومة هشام المشيشي خلال موكب التسلم من إلياس الفخفاخ مخطّط الإنقاذ الذّي وقع إعداده وحصيلة عمل الحكومة المتخلّية في إطار استمراريّة الدّولة، مخطط لم تتمكن حكومته من الانطلاق فيه بسبب الحملات التي شنت ضدها والعمل على إسقاطها وتشويهها وضرب العزائم، وفق تعبير الفخفاخ في كلمة له ألقاها بالمناسبة، ليشدد على النجاح في إسقاط الحكومة وفشل انطلاق الإنقاذ، وبين أن البلاد تصارع من اجل سيادتها وتقاوم لتثبيت دعائم اقتصادها وإبعاده عن حافة الهاوية وسط وجود نفوذ مستراب وتدخل أطراف خارجية قادرة على تحريك الوضع الداخلي من خلال عناصر تابعة لها ومن الواجب التنبيه لإيقاف هذا الانهيار قبل فوات الأوان .

تحميل المسؤولية للجميع
«عندما أنزع جبة الدولة التي كنت أحملها سأجيب عن كل حملات التشوية والمغالطات التي طالتني.. وسيقف التونسيون يوما ما على زيف الحملات التي شنت ضدي وكذبها»، كلمات قالها رئيس الحكومة المستقيل في خطاب التسليم والتسلم أمس والقول واضح بأن الرجل لن يسكت وسيواجه كل الأطراف التي دفعته إلى الاستقالة، وتابع في كلمته أنه بعد تجربة قصيرة حصلت له قناعة بأنّه لا يمكن اليوم حلّ مشاكل الاقتصاد والنمو والفقر والبطالة والتهميش والتفاوت الجهوي طالما لم تُرشّد الحياة السياسيّة ولم تقع أخلقتها وحمايتها من المال الفاسد، محملا الجميع المسؤولية في ذلك، قائلا « إن المرعب في المشهد أن دوائر النفوذ المالية استثمرت في المؤسسات الديمقراطية الهشة على غرار البرلمان والإعلام والإدارة والهيئات المستقلّة والجمعيّات فشوهتها ولوثتها وحوّلت الحلم الديمقراطي وأصبحت تمثل خطرا حقيقيا على الدّولة.. إن المرعب أكثر تدخل أطراف خارجية وقدرتها على تحريك الوضع الداخلي من خلال عناصر تابعة لها». وأضاف أن «تونس اليوم تتهددها الفئوية والنزعة نحو ترجيح المصالح الضيقة الشخصية والفئوية والجهوية وحان وقت تحرك القوى الوطنية لتستعيد الوطن من براثين الجشعين العابثين.. الصمت اليوم غير مقبول.»

معركة مصيريّة وحيويّة
كما أفاد الفخفاخ أن تونس اليوم في قلب العاصفة وتعيش معركة مصيريّة وحيويّة ودولتنا مستهدفة والسلم الأهلي مستهدف وتطلّعاتها مستهدفة، مشيرا إلى أن اقتصاد البلاد يتطلب تخليصه من الريع والمُتمكّنين، كما أن تونس اليوم تتعثر في تثبيت استقرارها وتخجل من ترقيمها السيادي وتتخبط في مساعيها للاستجابة لاحتياجات مواطنيها وخاصة منهم الشباب وضعاف الحال. وتابع أن البلاد ينخر جسمها فساد استشرى امتزج بالسياسة وأصبح يقال فيه أن دولة الفساد باقية وتتجرأ وتتحدى وتتمدد.

التنسيق مع رئاسة الجمهورية والبرلمان
من جانبه، أكد رئيس الحكومة الجديد هشام المشيشي أن حكومته ستكون منفتحة على النّقد والنّصح وأيديها ممدودة لكلّ من يرى نفسه قادرا على النهوض بالبلاد، كما أنه يعول على رفع التحديات الموجودة أمام الحكومة بالتعاون والتنسيق الجدي والبناء مع رئاسة الجمهورية ومع البرلمان ومع كل القوى الحية من أحزاب ومنظمات، مشددا على أن الظّرف الاستثنائي الذّي تكوّنت فيه هذه الحكومة والمخاطر التي يطرحها الوضع الوبائي العالمي الكورونا لن يثنيا الحكومة عن إيقاف النّزيف الاقتصادي، مؤكّدا في السّياق ذاته عزم الحكومة على مواصلة العمل على محاربة آفة الإرهاب والجريمة وكلّ المظاهر المخلّة بالأمن العام. هذا وأشاد المشيشي بالاستقرار الأمني المحقق في تونس في السّنوات الأخيرة وستواصل الحكومة دعم المؤسّستين الأمنية والعسكريّة بالموارد المادّية والبشريّة، متوجها بالتّحية إلى قوّات الأمن والجيش لما تبذله من جهود مكّنت من تحقيق استقرار الوضع الأمني رغم ارتفاع وتيرة المخاطر والتهديدات الإرهابيّة على المستوى الدّاخلي وعلى الشّريط الحدودي. كما توجّه بالتحيّة والشّكر لـ«الجيش الأبيض» العامل في قطاع الصّحة، مكبرا الجهود في مواجهة فيروس كورونا.

المشيشي ينطلق في تكوين فريقه الاستشاري
بعد موكب التسلم والتسليم بين الفخفاخ والمشيشي، جرى موكب التسلم والتسليم بين وزراء الحكومة المتخلية ووزراء الحكومة الحالية لتنطلق بذلك حكومة المشيشي رسميا في عملها ومواجهة التحديات الكبرى لاسيما وأن التركة التي ستحملها ثقيلة جدا وهي ليست ارث حكومة الياس الفخفاخ فقط بل تراكم إرث كل الحكومات المتعاقبةّ، هذا ومع تسلم المشيشي مهامه انطلق في خطوة أولى بترتيب بيته الداخلي وتكوين الفريق الذي سيعمل معه، حيث عيّن وليد الذهبي رئيسا لديوانه. وشغل الذهبي خطّة مراقب عام للمصالح العمومية بهيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية الراجعة بالنظر لرئاسة الحكومة، كما كلف الإعلامية سماح مفتاح، بخطة مستشارة إعلامية مكلفة بالإعلام والاتصال لدى رئيس الحكومة. ومازالت التعيينات متواصلة وسيكون المشيشي في الأيام القليلة القادمة الفريق الاستشاري الذي سيعمل معه، ونفس الشيء للوزراء الذين سيختارون فرق عملهم ورؤساء الدواوين والمستشارين.

المشاركة في هذا المقال