Print this page

مقدمة الفاتحة والثناء على أرحم الرحماء (2)

وتقابلها ستة أحوالٍ للْعَبْدِ ذكرها الله في النصف الثاني من الفاتحة، وهي: العبودية، والاستعانة، وطلب الهداية، وطلب الاستقامة، وطلب النعمة، وطلب الحماية من طرق المنحرفين المعتدين.

• من حكم ترتيب الأسماء الستة الواردة في سورة الفاتحة:
الحكمة الأولى: ترتيبها معجزٌ صالحٌ لشتى أنواع التفكير الصالح في التعرف على صفات ملك الكون ومالكه:

إذا أردت أن تنطبق تلك الأسماء الستة على هذه الأحوال الستة، فَكأنه قيل: إياك نعبد لأنك أنت اللَّه، وإياك نستعين لأنك أنت الرب، اهدنا الصراط المستقيم لأنك أنت الرحمن، وارزقنا الاستقامةَ لأنك أنت الرحيم، وأفض علينا سجال نعمك وكرمك لأنك مالك يوم الدين، واعصمنا من طرق المعتدين من المغضوب عليهم والضالين لأنك ملك يوم الدين، وترتيب المطابقة هنا فقط للتلذذ في المخاطبة، وإلا فيجوز غير ذلك.

ومن ذلك أن تتصور أن الله كَأنه يقول: خلقتك أولا فأنا إلَه، وعرفتك بي فاسمي هو (الله)، ثم ربيتك بوجوه النعم فَأنا رب، ثم جعلت خلقتك ونظام شريعتك الذي تسير عليه وفق مبدأ الرحمة فأنا رحمن رحيم، ثم عصيت فسترت عليك فأنا رحمن، ثم تبت فغفرت لك فأنا رحيم، ثم لم تخرج عن ملكي وسلطاني ولن تخرج، وسأوصل الجزاء إِليك فأنا ملك يوم الدين، ومالكه.

• الحكمة الثانية: التعرف الكامل على الله جل في علاه:

فهو -تَعَالَى ذكره- جعل الاسم الأول (اللَّهُ) اسماً لنفسه فهو مختصٌ به مع تضمنه لمعنى الإلهية الحقة إذا جعلنا الكلمة مشتقة من (إله)، وجعل الخمسة التي أتت بعده أوصافاً له، وهي: الرب، والرحمن، والرحيم، والملك، والمالك، تدل على أوصاف جليلة لاسمه تعالى إيماء بأن موصوفها حقيق بالحمد الكامل الذي أعربت عنه جملة الحمد لِلَّه.

فالخمسة الأخيرة جمعت بين الوصفية والعلمية، فهي أوصافٌ للاسم الأول (الله)، وهي أسماءٌ في ذاتها.

المشاركة في هذا المقال