Print this page

إلى كل من يختفي وراء الفقيد محمد الطالبي: المفكر القرآني يقول بالمساواة فما عسى يكون موقفكم ؟

تعرض زميل صحفي لما كتبناه في جريدة «المغرب» حول المساواة في الميراث بين المرأة والرجل وتخفى وراء الراحل الكبير محمد الطالبي ليقول لنا افتراضيا على لسانه بأنّ محمد الطالبي لو كان حيّا «ربما كان سيضحك رحمه الله وهو يقرأ على صفحات بعض الجرائد اليومية هذه الأيام مقالات وآراء استعراضية في المسالة ..مقالات مازال أصحابها يعيشون

على ما «حصلوه» وهم مراهقون من أفكار ومعلومات لما كانوا ينشطون ضمن جماعات خيّل إليهم أنها ستحمل لواء تجديد الفكر الديني فأطلقوا على أنفسهم بمقتضى ذلك تسميات «رنانة» مثل «اليسار الاسلامي» و«الإسلاميون التقدميون» وغيرها ..»
وتفسير هذه الرسائل الملغزة أن الجريدة المعنية هي «المغرب» وان الذي يعيش على ما حصله عند مراهقته هو صاحب هذه الكلمات..

وعلى عكس الزميل فنحن سنورد اسمه واسم جريدته اليومية التي نعتز بها وبنضالها على امتداد كل هذه العقود وبزملاء كثر فيها نتقاسم هموم المهنة وطموحاتها.. الزميل الصحفي هو محسن الزغلامي والجريدة هي «الصباح» الغراء والمقال الذي لم يراع فيه صاحبه حق الزمالة فغمز ولمز ولا كلّف نفسه مشقة التثبت من معطياته صدر يوم أمس ..
المهم في وضعية الحال أن الزميل افترض أن محمد الطالبي لم يدل بدلوه مطلقا في هذا الموضوع (المساواة في الميراث) وانه كان سيهزأ من هذه الدعوة وأصحابها ومن هذا «التعسف على النص القرآني»

ما غاب عن الزميل هو أن محمد الطالبي قد تحدث في موضوع المساواة في أكثر من مناسبة ومنها واحدة على التلفزة الوطنية في برنامج قهوة عربي الذي تنشطه الزميلة إنصاف اليحياوي وقال فيه بالحرف الواحد تقريبا « إن الله نظر إلى المجتمع الذي نزل فيه القرآن وكانت المرأة في ذلك المجتمع بضاعة جنسية فقط ..كان يئد المولودة الأنثى لأنها أنثى (..) الله أورثها في ذلك المجتمع بالقدر الذي يناسب ذلك المجتمع وفتح لنا طريقا .. فالقرآن هداية.

فقراءتي للقرآن قراءة سهمية تسير في نور الله ونور الهداية أي في اتجاه تحسين يمكن أن نحسنه أكثر فأكثر إلى أن نصل إلى المساواة التامة بين الذكر والأنثى ..

هذا هو المنهاج والصراط المستقيم»
كان هذا يوم 15 أفريل 2015 .. ولكن محمد الطالبي كان دوما يصدع ويكتب في هذا الاتجاه وكان يقول بما يسميه «القراءة السهمية» (La lecture vectorielle) وهي أعم وأعمق من القراءة المقاصدية... وقوامها أن القرآن الكريم يهدف الى تحقيق قيم عظيمة لا يمكن انجازها كلها زمن النبي الأعظم والقرآن في تشريعاته يضع ما يمكن أن يطبقه مجتمع القرن السادس، وكلما تطورت المجتمعات تطور التشريع، ولذلك يرفض محمد الطالبي الشريعة كلية. بما في ذلك أحكام الحدود الواردة في القرآن الكريم لا انكارا لها بل باعتبارها مرحلة ضرورية في وقتها وأنه علينا اليوم بواسطة القراءة السهمية أن ننزل القيم الكبرى في تشريعات جديدة تخالف ضرورة التشريع القرآني في هذه المجالات ولكنها تتأتى من الهداية القرآنية ذاتها.

هذا هو فكر محمد الطالبي منذ عقود... وهو فكر مدون في كتبه ومقالاته وحواراته الاعلامية.
والآن لنتجاوز السخرية والتخفي وراء الموتى .. هل اتضح الحق بعدما نطق محمد الطالبي أم مازال في النفس شيء منه ؟ !

المشاركة في هذا المقال