Print this page

الجلسة العامة للتصويت على منح الثقة لحكومة الحبيب الجملي: السخط عام والرضا نهضاوي

رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي كان أكثر المتأكّدين بأن كلمته امام النواب لن تكون محدّدة في اتجاهات تصويتهم لكن التراتيب القانونية

للجلسة العامة المخصصة للتصويت على منح الثقة لحكومته المقترحة فرضت عليه عرض برنامجه داخل قاعة الجلسة العامة فيما كان مآل حكومته يُحدّد خارجها بين أروقة قصر البرلمان بباردو.

رغم علم رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي ان تاثير دعواته للتصويت لحكومته المقترحة محدودة جدا، الا انه دعا النواب إلى الالتفاف حول حكومته خدمة لمصالح تونس ومناعتها في هذا المنعرج الحاسم في تاريخها للخروج من أزماتها الداخلية المتعددة والمخاطر الأمنية الإقليمية الجدية التي تهددها خاصة بسبب الوضع الأمني في ليبيا، وقال الجملي «تونس في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى حكومة تنطلق في العمل بأسرع وقت ممكن لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية».

الجملي تعرّض في كلمته التي القاها امام البرلمان الى مسار تكوين هذه الحكومة الذي وصفه بانه من أعسر المسارات التي شهدتها تونس في ظل تشتت الساحة السياسية منذ الثورة، مما اطال انتظار الولادة العسيرة لحكومته واستفحال التجاذبات حول تكوينها أمام وضع أمني خطير خاصة على الحدود الجنوبية والتداعيات السلبية الاقتصادية والاجتماعية لذلك الوضع الامني..

واعتبر أن حكومته لن تكون حكومة فئة أو حزب أو جهة معيّنة وانما حكومة الواجب الوطني والانجاز والاصلاحات وتكريس قيم الجمهورية التي حددها دستور 2014، واكد ان حصول الحكومة المقترحة على ثقة مجلس نواب الشعب سيكون دافعاً لها للعمل على تجاوز الوضعية الصعبة بتنفيذ برنامج يتركز على استعادة ثقة المستثمر في الوجهة التونسية من خلال العمل على اختصار الاجراءات وآجال المصادقة على المشاريع إلى 90 يوما والمحافظة على حقوق أصحاب رؤوس الأموال.

كما ان الحكومة وفي حال مرّت فانها ستتخذ وفق الجملي اجراءات جريئة لدفع الاستثمار بالجهات الداخلية تكريسا لمبدأ التمييز الإيجابي بالاضافة الى انجاز برنامج استعجالي لتنشيط الاستثمار الخاصّ وتحفيزه والنهوض بالمؤسّسات الصغرى والمتوسّطة وإعادة تأهيلها.

كما ستركّز حكومة الجملي وفق ما تضمنه خطابه امس على بلورة إجراءات عاجلة لإعادة النسق الطبيعي لعديد القطاعات التي تشهد تراجعا في آدائها كقطاع المناجم والصناعة والبناء والبعث العقاري والنقل واللوجستية والطاقة والطاقات المتجددة، كما أعلن الجملي عن برمجة إحداث وكالة وطنية للتصرّف في مساهمات الدولة لتعزيز حوكمة المؤسّسات العمومية وإعادة هيكلتها نظرا لتراكم خسائرها وتدنّي تنافسيتها وكذلك بعث وكالة وطنية للتصرّف في الدين العمومي.

اما في ما يخصّ التضخّم والتحكم في الاسعار فستكون المحافظة على المقدرة الشرائية للمواطن احدى الاولويّات عبر ضمان التزويد بالمواد الاستهلاكية الأساسية والحدّ من ارتفاع الأسعار ومقاومة ظاهرة الاحتكار تعتبر من الأولويات الأساسية للحكومة مع تحويل الاشراف على اللجنة الوطنية للتحكّم في الأسعار الى رئاسة الحكومة لتأمين المراقبة المستمرة لمسالك التوزيع والفضاءات التجارية وأسواق الجملة والتفصيل ومحلات الخزن والتبريد بالاضافة الى إحداث فرقة مختصّة صلب وزارة الداخلية لتعزيز جهود مقاومة الاحتكار والتهريب.

غير راضين ولكن...
اولى مداخلات النواب والكتل البرلمانية بعد كلمة رئيس الحكومة المقترح وعرضه للخطوط العريضة لبرنامجه كانت من طرف حليمة الهمّامي عن كتلة إئتلاف الكرامة والتي عكست في مداخلتها موقف كتلتها من حكومة الحبيب الجملي اي التصويت بنعم على تركيبتها ومنحها الثقة رغم عدم الرضا على بعض الاسماء الواردة فيها وشبهات الفساد التي تلاحقهم.
حيث قالت النائب عن كتلة ائتلاف الكرامة «الشعب إنتظر الحبيب الجملي كثيرا ولكن أتيت بحكومة لا تليق بتونس وهو ما ينمّ عن قلة الذوق السياسي وإنعدام الكفاءة...لكن سأصوت على حكومة الحبيب الجملي من باب المسؤولية التي كلفني إياها الشعب حتى لا أزيد الطين بلّة....»

كتلة الدستوري وخطاب الجملي الخشبي
موقف الحزب الدستوري الحرّ من الحكومة هو الرفض كما هو معلوم، موقف عبّرت عليه رئيسة الكتلة البرلمانية للدستوري الحرّ عبير موسي التي اكدت في مداخلتها خلال الجلسة العامة امس ان الحكومة المقترحة غير قادرة على تحقيق أي برنامج وأي نجاحات، بل ذهبت حدّ وصف خطاب رئيس الحكومة المكلّف الحبيب الجملي بـالكلام الخشبي والوعود الفضفاضة في ظل الواقع الذي لا يسمح بتحقيق النجاحات والانجازات التي تحدّث عنها، وفق تعبيرها.

لتخلص رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحرّ انه لا يمكن انتظار النجاح من أشخاص صاغوا نظاما سياسيا أدّى الى محاصصات وتناحرات وتجاذبات سياسية والبلاد تعاني حالة من الفراغ مع امكانية مرور البلاد بأزمة دستورية جديدة.

تحيا تونس لا يريد حكومة من وراء الستار
لم تبتعد مداخلة النائب عن الكتلة البرلمانية لحركة تحيا تونس مبروك كورشيد عن مداخلة عبير موسي الا انها كانت اقلّ حدّة، حيث اعتبر كورشيد انه من غير المقبول أن يتحدّث الحبيب الجملي عن استقلالية أعضاء الحكومة في حين انّه هو نفسه مرشّح من حركة النهضة كما انه من غير المعقول ان يرفض الجملي وساطة رئاسة الجمهورية في البحث عن توافق حول الحكومة في حين يقبل التحاور مع أشخاص غير منتخبين أصلا، وفق تعبيره.

ليُنهي مبروك كرشيد مداخلته بالتأكيد ان كتلة تحيا تونس لا تريد حكومة من وراء الستار بل حكومة مُعلنة.

وزراء ليس لهم شهائد
حزب الرحمة الذي اعلن انه لن يصوّت للحكومة اعاد تاكيد موقفه على لسان رئيسه سعيد الجزيري في مداخلته خلال الجلسة العامة امس التي تضمّنت اتهاما للجملي باقتراح وزراء في حكومته أعضاء الحكومة لم يتحصّلوا على شهادة الباكالوريا معتبرا ان خطابه لا يبتعد كثيرا عن خطاب يوسف الشاهد الذي وعد من خلاله الشعب بالنموّ في حين أن ما تحقّق هو الترفيع في الضرائب والمديونية.

النهضة والمصلحة الوطنية
اولى المداخلات لنواب كتلة حركة النهضة كانت للنائب بلقاسم حسن الذي اكد ان النهضة غلّبت المصلحة الوطنية على مصلحة الحزب من خلال التصويت للحكومة المقترحة من طرف الجملي البعيد عن كونه شخصية نهضوية، وفق حسن الذي اكد ان الحركة كلّفته بتشكيل الحكومة بعد استشارة عديد القوى السياسية والفاعلة في المشهد السياسي التونسي.

لتصبّ بقية مداخلات نواب حركة النهضة في نفس تلك الفكرة اي التصويت للحكومة رغم عدم الرضا اعلاءا للمصلحة الوطنية، ومن بينها مداخلة جميلة الجويني التي حذّرت من خطورة إسقاط حكومة الجملي جراء الأوضاع على الحدود التونسية الليبية.

لن يكون هناك فراغ
النائب عن الكتلة الديمقراطية زهيّر المغزاوي اكد في مداخلته انه سيقع تكوين حكومة وطنية فيها كل الأحزاب إستجابة لنتائج الإنتخابات فالحديث عن حكومة الرئيس ليس رفضا لنتائج الصناديق انما مقاربة سياسية لحل الازمة، كما انه وفي حال عدم مرور حكومة الجملي المقترحة فلن تعيش تونس الفراغ مما يجعل خطابات التخويف من الفراغ غير مجدية، كما عبّر المغزاوي عن رفضه منطق تخوين الكتل النيابية التي تعتزم عدم التصويت لفائدة الحكومة.

كتلة الاصلاح تؤيّد حكومة وحدة وطنية
من جهته اعتبر النائب عن كتلة الإصلاح الوطني حاتم المانسي أن الحكومة المقترحة لا ترقى إلى تطلعات التونسيين وأنها غير مستقلة، مشيرا إلى أن كتلته تؤيد في المقابل فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية التي تحدث عنها زهيّر المغزاوي ودعا إلى عدم التصويت لحكومة الجملي نظرا لكونها حكومة ولاءات ولوبيات متنفذة ، وفق ما ورد على لسان النائب في كتلة الاصلاح.

كتلة المستقبل وتحكيم الضمائر
الصحبي صمارة عن كتلة المستقبل التي تدعم في جزء منها التصويت لفائدة حكومة الحبيب الجملي المقترحة ذكر ان جلسة امس لحظة فارقة تستدعي تحكيم الضمائر خاصة في ظل السيناريوهات التي تعدّ على الحدود تزامنا مع اهتزاز الأمن الاقليمي وقرار دوائر الاستعمار الفرنسي والاماراتي احباط التجربة الديمقراطية في تونس وفق تعبيره.

الوزراء اللذين سيقع تغييرهم
الكتلة البرلمانية لحزب قلب تونس كانت آخر اقلّ الكتل التي تدخّل نوابها خاصة في ظل ما يُتداول حول انقسام داخلها بخصوص التصويت لمنح الثقة لحكومة الحبيب الجملي من عدمه، لتكون مداخلة النائب صلبها اسامة الخليفي في اتجاه رفض الحكومة باعتبار ان منهجية تكوينها لم تكن سليمة حيث كان الأسلم التحاور مع الأحزاب التي كان بالامكان أن تصوت لصالحها.

كما وجه النائب عن كتلة حزب قلب تونس سؤالا للحبيب الجملي بخصوص اسماء الوزراء المقترحين اللذين سيتمّ الاستغناء عنهم اذا ما مُنحت هذه الحكومة المُقترحة ثقة 109 نائب.

المشاركة في هذا المقال