Print this page

عندما يجد رؤساء الأندية التونسية أنفسهم في فوهة بركان بسبب مسؤوليتهم: رئيس «الجليزة» يرهن منزله والسعيداني كان مهدّدا بالسجن لـ3 عقود من الزمن

كان الإمساك بزمام المقاليد الإدارية لأحد النوادي، في الماضي إحدى المهام التي كان يتطلع إليها أحباء النادي خاصة منهم الميسورون

بشغف لا حدود له فعلاوة على قيادة الفريق الذي يعشقونه فذلك يوفّر لهم سلطة ونفوذا كبيرين في الوسط الرياضي والاجتماعي ...ولذلك كان الأنصار الميسورون يتسابقون على رئاسة النوادي لكنهم في الوقت الحالي خاصة في السنوات الأخيرة تغيرت الصورة 180 درجة.
مع الأوضاع المالية والإدارية الصعبة التي باتت تعيشها الأندية التونسية في السنوات الأخيرة وتضييق الخناق من الاتحاد الدولي لكرة القدم بخصوص بعض النزاعات، يمكن القول إن رئاسة النوادي أضحت بمثابة قنبلة موقوتة يتهرب منها البعض ويخيرون رؤية نواديهم يتهددها الفراغ الإداري دون أن يتقدموا قيد أنملة لمسؤولية قد تجرفهم إلى ما لا تحمد عقباه.والأمثلة عديدة في كرة القدم التونسية لرؤساء اندية وضعوا أنفسهم على كف عفريت جراء تضحياتهم من اجل توفير مصاريف فرقهم وفي الورقة التالية سنحاول الإشارة إلى بعض منها...
المرحوم القروي...حبه العميق للسي آبي كاد يجني على صحته
يتذكر الشارع الرياضي دون شك المرحوم احمد القروي الرئيس السابق للنادي البنزرتي والذي وافته المنية يوم 8 جوان 2017 بعد صراع مع المرض اجبره على ملازمة المنزل ولكنه لم يحرمه من مواصلة الوفاء لفريقه الذي نهل من حبه منذ نعومة أظفاره.
وكثيرا ما رصد عدسات الكاميرا القروي متأثرا في الأوقات الصعبة لفريقه وأثّر الأمر على حالته الصحية ورغم ذلك لم يرم الرجل المنديل ولم يترك الفريق الذي عشقه في نصف الطريق بلا ربان. ولم يبخل الرجل على الفريق بماله الخاص فدفع لحل المشاكل المتعلقة بتركة الهيئة السابقة ولكن بعد ان ابتعد عن التسيير لم ينج من محاولات تشويهه من بعض الأطراف بعد ان رفع قضية لاسترجاع الأموال التي دفعها من ماله الخاص لسداد ديون الفريق حتى تلك التي لا تخص فترة ولايته ولكن البعض لم يتوان عن التشكيك في حبه للنادي والحال انه طالب فقط باموال دفعها من حسابه الخاص وقوت عائلته وابنائه لتجاوز الأزمات الظرفية للسي آبي.
رئيس مستقبل قابس يرهن منزله
لم يكف مستقبل قابس نزوله إلى الرابطة المحترفة الثانية، حيث تعاقبت عليه المتاعب المالية إذ دخل الاتحاد الدولي لكرة القدم على الخط من خلال مراسلتين الى هيئة فريق عاصمة الحناء في ظرف وجيز للمطالبة بمستحقات لاعبيه الأجانب السابقيْن الغيني الشيخ ديالو والبوركيني درامي ميكايلو. وقدرت مستحقات الاول ب214 الف دينار مقابل 70 الف دينار بالنسبة الى الثاني. ووجد رئيس النادي الطاهر صولة نفسه في موقف لا يحسد عليه حيث سلم ديالو مبلغا يقدر ب30 الف دينار اضافة الى صكوك لتقسيط المبلغ كما وضع رئيس ‹الجليزة›منزله الموجود بالعاصمة تحت الرهن على ذمة اللاعب في حال عجزه عن صرف القسط المتبقي من المبلغ.وعانت هيئة صولة من تركة الهيئة السابقة التي كان يرأسها غسان المرزوقي لكن من حسن الحظ انها تمكنت في بداية شهر جوان من غلق ملف الشيخ ديالو بعد ان توصلت لخلاص 214 ألف دينار. ولا يزال اهل القرار في الفريق يحاولون حل الاشكال المتعلق بمستحقات الثنائي، البوركيني درامي ميكايلو المقدرة ب70 ألف دينار والموريتاني احمد خليل مولاي البالغة 100 الف دينار حتى ينجو الفريق من عقوبتي المنع من الانتداب أو خصم النقاط من الرصيد...
السعيداني يتنفس الصعداء بعد معاناة...
يعيش النادي البنزرتي ازمة مالية كبيرة استفحلت في الموسم الحالي لتجعل الفريق يشهد ازمة نتائج وضعته في المركز قبل الاخير من الترتيب. وإضافة إلى ذلك عانى الفريق الامرين من القضايا المتهاطلة عليه في كل مرة من الاتحاد الدولي لكرة القدم بخصوص نزاعاته مع اكثر من لاعب.
وكأن المتاعب لا تأتي فرادى على فريق عاصمة القنال بما ان رئيسه عبد السلام السعيداني وجد نفسه مهددا بدخول السجن بسبب شيكات دون رصيد. وبالفعل قضى السعيداني عقوبة سجنية بأسبوعين في اخر شهر ديسمبر 2019 قبل ان يقع الافراج عنه في جانفي ومحاكمته في حالة سراح من اجل جريمة اصدار شيك دون رصيد في مجموع قضايا غيابية عددها 21 قضية أحيل بشأنها جميعا على انظارها، بعد ان تقدم محاميه الأستاذ احمد كندارة بما يفيد الخلاص في 17 منها بينما بقية القضايا وعددها أربعة (04) واستجابة لطلب لسان الدفاع تم تأخيرها لجلسة يوم 21 فيفري الماضي. وفي شهر جوان المنقضي وبعد مغادرة الرجل البلاد الى العاصمة الفرنسية باريس صدر ضده حكم غيابي بالسجن لمدة 30 عاما بسبب إصدار شيكات دون رصيد أودعها كضمانات لتسيير شؤون فريقه في وقت سابق.
وفي وجود الفريق في وضع صعب مع غياب رئيسه تطلب الأمر تدخل وديع الجريء رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم الذي اجتمع يوم الاربعاء بعدد من رجالات النادي وتعهد بخلاص شيكات السعيداني وإنقاذه من السجن الأمر الذي كان سيجر الفريق الى دوامة المجهول.
الحل ...في الشركات الرياضية
مع نهاية كل موسم ،تنكبّ الهيئات المديرة للاندية على اجراء الجلسات العامة التقييمية والانتخابية وتكشف الوقائع ان جل الاندية تعاني من ديون كثيرة متراكمة ولذلك بات أمرا مألوفا ان نشهد عزوفا كبيرا على رئاسة النوادي بما ان الأمر بات أشبه بعملية انتحار يضع معها المسؤول نفسه في فوهة بركان لخلاص تركات الهيئات السابقة وانقاذ النادي من براثن عقوبات ‹الفيفا›.
ويتمثل الحل دون شك في تغيير القانون مواكبة للتطورات التي يشهدها العالم وتحويل النوادي إلى شركات رياضية بما يفتح باب الاستثمار وهذا التوجه سارت فيه دول عربية على غرار مصر والسعودية فلم لا يتم الاقتداء بهذه التجارب لوضع حد للمشاكل المالية التي تعانيها النوادي وارتباطها الكبير بالجامعة او سلطة الإشراف كقشة أخيرة تتمسك بها للخروج من عنق الزجاجة.

المشاركة في هذا المقال