Print this page

بعد استقالة 9 نواب من كتلة الجبهة الشعبية: هل هي ورقة للضغط أم شرخ حقيقي؟

لا حديث في اليومين الأخيرين إلا عن الأزمة صلب الجبهة الشعبية والتي تسارعت فيها الأحداث بشكل غير مسبوق

من حرب التصريحات والبيانات إلى الاستقالات من خلال استقالة 9 نواب من كتلتها البرلمانية من مجموع 15 نائبا والتي ستكون منحلة في صورة تفعيل الاستقالات بعد مرور 5 أيام من تقديمها إلى مكتب الضبط بالبرلمان، عاصفة تعيش على وقعها الجبهة بسبب الصراعات والخلافات مع اقتراب المواعيد الانتخابية، خلافات عميقة امتزجت بين «رواسب الماضي» و«خلافات الحاضر» لتشعل فتيل أزمة هي اكبر أزمة واجهتها الجبهة منذ تشكيلها، أزمة قد تنتهي بتقسيمها ما لم يتم حلّها قبل فوات الأوان.

لئن شدد النواب التسعة المستقيلون على التزامهم بمشروع الجبهة وبالخط السياسي لها فإن تراجعهم عن قرار الاستقالة وارد لكنه متوقف على مدى التفاعل الايجابي مع مطالبهم والذي يتجاوز حسب تصريحاتهم الإعلامية الترشحات للانتخابات التشريعية والرئاسية إلى ما هو أعمق وبالتحديد الوضع الداخلي صلب الجبهة على مستوى اتخاذ القرارات والتسيير والهيكلة حتى أن حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد لم يشارك في اجتماعات مجلس الأمناء منذ 19 مارس الفارط، وفق ما أكده القيادي بالحزب المنجي الرحوي في تصريح له لـ«المغرب».

النواب ينتظرون ..
حسب المنجي الرحوي فإن التراجع عن قرار الاستقالة متوقف على مدى التعاطي الجدي مع الوضع وتطورات الأزمة صلب الجبهة الشعبية، مشددا على أن أسباب الاستقالات لا علاقة لها بالانتخابات بل بالوضع صلب الجبهة وغياب الديمقراطية والهيكلة وبأدائها في الفترات الأخيرة وتقييمها ومواقفها من مجمل القضايا السياسية وغيرها من الأسباب التي أجبرتهم على خيار الاستقالة. وعن تلاشي الجبهة في صورة تفعيل الاستقالات، رفض الرحوي الإجابة على ذلك، واكتفى بالقول إنهم ينتظرون مدى تعاطي بقية الأطراف مع الوضع والحوارات والنقاشات مازالت متواصلة في الغرض، وشدد على أن الوطد لم يشارك في اجتماعات مجلس الأمناء منذ 19 مارس الفارط والسبب هو أنه لم تتم دعوتهم من طرف الناطق الرسمي للجبهة حمة الهمامي ولا أي قيادي آخر.

سياسة الضغط والتصعيد
اختار النواب الـ9 الذين قدموا استقالاتهم من الكتلة إتباع سياسة الضغط والتصعيد ومن المنتظر أن يعقدوا ندوة صحفية في الساعات القليلة القادمة من أجل توضيح أسباب استقالتهم من الكتلة وربما الإعلان عن مبادرة جديدة لإعادة إحياء الجبهة الشعبية والقطع مع صراع الأجنحة صلبها الذي في صورة تواصله لن يكون للجبهة وجود وموقع في الساحة السياسية في الفترات القادمة وخاصة في الانتخابات المرتقبة، ولكن إعادة إحياء الجبهة لن يكون إلا عبر إعادة ترتيب بيتها الداخلي وهيكلتها من جديد خاصة على مستوى الصفوف الأولى وبالتحديد «موقع اتخاذ القرارات»، ووفق تصريح إعلامي لهيكل بلقاسم (من بين النواب الذين قدموا استقالتهم) فإن قرار الاستقالة كان بهدف التعبير عن موقف صارم وإحداث صدمة إيجابية يُفتح على إثرها حوار جدي صلب ائتلاف الجبهة»، مؤكدا أن هذه الاستقالات تأتي بسبب الأزمة الحاصلة في الجبهة على مستوى آليات اتخاذ القرار. وبين أن نواب الجبهة كانوا قد طلبوا في ثلاث مراسلات رسمية لقاء عاجلا مع مجلس الأمناء والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية، حمة الهمامي، من أجل الحوار حول المرحلة القادمة والاستحقاقات الانتخابية التي على الجبهة مواجهتها، حتى تكون أكثر تماسكا، غير أنه لم يقع الرد على تلك المراسلات».

دعوة المجلس المركزي للانعقاد
نفس الموقف كان لعبد المؤمن بالعانس الذي أرجع أسباب هذه الاستقالات إلى الاختلافات التي تمر بها الجبهة في الفترة الأخيرة، خاصة منها المتعلقة بالانتخابات التشريعية والرئاسية وبتقييم أداء الجبهة. في المقابل فقد دعا حزب الطليعة والذي يترأسه أحمد الصديق الذي كان هو الآخر قد قدم استقالته من رئاسة الكتلة المجلس المركزي للجبهة للانعقاد في أقرب الآجال لفض الخلافات القائمة اثر الاستقالات التي شهدتها كتلتها البرلمانية، معتبرا في بيان صادر عنه أمس أن «الحوار بحضور جميع الأطراف هو السبيل الوحيد لحل الأزمة». وأكد استقالة القيادي بالحزب والنائب أحمد الصديق من رئاسة كتلة الجبهة الشعبية، مرجعا الاستقالة لاستحالة استمراره في الاضطلاع بدوره بسبب ما وصل إليه الأمر داخل الجبهة وانعكاس ذلك على الكتلة. وبيّن أن الاستقالة التي أودعها نواب كتلة الجبهة الشعبية لدى البرلمان لا تساعد على حل الأزمة، داعيا إلى العدول عنها والجلوس مجددا إلى طاولة الحوار ليتحمل الجميع مسؤولية إنجاحه أو فشله.
كما دعا حزب الطليعة الناطق الرسمي للجبهة الشعبية حمة الهمامي إلى الاضطلاع بدوره في الحفاظ على وحدة الجبهة”، مذكرا بـ«المخاوف التي كان عبر عنها في بلاغه الصادر بتاريخ يوم 26 ماي الحالي».

الجبهة مازالت موجودة ..
من جهة أخرى، أكد الناطق الرسمي للتيار الشعبي محسن النابتي لـ«المغرب» أن بقية مكونات الجبهة استغربت من استقالة 9 نواب وتتفهم استقالة نواب الوطد بالنظر إلى الخلافات الموجودة لكن بالنسبة لبقية النواب فالعملية كانت عشوائية على اعتبار أن تصرفهم كان نتيجة رد الفعل على النقاشات الدائرة حول الدوائر الانتخابية، ذلك أن بعض النواب لن تجدد الجبهة ترشحهم للانتخابات التشريعية المقبلة. وأضاف أن قرار الاستقالة أضرّ بهم أكثر مما نفعهم، ليشدد على أن الجبهة موجودة وباقية، إذ تتكون من ائتلاف أحزاب ولا تقف على حزب واحد وقد سبق وأن خرجت منها عدة أحزاب وانضمت إليها أحزاب أخرى، فالجبهة كيان لا يتوقف على عدد الأحزاب المكونة لها.

عدم التشاور
وأضاف النابتي، ردا على تصريح هيكل بلقاسم أنه تمّ الاتصال به في أكثر من مرة عن طريق أعضاء المجلس المركزي أو النواب للحديث معه وتوضيح وجهات النظر ولكن رفض الاستجابة، علما وأن هذا النائب غير متحزب ومن المفروض أن يقف على نفس المسافة من جميع المكونات وعليه ألا ينسى من ساعده للدخول إلى البرلمان. وأوضح أن هؤلاء النواب لم يتشاورا مع قيادات الجبهة ولم يعلموهم بقرار الاستقالة وهذا أمر يثير الاستغراب، أما بخصوص الوطد فهو لا يحضر اجتماع مجلس الأمناء منذ فترة وعن الأطراف التي تحضر الاجتماعات حزب العمال والتيار الشعبي وحركة البعث والطليعة والقطب والحزب الشعبي للحرية والتقدم وحزب الوطد الاشتراكي إلى جانب عدد من المستقلين، موجها الدعوة إلى النواب للتراجع عن الاستقالة والعودة إلى طاولة الحوار والبحث عن صيغ لحلحلة الأزمة ومواصلة النقاش حول رؤساء القائمات الانتخابية وبالنسبة للرئاسية لا مجال لترشيح المنجي الرحوي وفي صورة تمسكه بموقفه عليه أن يبحث عن صيغة أخرى بدل من تدمير الجبهة، فمواقفه لا تنسجم مع مواقف بقية المكونات. وبين أن باستقالة نواب الوطد فإن هذا الحزب قد غادر الجبهة إلى حين التراجع عن القرار.

ويذكر أن 9 نواب من كتلة الجبهة أودعوا ظهر أول أمس استقالاتهم بمكتب مجلس النواب وهم هيكل بلقاسم وعبد المؤمن بالعانس وشفيق العيادي ونزار عمامي وزياد لخضر والمنجي الرحوي وفتحي الشامخي وأيمن العلوي ومراد حمايدي.

المشاركة في هذا المقال