Print this page

خاص: أكثر من ستين مؤرخ تونسي يردون على سهام بن سدرين بيان إلى الرأي العام الوطني والمسؤولين في الدولة

أثار تصريح «رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة» الذي طالبت فيه المؤرخين بـ»إعادة كتابة تاريخ الحركة الوطنية» في ضوء شهادات قدّمت في الجلسة العلنية التاسعة المنعقدة يوم 24/ 03/ 2017 جدلا واسعا في الأوساط الإعلامية والسياسية والجامعية والحقوقية ولدى جزء من الرأي العام الوطني.

وقد سايرها في ذلك البعض ممّن تبقى من أعضاء هذه الهيئة. وللتذكير نشير إلى أن هذه الدعوة ليست جديدة بل سبق أن رفعت بعد الإطاحة بالرئيس بورقيبة وتولّي زين العابدين بن علي السلطة في 7 نوفمبر 1987 وكذلك خلال الشهور الأولى التي تلت ثورة 17 ديسمبر2010 - 14 جانفي 2011. غير أن الأمور وصلت هذه المرة إلى حدّ محاولة الإساءة إلى المؤرخين التونسيين ووصمهم بالتقصير وفتور الهمة وحتى بالتقاعس والجبن الفكري.

لقد فضّل أغلب المؤرخين التونسيين عدم الانخراط في الجدل الذي اندلع غداة الإعلان عن المقترح المذكور وتجنبوا الدخول في سجالات عقيمة بل وخيروا ترك الوقت للوقت في انسجام مع قاعدة عملهم المعروفة: «أخذ مسافة مأمونة، ولو نسبيا، من الأشياء والأحياء». واليوم وقد بدأ ذلك الجدل بالخفوت، يهمّنا، نحن أساتذة التاريخ بالجامعات التونسية الموقعين أدناه، تقديم التوضيحات التالية آملين أن ننجح في استجلاء غامض هذه المسائل الشائكة والحساسة ونقلها إلى مدار الوضوح:

أولا: إنّ «هيئة الحقيقة والكرامة» بجمعها لشهادات عدد من ضحايا التسلط والاستبداد لم تفتح أبوابا كانت مغلقة ولا هي ارتادت آفاقا جديدة، فعمليات جمع الشهادات الشفوية والاشتغال عليها قد انطلقت في تونس منذ خمس وعشرين سنة، وكان لوحدة التاريخ الشفوي بالمعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية (المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر حاليا) ولمؤسسة التميمي دور ريادي في هذا المضمار. فقد تسنّى لضحايا التعسف السياسي والقمع والمحاكمات الجائرة من معارضين ونقابيين وغيرهم أن يدلوا بشهاداتهم بكل حرية، من دون توجيه أو محاولات توظيف. بحيث تمّ تسجيل شهاداتهم في الغالب وفق المعايير العالمية المتعارف عليها وبإشراف أساتذة وباحثين مشهود لهم بالكفاءة والحيادية. ولسنا ندري ما هي المعايير التي اعتمدتها «هيئة الحقيقة والكرامة» في انتخاب الضحايا وجمع الشهادات، ومن نهض بهذه المهمة الدقيقة والحساسة. ولكن لا مناص من القول أن المتحدثين خلال حصة «الاستماع» الأخيرة قد تم انتقاؤهم انتقاء مدروسا ووقع توجيه شهاداتهم من أجل قول أشياء محددة كل ذلك في إطار تصفية حسابات سياسوية. ومن هنا جاز القول أن تلك الشهادات لم تكن بمنأى عن التوظيف السياسي.

ثانيا: لا نملك إلا أن نعلن عن تعاطفنا مع كل من اعتبروا أنفسهم ضحايا الاستبداد الذين أدلوا بشهاداتهم خلال جلسة الاستماع الأخيرة إذ لا يخالجنا شكّ في سلامة طواياهم وصدق مشاعرهم وحقيقة ما كابدوه من آلام ومآس. حتى وإن لزم أن نشدّد على أنّ ما نطقوا به ليس تاريخا وإنما هو شهادات عن تجارب قاسية ولحظات عصيبة ووقائع مؤلمة، شهادات يتعيّن في قناعتنا المعرفية إخضاعها للتحرّي والتمحيص شأنها شأن مصادر البحث الأخرى. فـ«إنتاج الذاكرة» انتقائي واختزالي وتبريري. والشهادة التي يدلي بها الفاعل هي كناية عن بناء ذهني لا يشكل في الحقيقة سوى مصدر مستثار تمّ بناؤه بشكل لاحق. لذلك فإن الباحث/ المستجوب أثناء استدعائه لذاكرة الشاهد «يستثير»المصدر ويشارك في بنائه - إن قليلا أو كثيرا، بوعي منه أو بغير وعي - مع من يدلي بشهادته.

ثالثا: اشتغل المؤرخون التونسيون، في هدوء ومسؤولية، حول مجمل هذه القضايا بوصفهم مواطنين قبل أن يكونوا مؤرخين، هاجسهم في ذلك الالتزام الأخلاقي والخلوص إلى معرفة محكّمة بخصوص وقائع تعتبر معرفتها ونقلها إلى الأجيال القادمة ضرورية حتى يكون للتجارب الماضية معنى واقعي خضع إنتاجه إلى توخي أعلى درجات الاحتراس واليقظة. ويمكن لمن يريد معرفة ذلك العودة إلى فهارس محارب العلم والاطلاع على عناوين البحوث المنجزة حول مواضيع يدّعي البعض أنها كانت محرّمة والتي يبدو أن عيون المنتقدين قد عجزت عن رؤيتها.

رابعا: لا مرية في أن التاريخ يكتبه المؤرخون ولكن هناك حقيقة أخرى يجب أن تكون دائما حاضرة في الأذهان أيضا قوامها أن التاريخ لا يكتب وفق منطق الطلبيّة، فالمؤرخ الذي يحترم مهنته ويبتغي المعرفة دون سواها لا يمكن أن يقبل بأي وصاية على قناعاته. ومن باب الأمانة فإنه لم تصدر خلال الستين سنة الماضية أوامر أو توجيهات بكتابة التاريخ أو بتدريسه بالجامعة التونسية في هذا الاتجاه أو ذاك أو بالتركيز على هذه الشخصية أو تلك أو على فترة دون أخرى.

خامسا: من الواضح أن من أطلق مثل هذه الدعوات وتورّط في إلقاء هكذا اتهامات غير مطلع على الإنتاج المعرفي التاريخي للجامعة التونسية بل وغير ملمّ بخصوصية مهنة المؤرخ وغير معنيّ بقواعدها، وإلا لما طلب من المؤرخين «إعادة كتابة التاريخ»، والحال أن تلك المعرفة كتابة تأويلية مستمرّة لأفعال البشر واجتهاد دؤوب لاستقصاء ضمائر الأموات بالتعويل على الوثائق والشواهد. ولأنه يتعاطى مع المعنى متوسّلا ملكة التأويل، فإن التاريخ يصبح بهذا المدلول كتابة لا تنتهي. وإذا علمنا بأن المؤرخين التونسيين مسكونون بهاجس المساءلة والتصحيح، فإنهم لا يفعلون غير إعادة كتابة التاريخ في ضوء ما تسفر عنه الحفريات والكشوفات المصدرية أو بواسطة مناهج وأدوات جديدة انجلت عنها ورش البحث التاريخي.

إنّ كتابة التاريخ مسؤولية جسيمة وإنّ تحرّي الحقيقة أمانة ثقيلة جدا يلاقي المؤرخون في سبيلها من المشقة والعنت القدر الكبير. وهذا ما يدفعهم إلى الترفّع عن الدخول في مهاترات لا تفيد البلاد والعباد وتزيد في عمق تأزّم مسار العدالة الانتقالية بالطريقة التي يدار بها اليوم. علاوة على أن المؤرخين مثل غيرهم يبقون مطالبين دوما بمسؤولياتهم المواطنيّة وبالمساهمة في ترسيخ نمط مجتمعي مبني على الحرية والعدل والمساواة.

قائمة أولية في الأساتذة الموقعين حتى يوم 8/ 4/ 2017

فتحي ليسير
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس

مصطفى التليلي
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

لطفي عيسى
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

حياة عمامو
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

جمال بن طاهر
كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة

لطيفة لخضر
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

الهادي التيمومي
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

عبدالحميد الفهري
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس

رياض بن خليفة
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

أنيس بن علي
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

ليليا الخليفي
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

مباركة حامد
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

بشير اليزيدي
المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر

كمال جرفال
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة

الحبيب الجموسي
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس

فتحي العايدي
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس

الحبيب القزدغلي
كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة

سامي البرقاوي
كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة

حسين الجعيدي
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

بثينة المرعوي
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

أحمد مشارك
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

محمد حسن
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

الطيب النفاتي
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

عامر يونس
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

نبيل قلالة
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

محمد المريمي
كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة

محيي الدين الحضري
كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة

سعيد بحيرة
المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر

زكية لوم بالحاج نصر
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

ريم اليعقوبي
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

رضا بن رجب
المعهد العالي للعلوم الإنسانية بجندوبة

سلوى هويدي
المعهد العالي للعلوم الإنسانية بجندوبة

وليد بن عكاشة
المعهد العالي للعلوم الإنسانية بجندوبة

الهادي جلاب
المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر- الأرشيف الوطني

كريم بن يدر
الأرشيف الوطني

عميرة علية الصغير
المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر

صوفي يحي عشاش
المعهد الوطني للتراث

محمد الطاهر
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

عبد الحميد هنية
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

محمد سعيد
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة

مهدي جراد
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة

الصادق بوبكر
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

علي نورالدين
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة

نورالدين الدقي
دار المعلمين العليا بتونس

ألفة بودية
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس

منيرة شابوتو الرمادي
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

صالح بعيزيق
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

الحبيب البقلوطي
دار المعلمين العليا بتونس

خالد عبيد
المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر

حسن العنابي
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

عبد الحميد فنينة
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

فيصل الشريف
المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر

عبد الكريم العلاقي
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس

عثمان البرهومي
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس

عادل بن يوسف
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة

الناصر الصديقي
المعهد العالي للعلوم الإنسانية بجندوبة

مية الغربي
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة

أسماء عمارة
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة

رضا كعبية
كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة

سامية الزغل اليزيدي
كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة

المشاركة في هذا المقال