Print this page

ائتلاف المجتمع المدني لمناهضة التعذيب: تواصل الافلات من العقاب .. والموت المستراب ..

رغم وجود التشريعات التي تجرّم التعذيب وعمل مكونات المجتمع المدني ما بعد الثورة على التوعية وتغيير السلوك الا ان

حالات الموت المستراب وسوء المعاملة مازالت متواصلة داخل أماكن الاحتجاز فضلا عن تواصل اشكالية الافلات من العقاب التي من الممكن ان تكرس أكثر هذه الممارسات وفق ما أفاد تقرير لائتلاف المجتمع المدني لمناهضة التعذيب.

بمناسبة اليوم الوطني لمناهضة التعذيب 8 ماي من كل سنة والذي يوافق ذكرى وفاة المناضل السياسي نبيل بركاتي تحت التعذيب خلال سنوات حكم النظام السابق قدّمت منظمات ائتلاف المجتمع المدني لمناهضة التعذيب تقريرا تحت عنوان « واقع التعذيب في تونس للفترة بين 2018 /2019» وقد تضمن عدة نقاط أهمها المنع من السفر دون أحكام قضائية بسبب الاجراء الحدودي «s17» وسوء ظروف الإحتجاز بسبب إكتظاظ السجون إضافة لظاهرة الإفلات من العقاب، وتهديد القضاة المتعهدين بشكايات تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان.

ولئن اجمعت منظمات وجمعيات المجتمع المدني، على أن ظاهرة التعذيب لم تعد سياسة ممنهجة من الدولة، لكنها شددت انها ما تزال حاضرة في ممارسات الأمنيين، معتبرين أن الخطاب الرسمي للدولة محتشم وغامض جدا بخصوص هذه الظاهرة، و أن تواصل ظاهرة التعذيب يعود إلى سبب أساسي هو استمرار ظاهرة الإفلات من العقاب، بالإضافة إلى تعمد بعض النقابات الأمنية والإعلاميين والسياسيين والنواب انتهاك حقوق الإنسان في إطار مكافحة الإرهاب، كما لاحظوا أن القانون التونسي لم ينص على إجراءات خاصة بجرائم التعذيب وسوء المعاملة.

وأظهر التقرير أنّ 30 ألف مواطن تونسي يخضعون للمراقبة الحدودية ومنع السفر بسبب الاجراء «س 17» والذي طالبت عدة منظمات حقوقية بتغييره او التخلي عنه وأنّ أكثر من مائة قضية جزائية مرفوعة متعلقة بإثبات العذرية أو المثلية بالإضافة إلى تواصل حالات الوفاة المسترابة داخل مراكز الاحتجاز و السجون وتواصل الإفلات من العقاب، ونشرت في هذا الاطار امثلة عن ذلك على غرار قضية فاضل الحميلي عامل يومي متزوج توفي يوم 10 /04 /2019 بسجن المرناقية والتى تعتبر المنظمات وفاته مسترابة كما ذكر الائتلاف بقضايا سابقة ومنها معاناة الضحايا من طول آجال تاجيل القضية ومنها احداث الحوض المنجمي، هذا الى جانب اشكالية الاكتظاظ في السجون .

جمال مسلم رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان افاد في تصريح لـ«المغرب» ان الرابطة منذ تاسيسها في ماي 1977 ترصد الانتهاكات التى تطال الحرمة الجسدية وقبل الثورة كانت هذه الانتهاكات ممارسة ممنهجة في اماكن الاحتجاز او في السجون وحتى خارجها، ولكن بعد الثورة تغير الامر وأصبحت غير ممنهجة او اقل مما سبق لكن الذي مازال لافتا للانتباه هو الافلات من العقاب ، كما افاد ان ممارسة التعذيب مازالت متواصلة سواء خلال فترة الايقاف او السجن وأيضا في بعض الجرائم البشعة، وكمنظمات حقوقية ومكونات من المجتمع المدني هناك عمل على هذه الممارسات من عدة جوانب منها التوعوي ولذلك خلال 8 ماي من كل سنة وهو تاريخ وفاة المناضل السياسي نبيل بركاتي تحت التعذيب اجتمعت 7 منظمات وجمعيات تحت ائتلاف مناهضة التعذيب لمتابعة مثل هذه الممارسات.

وذكر رئيس الرابطة بانه وفق الاتفاقية التى ابرمتها مع وزارة العدل وايضا مع وزارة الداخلية اصبح لها الحق في زيارة السجون ومراكز الايقاف وتتلقى الرابطة عديد الشكاوى من قبل العائلات وعلى ضوئها تقوم بزيارات ميدانية لهذه الاماكن وقد لاحظت بصفة عامة ان ممارسات التعذيب والانتهاكات مازالت موجودة ولكن ليس بطريقة ممنهجة لكن هناك اشكال على مستوى القضايا التي ترفع والتي تبين الارقام ان نسبة ضئيلة منها تصل الى الدوائر القضائية وهو ما يكرس ظاهرة الافلات من العقاب ولذلك يطالب الائتلاف مراكز الامن او المؤسسات القضائية بالاهتمام بالقضايا المرفوعة في مجال التعذيب حتى لا يستفحل الشعور بالإفلات من العقاب ويعود الوضع إلى ماهو عليه ما قبل الثورة.

القاضية روضة القرافي، الرئيسة الشرفية لجمعية القضاة التونسيين، قالت خلال الندوة «ليس هناك إرادة سياسية اليوم لجعل الجهاز القضائي قويا وقادرا على القيام بدوره كاملا في التصدي لجرائم التعذيب».

وبينت القرافي، أن الإرادة السياسية تقترن بالاساس بتوفير الإمكانيات اللازمة للسلطة القضائية، من خلال سن التشريعات والقوانين المناهضة لظاهرة التعذيب، وتوفير الدعم اللوجستي للقضاة وتكوينهم في هذا المجال نظرا إلى أنها جرائم معقدة.

ولاحظت أن الدولة لا تضع مسألة مناهضة جرائم التعذيب في سلم أولوياتها، مما يجعل المجتمع التونسي مهددا، مؤكدة أن جميع فئات المجتمع معرضة لأن تكون ضحية التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان والحريات.

المشاركة في هذا المقال