Print this page

بعد جلسة منح الثقة لحكومة المشيشي.. كتل من الحكم إلى المعارضة وأخرى من المعارضة إلى المساندة: تغيرات في خارطة التموقعات داخل المشهد البرلماني

أعادت حكومة هشام المشيشي حسابات عدة أحزاب وكتل برلمانية وخلطت الأوراق من جديد، وبعد جلسة منح الثقة يوم أمس تغيرت خارطة التموقعات داخل المشهد البرلماني

بين أغلبية مساندة للحكومة رغم عدم المشاركة فيها تتمثل في حركة النهضة وقلب تونس وتحيا تونس وكتلة الإصلاح والكتلة الوطنية وكتلة المستقبل وأخرى في المعارضة وبالمعنى الأصح معارضات تضمّ الكتلة الديمقراطية أي حركة الشعب والتيار الديمقراطي وفي الجهة المقابلة الدستوري الحر وائتلاف الكرامة من الجهة الأخرى، فالثلاثي الأخير سيجمعه صف المعارضة فقط وسيضمّ المشهد البرلمان معارضات.

تغيرت جغرافيا التموقعات داخل المشهد البرلماني بعد جلسة التصويت لحكومة المشيشي، مشهد يبدو أنه بات كالكثبان الرملية المتحركة ولكن بالرغم من التغيرات الحاصلة فإن حزبين فقط قد حافظا على تموقعهما وهما حركة النهضة وحركة تحيا تونس، تموقع المساند والداعم للحكومة رغم عدم المشاركة فيها، في المقابل فرضت التطورات الأخرى على كل من التيار الديمقراطي وحركة الشعب (الكتلة الديمقراطية) المشاركان في حكومة الياس الفخفاخ الاصطفاف في المعارضة، التغيرات لم تقتصر على هذا الرباعي بل كذلك على قلب تونس الذي اختار هذه المرة بعد معارضته حكومة الفخفاخ وبالتحديد رئيسها أن يدعم حكومة المشيشي أي الاصطفاف إلى جانب حركة النهضة وتحيا تونس وشغله الوحيد إنهاء مرحلة حكم الفخفاخ.

6 كتل برلمانية تدعم حكومة المشيشي
على عكس حكومة الفخفاخ، فإن المكونات البرلمانية الداعمة لحكومة المشيشي كانت أوسع ولم تقتصر على 4 أحزاب فقط بل شملت إلى جانب حركة النهضة وحركة تحيا تونس كلا من قلب تونس وكتلة الإصلاح والكتلة الوطنية وكتلة المستقبل، فهذه الكتل بالرغم من تحفظاتها على بعض الأسماء اختارت الاصطفاف مع الأغلبية المساندة للحكومة، لاسيما وأن المشيشي قد شدد في خطابه أمس على التزامه الشخصي بالتعامل البنّاء مع جميع الأطياف والأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية إيمانا منه بالدور الوطني لكلّ هذه القوى الحيّة في خدمة البلاد وتحقيق مطالب الشعب، مؤكدا أنه لا يرفض النقد والنصح ويده ممدودة لكل من يرى نفسه قادرا على خدمة البلاد، فالمشيشي استطاع في جلسة منح الثقة ضمان الأغلبية البرلمانية لكن المواقف في السياسة -وهذا أمر مؤكد- ليست ثابتة ونجاح الحكومة ليس في ضمان الأغلبية خلال جلسة التصويت بل في المحافظة عليه لأن الدعم يمكن أن ينتهي بانتهاء جلسة التصويت.

معارضات في البرلمان
يبدو أن التحديات القادمة لحكومة المشيشي تكمن في القدرة على إدارة التناقضات الموجودة في المشهد السياسي أو البرلماني وستجد الحكومة نفسها أمام معارضات ولا معارضة واحدة فقط باعتبار أنه من الصعب أن تتوحد الكتل الثلاث أي الكتلة الديمقراطية والدستوري الحر وائتلاف الكرامة على نفس الموقف، فالدستوري الحر الذي اختار منذ بداية الدورة البرلمانية الاصطفاف في المعارضة ورفض المشاركة في المشاورات السابقة لتشكيل الحكومة قد غير موقفه مع مشاورات حكومة المشيشي وشارك فيها مرة لكن حساباته كانت خاطئة، نفس الشيء بالنسبة لائتلاف الكرامة الذي لأول مرة قرر لأول مرة عدم الاصطفاف إلى جانب حركة النهضة ورفض تزكية حكومة المشيشي بالرغم من أنه من بين المشاركين في الائتلاف الذي كونته النهضة خلال تقديم عريضة سحب الثقة من حكومة الفخفاخ.

الكتلة الديمقراطية تقود المعارضة
الكتلة الديمقراطية بعد أن كانت في الحكم في تجربة دامت فقط 6 أشهر باتت اليوم في المعارضة وحسب تأكيدات قيادات من التيار الديمقراطي وحركة الشعب ستكون الكتلة ضمن المعارضة البناءة والقوية وبذلك فإن الكتلة الديمقراطية والتي تضمّ 38 نائبا ستقود المعارضة في الدورة البرلمانية الجديدة وستؤول لها بذلك رئاسة لجنة المالية، علما وأن اللجنة يرأسها حاليا عياض اللومي عن حزب قلب تونس.

حكومة المشيشي بعد منحها الثقة فجر اليوم ستكون في مواجهة مع مكونات برلمانية تتميز بالتناقض والاختلاف الشديد في التوجهات والرؤى والمواقف حتى أن رئيس البرلمان راشد الغنوشي في جلسة أمس قد شدد على أنّ الخلافات التي يشهدها المجلس تدعو الجميع إلى ضرورة التحلي بروح المسؤولية العالية القائمة على قيم التعاون والتآزر والعمل على التهدئة للتغلّب على كلّ الصعوبات. فالمشيشي سيكون أمام أكبر مواجهة مع مطالب الأحزاب التي منحته دعمها والتي ستطالبه كخطوة أولى القيام بتحويرات في تركيبة الحكومة لبعض الأسماء التي تم تعيينها من قبل رئيسة ديوان مستشارة رئيس الجمهورية نادية عكاشة حسب تأكيدات بعض القيادات الحزبية على غرار رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي .

المشاركة في هذا المقال