Print this page

جل الكتل في البرلمان ضدها : هل تمر حكومة الحبيب الجملي

يبدو ان مصير حكومة الحبيب الجملي بات اشد ضبابية مما كان عليه يوما ما اذ بعد 50 يوما من تكليف الجملي

انفض من حول الرجل ومن حول الحركة التي كلفته جل من اعربوا يوما ما عن امكانية دعمه ليتجه الى البرلمان خلال الايام القليلة القادمة وهو يمنى النفس ان تنقذه النهضة وتوفر له الأصوات الضرورية لتمر حكومته.

يمكن اعتبار الاسبوع الراهن اسبوع الحكومة بامتياز، فمنذ بدايته كان الخبز اليومي للتونسيين: مسار تشكيل الحكومة ومن هم اعضاؤها والذين لم يكشف عنهم الجملي إلا يوم الخميس الفارط، من قصر الضيافة بقرطاج بعد شد وجذب وتوتر في العلاقة مع رئاسة الجمهورية.

الجملي الذي تمسك بخيار حكومة كفاءات مستقلة احاط نفسه بأكثر من 40 عضوا في الحكومة بين وزراء وكتاب دولة يعتزم ان يتجه بهم الى البرلمان عندما سيحدد مكتب المجلس موعدا لجلسة منح الثقة، واليوم يحسم الامر وسيحدد موعد جلسة منح الثقة.

جلسة يبدو ان الجملي سواء ضمن الاصوات الـ109 ام لا سيتجه اليها بهدف فرض سياسة الامر الواقع إما هذه الحكومة او الذهاب للخيار الدستوري البديل وهو تكليف رئيس الجمهورية لشخصية جديدة، وهو خيار راهن عليه الرجل بعد تعثر مشاوراته مع حركة الشعب والتيار الديمقراطي وحركة تحيا تونس في منتصف ديسمبر الفارط.

خيار شجعته عليه النهضة من خلال مقاربة ان الكتل البرلمانية ستحتكم للعقل، والعقل يقول ان حكومة الجملي على مساوئها افضل من المغامرة بالذهاب الى رئيس الجمهورية وما قد يترتب عن ذلك من سيناريوهات اسؤوها انتخابات تشريعية مبكرة.

مراهنة النهضة على عامل الخوف من المجهول وعلى انها ستنجح في حشد انصار لحكومة الجملي، لم يعد كافيا لتحقيق الاصوات الكافية لنيل الثقة، اذ ان الحركة وخلال الايام الفارطة وجدت نفسها تحاول جاهدة ان تخرج من الصورة وان تساعد الجملي على تسويق حكومته على انها حكومة مستقليين وكفاءات.

محاولات كانت قاب قوسين او أدنى من ضمان الحد الادنى لمرور حكومة الجملي في البرلمان متى اتجهت اليه لنيل الثقة، فالنهضة التي كلفت الجملي- ورغم التململ في صلبها - لازالت قادرة على ضبط كتلتها ودفعها للتصويت لصالح الحكومة، كما ان حزب قلب تونس الذي وجد لنفسه موضع قدم في حكومة الجملي باسماء ابرزها الفاضل عبد الكافي، اعرب هو الاخر على عدم اعتراضه على الحكومة ملمحا الى توجهه للتصويت لها باعتبارها حكومة مستقليين لا حكومة النهضة.

كتلتان دعمها شبه محسوم ستصطفان خلف الحكومة التي يبدو انها ضمنت الى حد الان 92 صوتا بنعم، لكنها اصوات غير كافية لمرورها، اذ مازالت في حاجة الى 17 صوتا على الاقل لتمر بالحد الادنى وهو 109 أصوات.

هذه الاصوات المطلوبة هي المعضلة ، فالنهضة التي راهنت منذ تسويق مسألة حكومة كفاءات مستقلة على اقناع كتل ونواب بالتصويت لصالحها ، ستجد نفسها عاجزة عن القيام بذلك مهما سعت، فهي تدرك ان اسماء عدة في الحكومة المقترحة مقربة منها ومحسوبة عليها، والاهم ان اسماء اخرى محسوبة على قلب تونس.

هذه الاسماء الاخيرة هي المعضلة، فالنهضة كابدت لتتمكن من اقناع كتلة ائتلاف الكرامة بتوفير دعم لحكومة الجملي على قاعدة انها حكومة مستقليين ولن يكون فيها قلب تونس لكنها ستجد صدا كليا من الكتلة عن دعم حكومة تضم قلب تونس، فالناطق باسم الكتلة سيف الدين مخلوف كان واضحا في هذه النقطة.

اذ ان كتلة ائتلاف الكرامة وعلى لسان الرجل لن تمنح اي صوت لحكومة تضم قلب تونس، وحكومة الجملي وقعت في المحظور بالنسبة لكتلة ائتلاف الكرامة ، وهذا ما يفسر تشديد قادة حركة النهضة على غرار نور الدين عرباوي على امكانية مراجعة اسماء في القائمة المقترحة وتعديلها.

تلميح لا يهدف فقط لإقناع كتلة ائتلاف الكرامة بل باقي الكتل التقنية التي راهنت عليها النهضة والتي تتالت مواقفها المعربة عن رفض التصويت للحكومة، لتضاف لكتلة الدستوري الحر والكتلة الديمقراطية وكتلة تحيا تونس التي بات موقفها واضحا من الحكومة قبل الاعلان عن هوية اعضائها.

كل المؤشرات توحي بان حكومة الجملي في وضع حرج لكن السؤال هل يمكن ان تنقذها النهضة وباي ثمن؟

المشاركة في هذا المقال