Print this page

تظاهرة circuit theatre بسليانة: هناك توزّع السعادة علنا و توزّع صكوك الأمل مجانا

طوبى لمن يحلمون وينجزون أحلامهم رغم الصعاب، طوبى لمن يسعون إلى توزيع السعادة علنا في الارياف وزرع الابتسامة على محيا الاطفال والتلاميذ

اينما وجدوا، طوبى لمن يعرفون ان الثقافة حياة فسعوا إلى ايصال هذه الحياة الى المدارس البعيدة عن مراكز المدن، ومن فكرة «الحق في الثقافة للجميع» ولدت تظاهرة circuit theatre.

هي تظاهرة تعمل على الدفاع عن حق الاطفال في الثقافة وتدافع عن حق ابناء العمق الجغرافي المنسي في الفرجة في المسرح والاستمتاع بالتجليات الموسيقية، تظاهرة ولدت متكاملة نظمها مركز الفنون الركحية والدرامية بسليانة الذي اختار الخروج من القاعات المغلقة والتوجه الى الجمهور من الاطفال بالفرجة والمتعة ومحاولة تحقيق معنى اللامركزية فعلا.

المدرسة وجهة مثلى لتعليم الطفل الفرجة
في الدورة الاولى انفتح مركز الفنون الركحية والدرامية المنظم للتظاهرة على الفضاءات الخارجية تحديدا المدارس الابتدائية المحروم اطفالها من الفرجة في المسرح والمواقع الاثرية أيضا، ذلك أن المدارس الابتدائية منبع العلم الاول ورمز النور الذي يتعلم فيه الطفل التونسي ابجديات الحياة، من هذه المدارس العمومية خرج شعراء وكتاب ومسرحيون، هنا في هذه المنظومة تعلمنا الحلم ونجحنا ونريد ان نمرر شعائر الحلم للأجيال القادمة حسب تعبير صالح فالح لـ«المغرب».

في التظاهرة قدمت مجموعة من اجود العروض المسرحية الموجهة للطفل، خمسة مدارس ابتدائية في مناطق ريفية استفاد تلاميذها من الدورة الاولى للمهرجان، هي «الحذايقية» اين قدم عرض «تعويذة قرقورة» اخراج هدى اللموشي و»الدويلات» اذ التقى الاطفال مع عرض موسيقى قدمه الفنان عادل بوعلاق و»عين الديسة» فقدم مركز الفنون الركحية بالمهدية عمله المسرحي الموجه للاطفال «الفينيكس» و»وادي الرمل» ليتلقي الاطفال مع مسرحية تجمع بين النقد والضحكة هي «يد بيد» اخراج الياس اسماعيل وآخر العروض في مدرسة بوعبد الله واللقاء مع «افان» الحالم اخراج شادي الماجري، خمسة عروض مسرحية مميزة وقدمت في ظروف جد صعبة لكن الممثلين اكدوا قدرتهم على التماهي مع الفضاء وإيصال رسائل العرض للأطفال المتشوقين للفرجة. ليلاحقوا معارك حنبعل وأثاره في موقع «زاما» الاثري الذي احتضن فعاليات عرض الاختتام بمسرحية «حنبعل فري فاير» اخراج الطاهر عيسى بلعربي وانتاج مركز الفنون الركحية والدرامية بمنوبة، في زاما لاحقوا اثار حنبعل ورسوخه في ذاكرة الاطفال من ابناء المنطقة وكذلك من زوار موقع اثري شاهد على اشرس معارك حنبعل ضد روما.

في المدارس الريفية التقى التلاميذ بمسرح الطفل ومدارس مختلفة منه، في اريافهم استمتعوا بالضحكة والفرجة ومشاهدة اعمال سترسخ في الذاكرة حتما، تجربة مختلفة عاشها الفنانون ايضا فإقبال الاطفال شحذهم بطاقة من الحب الصادق رغم قساوة ظروف العروض، وعن التجربة يقول الياس اسماعيل مخرج مسرحية «يد بيد» التي عرضت في وادي الرمل في يوم شتوي بارد وممطر «المسرح ابو الفنون، يجمع بين الشعر والادب والموسيقى والرسم والنحت، ومن أفضل المجالات التي تسهم في التربية والتعليم ،هذا الفن المسرحي العظيم مدرسة متكاملة يهذب الذوق ويقدم خلاصة الحكمة البشرية ،عمل جماعي بإمتياز حيث يتعلم الطفل الاندماج ،المسرح يحقق المتعة ويرفه باسلوب راق، يحقق الفن المسرحي داخل فضاء المدرسة حماية اجتماعية وثقافية تحول دون سقوط الطفل في مزالق التطرف ،اي نوع من التطرف ،المسرح يجعله اصيلا محبا لاقرانه ولوطنه.

سنخلق جسر تواصل ثقافي مع أطفال الريف
هم ملح الارض هم زادنا لنحلم، هم بناة تونس الغد هم مستقبل هذا الوطن الصغير، اطفاله حاملو مشعل النور فيه، اليهم توجهت قوافل الثقافة والحياة، الى المدارس الابتدائية توجه مركز الفنون الركحية بسليانة في تظاهرته المسرحية الاولى «في الريف تكون الحياة أصعب، اطفال الريف يحتاجون إلى الفرجة والثقافة، نريدهم جزءا من كياننا الإبداعي، نؤمن ان لهم الحق في الثقافة والمسرح وسنتوجه اليهم بإمكانياتنا لنشعرهم بأنهم جزء من هذا الوطن، هم مواطنون تونسيون ولهم حقوقهم التي ضمنها الدستور وسندافع عنها» كما صرح مدير التظاهرة لـ«المغرب»، ويضيف محدثنا صالح الفالح ان العروض في المدارس الابتدائية والذهاب الى الجمهور في مكانه مغامرة متعبة وجميلة فصكّ الجمال وابتسامة العرفان تلك تزيدنا اصرار وقوة لنواصل الحلم وبناء جسور الابداع في اريافنا المنسية.

في المدارس الابتدائية كان اللقاء بين الجمهور والفنانين مختلفا، اطفال لاول مرة يشاهدون عرضا مسرحيا وآخرين يجتمعون في حلقة قريبة يريدون ملامسة العروسة ومعرفة كيف تتحدث، بعضهم يقبل على «الماريونات» ويحاول تحريكها راسما ضحكة تعجز الكلمات عن توصيفها، للأطفال قدم المسرحيون اعمالهم المسرحية دون تقصير واستغنوا احيانا عن بعض الديكور والإضاءة لضيق المساحة واستغنوا عن المؤثرات التقنية واكتفوا بقدرة الممثل او المحرك على ايصال رسالة عرضه وإسعاد الطفل قبالته يتشارك معه الحلم والضحكة والمتعة، عن التجربة يقول شادي الماجري مخرج عرض «افان «يصبح المسرح أكثر فاعلية و أعظم فنيا حين يندمج بالفعل الإنساني، المسرح يدخل الى اعماق الريف، حيث الغابات والأطفال المحرومون والذين لم يأخذوا فرصتهم ولو لمرة لمشاهدة عرض مسرحي، نتمنى ان تعمّق اللامركزية الثقافية وأن تعمم فكرة الدخول الى عمق الجهات وبث الفرحة في قلوب الأطفال».

المشاركة في هذا المقال