Print this page

الشاهد يعتزم التوجه للبرلمان للمصادقة على تعيين وزير الداخلية الجديد: «الاختبار»...

أول أمس الثلاثاء عاشت الساحة السياسية التونسية على وقع تطورات هامة، لقاء الرئيس بنواب كتلة نداء تونس، والإعلانات المتتالية

لرئيس الحكومة سواء في حواره لوكالة تونس إفريقيا للإنباء، او في تعيين وزير داخلية جديد، هذه التطورات وان انفصلت في أزمنتها ومواقع حدوثها الا أنها مترابطة ان تعلق الأمر بمجريات ازمة الحكم المحتدمة، فالشاهد وكل من يراقبه يدرك ان التوجه بوزيره الجديد للبرلمان هو «الاختبار» الذي ستحدد نتيجته مجريات الأمور لاحقا.

الفاصل الزمني بين إشارة رئيس الحكومة يوسف الشاهد عن ان الساعات القادمة ستحمل اسم وزير الداخلية الجديد وبين الإعلان عن الاسم لم يتجاوز الثلاث ساعات ليعلن أن مدير ديوان وزراء الداخلية الثلاثة السابقين اختير لشغل منصب الوزير الجديد، هشام الفوراتي الذي كان المرشح الثاني لشغل هذا المنصب الشاغر منذ إعفاء لطفي براهم منذ أكثر من شهر.

الشاهد وهو يقول أن الوزير الجديد «سیكون شخصیة ذات كفاءة عالیة وملمة بالملف الأمني، وبعیدة عن التجاذبات السیاسیة» لم يغفل عن الإشارة إلى انه «...لا یمكن إن نواصل لفترة أطول بوزیر داخلیة بالنیابة، وهنالك ضرورة لسد الشغور في وزارة الداخلیة».

هذا الإعلان رافقه تمهيد من رئيس الحكومة لذهابه الى المجلس، ليعلن أن «التجاذبات السیاسیة الحادة في البلاد أدت الى تعطل المشاورات من أجل القیام بتحویر وزاري»في ظل تعلیق مشاورات وثیقة قرطاج 2» وهو ما جعل الحوار بین مختلف الفرقاء السیاسیین بطیئا، إن لم أقل متعطلا». مع الإشارة الى ان حكومته لا تدعمها حركة النهضة فقط بل «هناك أطراف أخرى، سواء من الموقعین على وثیقة قرطاج او من غیر الموقعین، یدعمونها».

كلمات الشاهد وهو يمهد لإعلانه عن الاسم الجديد المرشح ليشغل منصب وزير الداخلية لم يغب عنها الإشارة إلى نيته التوجه للبرلمان خلال الأيام القادمة، لنيل الثقة، وهنا نطق الشاهد بما قد يكون أهم حدث سيعيد تشكيل المشهد السياسي.

قبول رئاسة الجمهورية
بعد أن سبق وانتقد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي قرار إعفاء لطفي براهم في 5 من جوان الفارط واعتبر انه كان يمكن الانتظار، حرصت رئاسة الحكومة على أن تكون عملية اختيار خليفة براهم بالتنسيق مع رئاسة الجمهورية لتعرض عليها اسمين مرشحين، قبل ان تنال قبول الرئيس على الاختيار النهائي.
قبول يراهن عليه الشاهد لاصابة عصفورين بحجر واحد، تنقية المناخ بينه وبين الرئيس وثانيا ضمان دعم شق من كتلة حزبه، سيرون في القبول به من الرئاسة رسالة مرور الرجل في البرلمان الذي سيكون ساحة الاختبار الفعلية للحكومة منذ انطلاق الأزمة.

جس النبض
توجه رئيس الحكومة ووزيره الجديد إلى البرلمان، ينتظر ان يكون نهاية هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع القادم على أقصى تقدير وفق ما تشير إليه المعطيات المقدمة من القصبة، وهذا سيحدد بعد الاطلاع على الآراء في المجلس والوقوف على حقيقة التوازنات صلبه.
فالشاهد الذي طلب منه سواء من رئيس الجمهورية أو اتحاد الشغل الذهاب إلى البرلمان وعرض نفسه على نيل الثقة من جديد لحسم الأزمة المحتدمة منذ مارس الفارط، يدرك جيدا أنّ عرض وزير الداخلية على البرلمان لنيل الثقة هو بمثابة بالون اختبار يحدد على ضوئه باقي خطواته.لهذا فهو حريص على ان يضمن نجاح مرور الوزير ونيله الثقة.

اذ ان نيل الوزير المصادقة بأكثر من 109 أصوات، ستكون الورقة الجديدة التي على ضوئها يرتب الشاهد مصير حكومته، فضمان هذه النسبة سيكون ورقة يواجه بها الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يطالب برحيل حكومته. فالاتحاد سبق له وان اعلن على لسان أمينه العام نور الدين الطبوبي ان حصول الحكومة على الثقة سينهي مطلب تغييرها.

قول الأمين العام كان في ظل عدم وضوح التوازنات في المجلس، اذ ان الشاهد لم يكن قد ضمن دعم 109 نواب، فكتلة حزبه غير موحدة المواقف، والكتلة الحرة بدورها منقسمة، وهذا ما جعله يؤجل اخذ خطوة الذهاب للمجلس كل هذه الفترة. فالشاهد يعلم كما يعلم من اراد جره الى البرلمان، ان تعثره في نيل الثقة على تحويره الوزاري يعني نهاية حكومته سياسيا، حيث سيكون مجبرا على الاستقالة.

لهذا حرص الشاهد على تهيئة المناخ، بالإشارة الى أهمية مرور سد الشغور، والاستقرار الحكومي ليذكر النواب والطبقة السياسية ان للحكومة جملة من الالتزامات لا يمكن الإخلال بها، وان الوضع لعام لا يحتمل ارباكا للمشهد. لكن كلمات الشاهد المطالبة ضمنيا بمرور التحوير يدرك ان لها معارضين.

الداعمون والغاضبون
في انتظار ان يحل ركاب الشاهد ووزير الداخلية الجديد بقصر باردو، تتالت المواقف المعلنة عن قبول نسبي بالتعيين، لكن هذا القبول لا يكشف الوضع بشكل جلي، فان كان مرجحا ان يحظى بدعم النهضة ومن خلفها كتلتها البرلمانية فان الصورة لم تتضح بعد بالنسبة لنداء تونس، الذي التقى أعضاء كتلتها أول امس الثلاثاء برئيس الجمهورية وانتهى اللقاء الى دعوة وحدة الصف.

كتلة النداء التي لاتزال منقسمة بين الدعوة لذهاب الحكومة واستقرارها، لا موقف رسمي صادر عنها، فقط تصريحات متناقضة المضمون عن اعضائها على غرار المنجي الحرباوي الذي شدد على انه لم تقع استشارتهم ولا اعلامهم باسم وزير الداخلية قبل صدوره رسميا، وان موقفهم لم يتغير من حكومة الشاهد، فهم مع رحيلها.لكن هذا الموقف يقابله موقف الشق الاخر المتمسك بالاستقرار الحكومي.

هنا تكمن معضلة الشاهد فهو لا يعلم تحديدا عدد نواب حزبه الذين سيقفون في صفه، وهذا يربك حساباته قليلا، فعدد 109 أصوات غير مضمونة ولكنها غير مستحيلة ان ضمن دعما من كتل مختلفة والقصد هنا دعم الكتلة الوطنية وعدد من اعضاء الكتلة الحرة لمشروع تونس، الى جانب اغلبية كتلة حزبه وكتلة حركة النهضة.
الاختبار هو ما قد توصف به جلسة نيل الثقة لوزير الداخلية الجديد، في ظل حسابات سياسية معقدة لكل طرف، واساسا الحكومة التي يبدو انها ستضع كل بيضها في سلة مرور الوزير والا فان موعد رحيلها قد حان.

المشاركة في هذا المقال