Print this page

الأسماء الحسنى: الغني (2)

• الفرق بين غنى الله وغنى العباد:
غنى الله سبحانه وتعالى هو الغنى الكامل المطابق للمعنى اللغوي: الكفاية والاستغناء وعدم الحاجة،

بينما غنى العباد غنىً نسبي وليس مطلقاً، فقد يستغني أحدنا عن رجلٍ ويكون غير محتاجٍ له، مع حاجته لغيره، ولن يُعدم مخلوقٌ أن يكون محتاجاً لغيره في معونةٍ أو تصرّفٍ أو فعلٍ أو غيرها من الأمور، ولذلك سخّر الله تعالى الخلائق بعضها لبعض. والحاصل أن غنى العباد مشوبٌ بالنقص، أما غنى الله تعالى فهو الغنى الحقيقي عن كلّ شيء، والخلق إليه مفتقرون، قال سبحانه وتعالى: "يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد" فاطر:15.

أدلة هذا الاسم من النصوص الشرعيّة:
ورد اسم الله الغني في كتاب الله مقروناً باسم الحميد" والله هو الغني الحميد" فاطر:15، وباسم الحليم: "والله غني حليم" البقرة:263 ، وبكرمه سبحانه وتعالى: "فإن ربي غني كريم" النمل:40، وبرحمته: "وربك الغني ذو الرحمة" الأنعام:133 .

• آثار الإيمان بهذا الاسم:
أولاً: إدراك كمال الغنى الإلهيّ، وأن جوده يسع الخلائق كلّها دون أن يُنقص ذلك من ملكه شيء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "قال الله عز وجل: يد الله ملأى، لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض، فإنه لم يغض ما في يده" متفق عليه واللفظ للبخاري.
ثانياً: الحرص على طاعة الله سبحانه وتعالى، لأن من كمال غناه أن طاعة الطائعين لا تنفعه، ومعصية العاصين لا تضرّه، إنما مردّ ذلك الأمر كلّه إلى العبد، فإن اتبع الحق فلنفسه، وإن انقاد إلى الباطل فعلى نفسه جنى، قال تبارك وتعالى: " ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين" العنكبوت:6، وفي آية أخرى:" ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر

فإن ربي غني كريم" النمل:40
ثالثاً: التفكّر في اتصاف الله بالغنى يورث العبد التواضع، فلا يتكبّر ويبطر بما آتاه الله من فضله، ولكن يؤدي شكر نعم الخالق عليه ولا يكفر تلك النعم ويجحدها؛ لأنه مهما بلغ من القوة والسطوة، والمكانة والجاه والثروة، فسيظلّ مفتقراً إلى ربّه في جميع حالاته.

المشاركة في هذا المقال