Print this page

ميركل في ندوة صحفية مشتركة مع رئيس الجمهورية: الاتفاق على ترحيل التونسيين «المرفوضين» بعد التثبت في هوياتهم مقابل مساعدات بـ 15 مليون يورو

يبدو أن الأزمة الخفية بين تونس وألمانيا على خلفية ملف المهاجرين غير الشرعيين والمرفوض طلب لجوئهم، قد وجدت طريقا للحلّ في إطار تسوية أرضت كلاّ من تونس وألمانيا، لترحل هذه الأخيرة حوالي 1500 تونسي من أرضها مقابل أن توفر لهم مساعدات مالية لإعادة الاستقرار في تونس

التي بدورها غنمت من التسوية حزمة من المساعدات الاقتصادية والمشاريع التنموية، وقد تمّ تحديد أجل 30 يوما لتمكين السلطات التونسية من التثبت من وثائق وهويات المهاجرين .

تمّ خلال الندوة الصحفية التي عقدت بقصر قرطاج بين رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل الإعلان عن توقيع محضر جلسة يتعلق بتنظيم الهجرة في إطار مقاربة شاملة وتشاركية يستفيد منها البلدان أي ترحيل 1500 تونسي مقيم بألمانيا بطريقة غير شرعية مع تخصيص مبلغ مالي قدره 15 مليون يورو لتسهيل إدماج التونسيين العائدين من ألمانيا وخلق فرص تشغيل لفائدتهم.

تعليمات الباجي قائد السبسي للجهيناوي
محضر الجلسة الذي تمّ إمضاؤه شبيه بالاتفاق الذي تمّ بين تونس وايطاليا منذ سنة 2011 في هذا الشأن ويرضي كلا الطرفين ولا يمس من سيادة البلاد ويضمن كذلك كرامة العائدين التونسيين من ألمانيا، حيث تمّ الاتفاق على أن تتم عودتهم بصفة عادية أي «ليسوا مطرودين»، وقد أعطى رئيس الجمهورية تعليماته لوزير الخارجية خميس الجهيناوي بتكليف القنصليات التونسية في ألمانيا للمساعدة على تحديد هوياتهم بالتنسيق مع وزارة الداخلية عبر استخراج وثائق رسمية لهم بعد التثبت بطبيعة الحال من هويتهم في غضون شهر على أقصى تقدير، علما وأن محضر الجلسة قد تمّ إمضاؤه مع وزير التنمية والتعاون الدولي الألماني الذي سبق المستشارة الألمانية في الزيارة ليلتحق فيما بعد بالوفد المرافق لميركل.

عدد التونسيين غير الشرعيين الموجودين في ألمانيا مازال لم يتحدد بصفة دقيقة، فألمانيا تؤكد أن عددهم 1500 تونسي في حين أن رئيس الجمهورية يؤكد أنهم لا يتجاوزون 1200 تونسي وأن عودتهم لن تتم إلا بعد التثبت من هويتهم واثبات حقا أنهم تونسيون ليتم تسليمهم أوراقهم من أجل ضمان عودة قانونية حفاظا على كرامتهم، فالدولة حسب تعبير رئيس الجمهورية تتحمل مسؤولية مواطنيها مع الحفاظ على السيادة التونسية. ويشار إلى أن ألمانيا حددت قائمة أسماء التونسيين المرفوض لجوؤهم بناء على معطيات تحصلت عليها وما ينقص فقط هو مزيد التثبت من مدى صحتها قبل ترحيلهم. هذا وقد جددت ميركل أيضا خلال خطابها بمجلس نواب الشعب تأكيدها على العودة الطوعية للتونسيين المعنيين بمسألة الترحيل، مع توفير فرص العمل وفتح آفاق لهم في تونس ودعمهم قدر الإمكان، وشددت في الوقت ذاته على أن ألمانيا مستعدة لاستقبال اللاجئين الذين شردتهم الحروب أما المهاجرين الذين ليس من حقهم البقاء فيها فعليهم المغادرة وبالقوة إن لزم الأمر.

ميركل تثمن مبادرة تسوية الأزمة الليبية
تناولت الزيارة الأولى من نوعها لمستشارة ألمانية في السلطة إلى تونس والتي تأتي تلبية لدعوة موجهة إليها من رئيس الدولة، العديد من المسائل المهمة والتي ترمي بالأساس إلى مزيد دعم العلاقات الثنائية بين البلدين على غرار التعاون في مجالات التنمية والبرامج التي تخصّ الشباب على مستوى التكوين والتأهيل في الاختصاصات التقنية والعلمية بالاعتماد على التجربة والخبرة الألمانية، هذا وأكدت المستشارة أنجيلا ميركل خلال الندوة الصحفية مضاعفة بلادها ثلاث مرات لحجم مساعداتها التنموية لتونس منذ سنة 2011 لتبلغ أكثر من 250 مليون يورو. وأعربت عن استعداد الجانب الألماني لمواصلة تعزيز التعاون في مختلف المجالات معتبرة أنّ زيارتها رفقة وفد هام من ممثلي كبرى الشركات الألمانية تؤكد ثقة المستثمر الألماني في تونس كوجهة اقتصادية واعدة في المنطقة إلى جانب مواصلة تقديم الدعم اللازم لتونس لا سيما في المجال الأمني ومقاومة الإرهاب. كما أعربت أنجيلا ميركل عن تقديرها لمبادرة رئيس الجمهورية وإعلان تونس لإيجاد تسوية سياسية شاملة للأزمة الليبية وأكّدت استعداد بلادها لمعاضدة الجهود المبذولة في هذا الملف من أجل تجنيب ليبيا المزيد من الصراعات وتحقيق الاستقرار للمنطقة.

دعم استثنائي من الحكومة الألمانية
رئيس الجمهورية أعرب بدوره وفق بلاغ لرئاسة الجمهورية عن ارتياحه لمستوى التعاون المميز بين البلدين وتقديره الكبير لمواقف ألمانيا الداعمة والمساندة لمسار الانتقال الديمقراطي في تونس، وشدّد على الأهمية الكبرى التي توليها البلاد لدعم علاقاتها مع ألمانيا، الشريك البارز، خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة التي تواجه فيها تونس تحديات كبيرة اقتصادية واجتماعية وأمنية تقتضي دعما استثنائيا من الحكومة الألمانية وانخراطا أكبر من القطاع الخاص الألماني للاستثمار في تونس خصوصا في المشاريع الموجهة لتنمية المناطق الداخلية وتلك ذات القيمة المضافة ودعم السياحة مع الاستفادة من تجربتها خصوصا في مجال التكوين المهني الموجه للشباب بما يساعد على رفع قدراته المعرفية ومهاراته التقنية وتيسير إدماجه في سوق الشغل.

المشاركة في هذا المقال