Print this page

بعد هروب 3 ملاكمين من أبرز عناصر منتخب الأكابر في إيطاليـا: ظاهرة « الحرقان « ملف حارق ينتظر حلولا

في الوقت الذي مازلنا نبحث فيه عن حلول لما يسمى بـ«الحرقة» أو الهجرة غير الشرعية حيث يختار عدد كبير من شبابنا التونسي

الفاقد للأمل امتطاء قوارب الموت بحثا عن حياة أخرى قد تتضح له أجمل خارج تونس، هاهي ظاهرة هروب الرياضيين والتي تتم بعد السفر بطرق قانونية تطرق أبوابنا وتهدّد مستقبل أبطالنـا خاصة في الرياضات الفردية وسط صمت غير مبرّر من سلطة الإشراف.
هذه الظاهرة عادت لتطفو على السطح مرة أخرى بعد فرار ثلاثة ملاكمين تونسيين مؤخرا من مجموع خمسة رياضيين كانوا يشاركون في معسكر تدريبي بإيطاليا استعداداً للألعاب الإفريقية بالمغرب والتصفيات المؤهلة للألعاب الأولمبية بطوكيو الصيف المقبل وهم أحمد التابعي (في وزن 69 كلغ)، غيث الوسلاتي (وزن 60 كلغ) وهيثم البريكي (وزن أقل من 57 كلغ) ويمثلون أفضل عناصرنا الوطنية في أوزانهم.

ملاكمون خيّروا « الحرقة» والتخلّي عن أحلامهم وإغتنام فرصة الهروب بحثا عن تحسين ظروفهم المادية والمعيشية. هذه الحادثة جعلتنا نطرح أكثر من نقطة استفهام حول واقع الرياضات الفردية في تونس بسبب تهميشها، خاصة وأنها دفعتنا لاستحضار حالات هروب عديدة مماثلة لرياضيين تونسيين ووفقا لتقارير رسمية فإن عدد الرياضيين التونسيين الذين هربوا إلى الآن بلغ أكثر من مأتي رياضي من جميع الاختصاصات وتنوعت وجهاتهم بين فرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا مما يؤكد أن الرقم مفزع ويدعو إلى ضرورة التفكير و البحث.

وتعدّ حادثة هروب الملاكم نوفل بالرابح من أولمبياد سيدني عام 2000 والملاكم الهادي السليماني في اسبانيا الحادثتين الأبرز بعد أن تمكن الأول من إعادة رسم مسيرته الرياضية ليتوّج بالعديد من الألقاب العالمية على غرار بطولة استراليا ومنافسته على بطولة العالم ونزاله الشهير بحلبة الملاكمة الشهيرة بلاس فيغاس بعد أن اختار اللعب تحت الراية الأسترالية، في حين تمكن الثاني من دخول تصنيف الـ20 عالميا في وزنه وتوج بعديد الألقاب على غرار بطولة إفريقيا وبطولتين عالمتين.

وتكرّرت حالة الهروب فيما بعد، حيث شهدت بطولة العالم العسكرية بألمانيا عام 2006 هروب خمسة ملاكمين وفي 2009، اختفى الرباع حمدي دغمان من بعثة تونس المشاركة في الألعاب المتوسطية بيسكارا وهي البطولة التي سجّل فيها أيضا اختفاء حكم كرة اليد حسان الرايس وفي العام ذاته هرب أربعة لاعبين من منتخب الكونغ فو وهم زياد الفليتي وعبد الرحمن أميري وأمير العزاز وسامي المستوري أثناء المشاركة في دورة دولية بكندا, أما في سنة 2015 هرب بطل العرب ووصيف بطل أفريقيا المصارع حكيم الطرابلسي وكذلك رشاد بن مصباح ليغادر سنة 2016 المصارع سليم الطرابلسي معسكر المنتخب التونسي ببولندا خلسة قبل أيّام معدودة من أولمبياد ريو دي جينيرو وفي أواخر السنة الماضية تمكّن الثّلاثي وسيم الحريزي وفوزي الكرايدي وسفيان خلايفية من الفرار من بعثة منتخبات بلادهم المتواجدة بإسبانيا للمشاركة في دورة الألعاب المتوسطية في مدينة تاراغونا الإسبانية.

حادثة فرار الملاكمين فجرّت جدلاً واسعاً مرة أخرى في الأوساط الرياضية وتعتبر بمثابة صفحة سوداء جديدة تضاف إلى سوابق أخرى خلناها مضت ولن تعود للرياضة التونسية ولكن هاهو الملف يفتح من جديد ويطرح أكثر من نقطة استفهام حول الوضع الحقيقي للرياضات الفردية في بلادنا والذي جعل من أبطال يمثلون نخبتنا الوطنية التي نعول عليها في التظاهرات الإقليمية والدولية والتي سترفع الراية عاليا، يخيرون الهروب من واقعهم الحالي إلى دول أخرى قد ترى فيها الحياة أفضل.

وعلى ما يبدو فإنّ المسؤولين عن الرياضة في تونس سواء وزارة شؤون الشباب و الرياضة أو الجامعات الرياضية هم السبب الرئيسي في اختيار عدد كبير من أبطالنا الهروب من تونس بطرق غير شرعية والارتماء في أحضان فرق أوروبية عجلت باستقطابهم وتوفير مؤهلات النجاح لتصنع من عدد كبير منهم أبطالا كان بالإمكان وبقليل من الرعاية والدعم المادي والمعنوي من سلطة الإشراف قادرون أن يرفعوا الراية التونسية عاليا في اكبر التظاهرات الرياضية.

وضعية قد تتواصل إن لم تتفاقم في قادم الأشهر والسنوات بما أن اللامبالاة متواصلة من المسؤولين على الرياضة والشباب وهو ما أكدته العديد من الجامعات في الاختصاصات الفردية خلال العديد من الندوات الصحفية التي تم خلالها وبالأرقام الكشف عن حجم المعانات الذي يعيش على وقعه الرياضي الشاب التونسي والذي يدفعه بعد طول انتظار وإطلاق أكثر من صيحة فزع عن البحث عن طريق جديدة خارج حدود الوطن.

المشاركة في هذا المقال