Print this page

خاص: الباروميتر السياسي لشهر ماي 2020 عــودة قويـة للتشـاؤم: 53،3 ٪ البلاد تسير في الطريق الخطإ

الباروميتر السياسي لشهر ماي 2020 الذي تقوم به مؤسسة سيغما كونساي بالتعاون مع جريدة «المغرب» منذ جانفي 2015 يأتينا بالجديد :

عودة قوية لنسبة التشاؤم عند التونسيين إذ ارتفعت بـ15 نقطة خلال شهر واحد كما بقي قيس سعيد يحلق لوحده في منسوب الثقة الكبيرة بالتوازي مع راشد الغنوشي في منسوب انعدام الثقة الكلية .
أما سبر آراء نوايا التصويت فيؤكد من شهر إلى آخر بروز استقطاب حاد جديد بين النهضة والدستوري الحر وابتعادهما – إلى حد الآن – عن كل منافسة جدية فيما يفوز قيس سعيد منذ الدور الأول للرئاسية لو تمت الانتخابات هذا اليوم.
من مفارقات الوضع النفسي للتونسيين غلبة التفاؤل عندهم زمن الكورونا إذ قبل شهر واحد كان أكثر من النصف (%54) يعتقدون بأن البلاد تسير في الطريق الصحيح أما اليوم (تاريخ الدراسة من 27 ماي إلى 1 جوان 2020) فإن أكثر من النصف (%53) يرون العكس تماما .
ونحن نقدر بان نسبة التشاؤم هذه مدعوة للارتفاع في الأشهر القادمة إذ بقدر ما نبتعد عن الأزمة الصحية وعن كل المخاوف التي حفت بها تتغلب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية على عقول التونسيين وعلى معنوياتهم .
• في سوسيولوجيا التشاؤم والتفاؤل
نقول في كل مرة عند تحليلنا لنسب التشاؤم والتفاؤل ان التونسيين ليسوا سواء في هذا المجال وان التشاؤم / التفاؤل مرتبط عندهم بكل المحددات الاجتماعية والجندرية والجيلية والجهوية والمعرفية علاوة على المسحة السياسية العامة والتي يترجمها في بلادنا الانتماء الجهوي بصفة واضحة .
• جهويا تبقى تونس الكبرى (تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة) وولايات الوسط الشرقي
( سوسة والمنستير والمهدية ) المناطق الأكثر تشاؤما في حين يتجاوز التفاؤل نصف العينة في الوسط الغربي (سيدي بوزيد والقيروان والقصرين) ويقارب ذلك في الجنوب الشرقي (قابس ومدنين وتطاوين) .
• جندريا الرجال أكثر تشاؤما من النساء بفارق واضح هذه المرة (%59.6 للرجال مقابل %47.2 للنساء ) وقد يعود هذا إلى خوف العديد من الحرفيين والتجار وأجراء القطاع الخاص وكذلك أصحاب المؤسسات على مستقبلهم المهني وعلى احتمال فقدانهم لمصادر رزقهم .
• اجتماعيا الفئة الأكثر تشاؤم هي الطبقة المرفهة بـ%66.7 فيما تبقى الفئات الشعبية والشرائح السفلى للطبقة الوسطى الأكثر تفاؤلا إلى حد الآن .
• جيليا بقدر تقدم المرء في السن يكثر تشاؤمه في هذه الدفعة للباروميتر السياسي ويمكن أن نقول أيضا انه بقدر ارتفاع المستوى التعليمي يرتفع منسوب التشاؤم أيضا .
• الشخصيات السياسية بين الثقة الكبرى وانعدامها تماما: سعيد والغنوشي وجها لوجه
بعد حوالي 7 أشهر من انتخابات أكتوبر الماضي يبقى قيس سعيد محلقا لوحده (تقريبا) في فضاء الثقة الكبرى بـ%59 وذلك رغم المزاحمة التي أصبح يجدها جراء أزمة الكورونا من وزير الصحة عبد اللطيف المكي بـ%44 والسياسي الياس الفخفاخ رئيس الحكومة بـ%33 ولكن هذا الثنائي تراجع بوضوح خلال هذا الشهر إذ خسرا على التوالي 7 و11 نقطة بما يعني أن صعودهما الصاروخي في مؤشر الثقة الكبيرة كان مرتبطا أساسا بأزمة الكورونا وان الخروج الطبيعي من هذه الأزمة سيضعف كثيرا من رصيديهما دون أن يتم استنفاذهما تماما .اما قيس سعيد فلم يخسر إلا نقطتين فقط بما يفيد أن الثقة الكبيرة فيه هيكلية لا تتأثر كثيرا بعوارض الأحداث.
بعد هذا الثلاثي نجد الصافي سعيد بـ%29  ولكن الهام هنا هو احتلال عبير موسي للمرتبة الخامسة وذلك لأول مرة منذ الانتخابات بـ%19 بعد أن ربحت 3 نقاط في هذا المؤشر وقد تمكنت كذلك من إخراج سامية عبو من خماسي الطليعة وهذا يحصل لأول مرة منذ سنوات .
وفي المقابل نجد أن راشد الغنوشي رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة مازال يحلق لوحده في منسوب انعدام الثقة الكلي بأرقام شبه اجماعية (%68) في حين لا يثق فيه تماما الا %6 من التونسيين اي بالكاد القاعدة الانتخابية الضيقة لحركة النهضة .
ويتقاسم المرتبة الثانية في مؤشر انعدام الثقة الكلي زعيم حزب العمال حمة الهمامي وعلي العريض القيادي النهضوي البارز بـ%55 لكليهما ويتبعهما على بعد نقطة واحدة الثنائي يوسف الشاهد رئيس الحكومة السابق ورئيس تحيا تونس ونبيل القروي رئيس قلب تونس .
صحيح أن نسبة الثقة الكبيرة لا تعني بالضرورة نسبة تصويت متناسبة معها ولكنها تعني انخراطا وحماسة للشخصيات العامة المعنية بهذا المؤشر وقد لاحظنا كيف تحولت الثقة الكبيرة في سامية ومحمد عبو إلى تصويت لافت للتيار الديمقراطي جاعلة منه الكتلة الثالثة في البرلمان .
ولعلنا هنا بصدد مشاهدة نموذج آخر يتعلق هذه المرة بعبير موسي إذ رغم أن نصف العينة لا تثق فيها بالمرة إلا أن حصولها على حوالي خمس الثقة الكبيرة ،لو استمر واستقر وازداد، سيتحول حتما إلى خزان انتخابي هام لها ولحزبها ..
كما أن هنالك وضعية لافتة للنظر بالنسبة للحركة الإسلامية وهي على أبواب مؤتمرها فرئيسها (المنتهية ولايته نظريا ) هو أكثر شخصية عامة مكروهة في البلاد كما أن علي العريض – احد الخلفاء المحتملين للغنوشي – ورغم ابتعاده الإرادي عن الأضواء يظل حاملا لصورة جد سلبية عند عموم الرأي العام .. وحده عبد اللطيف المكي ، «الابن» المشاكس ، يحظى بمنسوب مرتفع من الثقة عند عموم التونسيين فهل سيدفعه هذا إلى المراهنة الجدية على خلافة الغنوشي وأن يضحي من اجل ذلك بوزارة الصحة؟ حدسنا أن هذا السيناريو سيقوى مع مرور الأسابيع مع احتداد صراع الأجنحة والمواقع داخل حركة النهضة قبيل مؤتمرها القادم في نهايات (؟) هذه السنة .

المشاركة في هذا المقال